اليوم العالمي للمرأة... "لبنان اتخذ بعض الخطوات الإيجابية لكنه لا يزال متأخراً"

لمناسبة اليوم العالمي للمرأة، حضت "هيومن رايتس ووتش" المرشحين للانتخابات النيابية اللبنانية التي ستُجرى في 6 أيار الالتزام بخمس خطوات أساسية لتعزيز حقوق المرأة. كما على الأحزاب السياسية أن تضمن مشاركة أوسع للنساء في البرلمان عبر إدراج نساء على لوائحها الانتخابية. 

وأشارت الى ان "لبنان اتخذ بعض الخطوات الإيجابية خلال الاعوام الأخيرة باتجاه حماية حقوق المرأة، لكنه لا يزال متأخرا عن بعض البلدان الأخرى في المنطقة في بعض النواحي. ففي 2014 أقر البرلمان قانونا حول العنف الأسري، لكنه احتوى تعريفا ضيّقا للعنف الأسري ولم يجرّم الاغتصاب الزوجي. وفي 2017، ألغى البرلمان المادة 522 من قانون العقوبات، التي كانت تسمح للمغتصبين بالإفلات من العقاب عبر الزواج من الضحية، لكنه أبقى على ثغرة حول الحالات المتعلقة بممارسة الجنس مع الأطفال بين 15 و17، واستدراج فتيات عذراوات لممارسة بالجنس مع الوعد بالزواج".

واعتبرت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش لما فقيه أنه "بالرغم من بعض الإصلاحات الأخيرة، لا تزال القوانين اللبنانية تسمح بوضوح باغتصاب النساء والتمييز ضدهن. على المترشحين للانتخابات النيابية إظهار جديتهم حول حقوق المرأة عبر التعهد باتخاذ خطوات جدية ومحددة لتعديل القوانين التي تظلم النساء".

وأشارت إلى أنه على لبنان إلغاء عدم المساواة في ظل قانون الأحوال الشخصية، منح الجنسية لأطفال النساء اللبنانيات، إلغاء زواج الأطفال، حظر جميع أشكال العنف الأسري، بما في ذلك الاغتصاب الزوجي، إنهاء الاتجار بالبشر، وحماية حقوق عاملات المنازل المهاجرات.

1. قوانين الأحوال الشخصية والجنسية

لا يملك لبنان قانونا مدنيا يغطي أمورا مثل الطلاق وحقوق الملكية ورعاية الأطفال، إنما ثمة 15 قانونا دينيا مختلفا تحكم الأحوال الشخصية. جميع هذه القوانين ضد المرأة ولا تضمن حقوقها الأساسية. تدير محاكم دينية مستقلة هذه القوانين بدون إشراف الحكومة، وغالبا ما تصدر أحكاما تنتهك حقوق المرأة. وبعكس الرجال اللبنانيين، لا تستطيع النساء اللبنانيات منح الجنسية لأطفالهن أو أزواجهن الأجانب. على المترشحين للانتخابات الالتزام بإقرار قانون للأحوال الشخصية يضمن معاملة جميع المواطنين بمساواة، وتعديل قانون الجنسية اللبناني ليضمن إمكانية منح المرأة الجنسية لأطفالها. مع الاشارة الى ان الجزائر، مصر، موريتانيا، المغرب، تونس واليمن تقدم جميعها حقوقا متساوية للنساء والرجال في منح الجنسية للأطفال.

وقالت فقيه: "عبر إعطاء إدارة أمور الأحوال الشخصية للمحاكم الدينية بدون ضمان المساواة أو الإشراف، فشل البرلمان تماما بحماية حقوق المرأة. من المعيب ألا تستطيع النساء اللبنانيات إعطاء الجنسية لأطفالهن، ما يحرم أطفالا من المواطَنة ويعرض بعضهم لخطر البقاء بدون جنسية".

2. زواج الأطفال

لا يحدد لبنان السن الأدنى للزواج، بل المحاكم الدينية هي التي تحددها بموجب قانون الأحوال الشخصية، والتي يسمح بعضها بتزويج فتيات بسن 15 سنة. قدم بعض أعضاء البرلمان قوانين عدة لتحديد السن الأدنى للزواج بـ 18 سنة – مع أن بعضها يسمح بالزواج في سن 16 سنة بموافقة قاضٍ – لكن البرلمان لم يقر أيا منها. على المترشحين التعهد بإقرار قانون يحدد سن الزواج بـ 18 سنة. ويتخلّف لبنان عن العديد من بلدان المنطقة التي حددت الحد الأدنى للزواج بسن 18 سنة، منها الجزائر ومصر والعراق والأردن وليبيا والمغرب وعمان وتونس والإمارات.

ولفتت فقيه أن الزواج المبكر "قد يؤدي إلى عواقب تستمر مدى الحياة، وهو يعني بالعادة توقّف تعليم الفتاة ويزيد من تعرّضها لخطر الاغتصاب الزوجي والعنف الأسري والاستغلال والمشاكل الصحية. لا يمكن تبرير أن البرلمان لم يتدخل حتى الآن لحماية الفتيات وإنهاء الفوضى الحالية التي تثيرها القوانين غير المتناسقة وغير المناسبة".

3. العنف الأسري والتحرش الجنسي

أقرّ قانون العنف الأسري لعام 2014 تدابير حماية مهمة وما يتصل بها من إصلاحات أمنية وقضائية. لكن القانون اعتمد تعريفا ضيقا للعنف الأسري ولم يجرّم الاغتصاب الزوجي. كما لا يطلب من المحاكم الدينية الالتزام بقرارات المحاكم المدنية في ما يتعلق بالعنف الأسري، ما يجعل المرأة أسيرة زواج سيء. تصدر بعض المحاكم الدينية قرارات طاعة ضد النساء تجبرهن على العودة إلى المنزل الزوجي. وهناك أجزاء من القانون لاتزال تنتظر التطبيق مثل إنشاء وحدات العنف الأسري ضمن قوات الأمن الداخلي وصندوق لمساعدة الناجيات من العنف الأسري. في نفس الوقت، قدم نواب مسودات متعددة لقوانين حول التحرش الجنسي، لكن البرلمان لم يفعل أي شيء بعد بهذا الخصوص. لذا على المرشحين التعهد بدعم تعديل هذا القانون لإنهاء جميع أشكال العنف الأسري وضمان أن يكون تعريف الاغتصاب شاملا وألا يستثني الاغتصاب الزوجي. كما عليهم التعهد بإقرار قانون ضد التحرش الجنسي.

وقالت فقيه: "شكّل قانون العنف الأسري في لبنان خطوة أولى مهمة لكنه لا يزال ناقصا. وعلى المرشحين التعهد بإنهاء الأمر وسدّ الثغرات القانونية التي لا تزال تسمح بالعنف ضد النساء".

4. الإتجار بالبشر

عدم التنسيق الحكومي في الاستجابة إلى الاتجار بالجنس عرّض النساء والفتيات للخطر. النساء السوريات معرضات أكثر من غيرهن لإجبارهن على ممارسة الدعارة القسرية والاستغلال الجنسي في لبنان. على المترشحين للانتخابات دعم تطبيق أكثر فاعلية للقوانين ضد الإتجار وعدم تجريم العمل الجنسي الذي يحصل بالتراضي كي تتمكن ضحايا الإتجار من التبليغ عن الجرائم للسلطات دون الخوف من التوقيف.

وفي هذا السياق رأت فقيه أن "الإتجار بالجنس وصمة عار على سمعة لبنان، والحكومة لم تقم بما يكفي للقضاء على هذه الجريمة. من هنا على المرشحين التعهد بإزالة الحواجز أمام التبليغ عن الإتجار وبتأمين الدعم للناجيات".

5. عاملات المنازل المهاجرات

يوجد نحو 250 ألف عامل منزلي مهاجر في لبنان، أغلبهم نساء، مستثنون من حماية قانون العمل وخارج نقاشات حقوق المرأة. أصبح لبنان أكثر نشازا في هذه المسألة بما أن أغلب البلدان التي تقصدها عاملات المنازل المهاجرات أقرت قوانين مماثلة. يضع نظام الكفالة العاملات المهاجرات تحت رحمة قوانين مقيِّدة تمنعهن من ترك عملهن أو تغييره دون موافقة صاحب العمل/الكفيل، ما يعرضهن لخطر الاستغلال وسوء المعاملة. على المترشحين التعهد بتوسيع حماية قانون العمل لتشمل عملات المنازل المهاجرات وتعديل نظام الكفالة بحيث لا تعود تأشيرات العاملات مرتبطة بأفراد، كي يتمكن من ترك عملهن بدون موافقة الكفيل.

ووفق فقيه فقد "تم توثيق تقارير عن سوء معاملة متزايد ضد عاملات المنازل المهاجرات في لبنان، ويحق لهنّ الحصول على نفس الحماية كالآخرين. لذا على المرشحين إنهاء الإطار القانوني الذي يسهّل الاستغلال وسوء المعاملة".