"ألسنة النيران لفحتها"... ترامب قد لا يتخلّى نهائيّاً عن هيكس

جورج عيسى

نفت المتحدّثة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز الأخبار التي تحدّثت عن أنّ خطوة هيكس مرتبطة بملفّ التدخّل الروسيّ، وتحديداً بجلسة الاستماع المغلقة التي عقدتها لجنة المخابرات في مجلس النوّاب يوم الثلاثاء الماضي والتي تمّ فيها استجواب هيكس حول هذا الموضوع. ولم تجب هيكس عن بعض الأسئلة ممّا دفع النائب الديموقراطيّ مايك كويغلي إلى القول إنّ المقرّبين من ترامب الذين يخضعون للتحقيق "ينفّذون تعليمات البيت الأبيض بعدم الردّ على بعض الأسئلة". واستمرّت الجلسة "الماراثونيّة" بحسب تعبير صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانيّة تسع ساعات رفضت من خلالها هيكس الإجابة لا عن أسئلة متفرّقة بل عن "مجالات بأكملها" كما قال النائب الديموقراطيّ آدم سكيف.


“home alone”

كتب ستيفن كولينسون في موقع شبكة "سي أن أن" أنّ استقالة مديرة الاتصالات ستجعل ترامب يشعر بمزيد من الوحدة في البيت الأبيض، مستخدماً عبارة “home alone” في إشارة إلى الفيلم الشهير الذي ظهر فيه ترامب منذ أكثر من ربع قرن. ونقل عن مديرة التواصل السابقة في عهد باراك أوباما جنيفر بساكي قولها إنّ رحيل أشخاص مثل هيكس عن البيت الأبيض يترك "فراغاً عاطفيّاً". لكن على الرغم من العلاقة الوطيدة التي جمعت بين الرئيس الأميركي الحالي ومديرة الاتصالات لديه، يمكن أن تكون خلافات قد دبّت بينهما نتيجة لما دار في جلسة الاستجواب بحسب تقرير آخر للشبكة نفسها. فقد سلّطت الضوء على أنّ ترامب وبّخ هيكس بعدما اضطرّت للقول في الجلسة إنّه توجّب عليها أحياناً أن تخبر ترامب "أكاذيب بيضاء" وهو أمر عاد البيت الأبيض لينفيه.


"الكلّ يكره الكلّ"

في مجلّة "نيويوركر" الأميركيّة شنّ دايفد رمنيك هجوماً لاذعاً ضدّ الرئيس الأميركيّ معتبراً أنّه في "العالم الأخلاقي" للبيت الأبيض الذي يديره ترامب، لم تكن خطيئة هيكس في أنّها كذبت بل في أنّها اعترفت بذلك. ونقل رمنيك عن تغريدة ماغي هابرمان من صحيفة "التايمز" البريطانيّة إشارتها إلى أنّ الأكاذيب البيضاء لم تكن السبب في ذلك، بل يمكن أن يكون تعبها من الوقوف بجانب ترامب لثلاث سنوات تقريباً. وذكرت حادثة محاولة تغطيتها أفعال روب بورتر وهو مسؤول سابق في البيت الأبيض حين اتهّمته زوجتاه السابقتان بالاعتداء عليهما. وكانت هيكس على علاقة عاطفيّة ببورتر. وأشار أكثر من تقرير إلى علاقتها بالأخير لكنّ استقالتها بعد يوم واحد على جلسة الاستجواب المطوّلة تجعل من تداعيات علاقتها العاطفيّة المفترضة سبباً ثانويّاً على الأرجح في قضيّة مغادرتها منصبها. لكن في نهاية المطاف، توقّع رمنيك أن تتحدّث هيكس أكثر عن تجربتها بعدما تكون قد ابتعدت فعلاً عن البيت الأبيض حيث "الكلّ يكره الكلّ" بحسب تعبيره.


هوب هيكس وكيليان كونواي.(أف ب)

إنّ استقالة هيكس (29 سنة) من منصبها لم تخلق جوّاً إشكاليّاً مرتبطاً فقط بالأسباب التي دفعتها إلى اتّخاذ قرارها الأخير. إذ لم تستطع لورا ماكغان الامتناع عن توجيه نقد قاسٍ إلى عدد من وسائل الإعلام الأميركيّة البارزة تعليقاً على مسيرتها المهنيّة حين كانت في عمر المراهقة. ماكغان، وفي موقع "فوكس" الأميركيّ، انتقدت "نيويورك تايمس" و "واشنطن بوست" و "أن بي سي" وغيرها الكثير من وسائل الإعلام التي كتبت عن هيكس "عارضة الأزياء" ومسؤولة العلاقات العامّة في شركة "رالف لورين". لكنّ الكاتبة تلفت النظر إلى أنّ هذه الوسائل الإعلاميّة لم تذكر أنّها تركت منصبها في السادسة عشرة من عمرها، وأنّ الإعلام لم يركّز على عمل الرجال الذين استقالوا من البيت الأبيض حين كانوا في المرحلة الثانويّة من دراستهم. وأكّدت أنّ هيكس ليست فوق المساءلة، لكن من أجل ذلك، يجب التخلّي عن الإيحاءات الجندريّة التي تتحدّث دوماً عن وظيفة عرض الأزياء التي كانت تشغلها في سنّ المراهقة.


"دعم نادر ومطمئن"

إنّ استقالة هيكس المتزامنة مع استمرار التحقيقات الفيديراليّة في احتمال تورّط حملة ترامب مع مسؤولين روس خبر سلبيّ بالنسبة إلى البيت الأبيض بالتأكيد. غير أنّ هذه التحقيقات ليست حدثاً جديداً على عكس خبر الاستقالة الذي ترك آثاره العاطفيّة السيّئة على الرئيس الأميركيّ. فالمشكلة مرتبطة حتماً بالتوقيت وبالأسباب لكنّها حاليّاً مرتبطة أيضاً وبشكل أوثق بالناحية العاطفيّة لترامب الذي فقد شخصاً وثق به كثيراً خلال المرحلة الماضية. يذكر فيليب إليوت في مجلّة "تايم" الأميركيّة يكتب أنّها كانت "دعماً نادراً ومطمئناً" للرئيس الأميركيّ في وجه وافدين جدد إلى البيت الأبيض لم يكن على معرفة بهم. حتى أنّها أعطت رأيها في السياسة الخارجيّة والداخليّة وإدارة الحكومة. وينقل عن مسؤول في البيت الأبيض قوله: "حين أحتاج من الرئيس أن يأخذ موضوعاً بجدّيّة، أطلب من هوب أن ترسله إليه". وشدّد المسؤول على أنّ الرئيس يستمع للموضوع الذي تتحدّث عنه إليه لأنّ ترامب "يعلم أنّها لا تضيّع وقته".


هوب هيكس.(أ ف ب)

لكنّ تأثير هيكس لن ينتهي عند هذا الحدّ، على الأقلّ بالنسبة إلى إليوت. فإنّ من يحوزون على ثقة ترامب سيعاود الاتّصال بهم لأخذ نصيحتهم في مسألة معيّنة. واستبعد حتى ألّا يكون لديها تأثير في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة حين يعدّ ترامب حملته للولاية الثانية.