بان كي مون طالب السلطات اللبنانية باتخاذ "كل الإجراءات الضرورية" لنزع سلاح "حزب الله"

نيويورك – علي بردى

حض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون الزعماء اللبنانيين على "تقوية" المؤسسات الوطنية والتصرف "بطريقة تحمي لبنان من أثر الأزمة السورية"، مضيفاً في أحدث تقرير له عن تنفيذ القرار 1559، أنه "من الحرج" تأليف حكومة جديدة لمواجهة التحديات التي تواجهها البلاد. وإذ أشاد بـ"جهود الرئيس ميشال سليمان للحفاظ على سياسة النأي بالنفس"، دعا الجميع الى "المحافظة على مبادىء بيان بعبدا". وأبدى "قلقاً عميقاً" من مشاركة "حزب الله" الصريحة في القتال داخل سوريا، حض الحكومة والجيش على اتخاذ "كل الإجراءات الضرورية" لمنع هذا الحزب من حيازة الأسلحة وبناء قدرات شبه عسكرية خارج سلطة الدولة، علماً أن "الطريقة الفضلى للتعامل مع نزع أسلحة الميليشيات في لبنان، وتحديداً حزب الله، هي عبر عملية سياسية عابرة للأحزاب بقيادة لبنانية". وطالب الدول الإقليمية التي لديها صلات وثيقة بالحزب بتشجيعه على التحول "حزباً سياسياً صرفاً وتجريده من السلاح". وكذلك حض على تنفيذ القرارات السابقة للحوار الوطني، وتحديداً تلك المتصلة بتفكيك القواعد العسكرية لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة" و"فتح الإنتفاضة"، لافتاً الى أن "الأزمة السورية ينبغي ألا تستخدم كذريعة لتجاهل هذه المسؤوليات، بل يجب أن تكون حافزاً" للقيام بهذه المهمة.


وجاء في خلاصات التقرير النصف السنوي الثامن عشر المؤلف من 53 فقرة في 11 صفحة والذي يعده الموفد الخاص للأمم المتحدة الى لبنان تيري رود لارسن أن الأمين العام "لا يزال خائباً من الإفتقار الى المزيد من التقدم في اتجاه تنفيذ البنود المتبقية من القرار 1559"، مشيراً الى أن "لبنان يواصل مواجهة تحديات خطرة لاستقراره وأمنه، داخلياً وعلى طول حدوده مع سوريا، بما في ذلك من تهريب الأسلحة ومن التدفق الإضافي للاجئين". وقال إنه "قلق من أن الجمود المتواصل في تنفيذ القرار 1559 يمكن أن يقود الى تبديد البنود المنفذة أصلاً والمساهمة في زيادة التدهور في استقرار لبنان". واعتبر أن "العنف في أجزاء من لبنان خلال فترة اعداد التقرير، بما في ذلك التفجيرات الإرهابية الكبيرة في بيروت وطرابلس، يسلط الضوء أكثر على ضرورة تجديد الوحدة والتصميم عبر الطيف السياسي لتلافي الإنزلاق الى الحرب"، مؤكداً أنه "ينبغي ألا تكون هناك عودة الى الإفلات من العقاب في لبنان وأولئك المسؤولين ينبغي جلبهم الى العدالة".
وأسف بان لأن "الإتفاق لم يكن ممكناً على قانون انتخابي جديد" لمجلس النواب، مضيفاً أنه "من أجل الثقة والإستقرار في لبنان، وكي يستمر التقليد الديموقراطي العريق فيه، لا بد أن تعاود الأحزاب السياسية الجهود للتوافق ترتيبات للإنتخابات النيابية". ولفت الى أنه "للتعامل مع التحديات التي يواجهها، من البديهي أن لبنان يحتاج الى حكومة متمكنة"، مذكراً بأن "الإجماع المبدئي بين الأحزاب السياسية في شأن اختيار رئيس الوزراء المكلف تمام سلام وجه اشارة ايجابية الى الشعب اللبناني والمجتمع الدولي". وشجع زعماء لبنان على "اتمام تشكيل الحكومة من دون المزيد من التأخير"، علماً أنه "من المهم أن يحظى الرئيس والوزراء في حكومة تصريف الأعمال بالدعم خلال سعيهم الى التعامل مع أكثر المواضيع الضاغطة، وتحديداً ما يتعلق بالقضايا الأمنية والإنسانية"، كما أنه "من الحرج أن يقوي زعماء لبنان المؤسسات الوطنية وثقة كل المجموعات بأنهم سيتصرفون بطريقة تحمي لبنان من أثر الأزمة السورية". وشدد على أن "التأليف الملح للحكومة حرج بالتحديد في سياق الأزمة الإنسانية" ولأن لبنان وشعبه "يستحقون أعلى التقدير على الطريقة التي أبقوا فيها الباب مفتوحاً للسوريين وفي غالبية الحالات للاجئين الفلسطينيين الفلسطينيين الفارين من العنف في سوريا". وإذ ذكر بالنداء الذي أطلقته الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية ضمن خطة الرد الإقليمية في 7 حزيران الماضي، دعا كل الحكومات والصناديق الى "توفير مساعدة سخية من دون ابطاء".
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة عن "قلقه العميق من التقارير عن تمادي التوترات داخل لبنان في سياق الأثر المستمر للأزمة السورية على الأمن والديناميات السياسية في البلاد"، مندداً بـ"الحوادث التي أفيد عن مقتل أو جرح مدنيين فيها، أو تلك التي عرضت للخطر الجانب اللبناني بسبب أعمال السلطات السورية"، مطالباً هذه الأخيرة بـ"احترام سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وفقاً للقرار 1559". وكذلك أبدى "القلق العميق من المشاركة الأكثر صراحة لحزب الله في القتال في سوريا"، مطالباً "الجميع في المنطقة بالتصرف بمسؤولية والعمل على خفض حدة التصريحات وتهدئة التوترات في المنطقة"، مشدداً على أنه "يعارض بثبات نقل الأسلحة والمقاتلين من لبنان الى سوريا لأي من الأطراف فيها".
وشجع على "التمسك الحازم ببيان بعبدا"، داعياً جميع الزعماء اللبنانيين والأحزاب اللبنانية الى تجديد التزامهم اياه وابقاء لبنان سالماً من الحرب". وأضاف أن لديه "قلقاً متساوياً من التهديدات التي يطلقها لاعبون خارجيون لنقل قتالهم الى لبنان رداً على تورط حزب الله في سوريا والدعوات من داخل لبنان للانخراط في الجهاد في سوريا" لأن ذلك "يشكل أخطاراً حقيقية على الأمن والإستقرار الوطنيين". وأشاد بـ"جهود الرئيس ميشال سليمان للحفاظ على سياسة النأي بالنفس"، داعياً الجميع الى "المحافظة على مبادىء بيان بعبدا".
وحذر بان من أن "الإنتشار الواسع للأسلحة خارج سيطرة الدولة، معطوفاً على استمرار وجود الميليشيات المدججة بالسلاح، يقوض أمن المواطنين اللبنانيين"، مضيفاً أن "احتفاظ حزب الله بقدرات عسكرية كبيرة معقدة (...) لا يزال مبعث قلق بالغ، ولا سيما لأن ذلك يوجد جواً من الترهيب ويمثل تحدياً رئيسياً لسلامة المدنيين اللبنانيين واحتكار الحكومة استخدام القوة"، وهو أيضاً "يشكل تهديداً للإستقرار والسلم الإقليميين". وحض الحكومة اللبنانية والقوات المسلحة اللبنانية على "اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لمنع حزب الله من حيازة الأسلحة وبناء قدرات شبه عسكرية خارج سلطة الدولة، في انتهاك للقرار 1559"، مطالباً "الدول الإقليمية التي لديها صلات وثيقة بحزب الله بتشجيعه على تحويل الجماعة المسلحة الى حزب سياسي صرف وتجريده من السلاح".
وكرر أنه يعتقد أنه "الطريقة الفضلى للتعامل مع نزع أسلحة الميليشيات في لبنان، وتحديداً حزب الله، هي عبر عملية سياسية عابرة للأحزاب بقيادة لبنانية"، مضيفاً أنه "من الحيوي معاودة الحوار الوطني بقيادة الرئيس سليمان، بما في ذلك على مسودة استراتيجية الدفاع الوطني التي قدمت في الجلسة الأخيرة في أيلول 2012". وكذلك حض كل الأطراف على "احترام وتنفيذ القرارات السابقة للحوار الوطني، وتحديداً تلك المتصلة بنزع أسلحة الجماعات غير اللبنانية وتفكيك القواعد العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة وفتح الإنتفاضة"، لافتاً الى أن "الأزمة السورية ينبغي ألا تستخدم كذريعة لتجاهل هذه المسؤوليات، بل يجب أن تكون حافزاً" للقيام بهذه المهمة.
وأسف لـ"غياب أي تقدم في تعليم الحدود وترسيمها مع سوريا"، معبراً عن اعتقاده بأن "الإدارة الحدودية المتكاملة ستساهم جوهرياً على المدى البعيد في السيطرة الأفضل على الحدود الدولية للبنان وتساعد على منع النقليات غير القانونية للأسلحة في الإتجاهين". وندد باستمرار الإنتهاكات الإسرائيلية لسيادة لبنان وسلامة أراضيه، وخصوصاً الطلعات الجوية الإسرائيلية في أجواء لبنان. وطالب اسرائيل بـ"الإنسحاب من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمال الخط الأزرق".
وقال إن "الأحداث الأمنية عبر لبنان، بما في ذلك التفجيرات الإرهابية، تسلط الضوء أكثر على هشاشة الأجواء المحلية وحاجة السلطات اللبنانية الى تكثيف الجهود لمنع الإستخدام غير القانوني للأسلحة في البلاد، وفرض القانون والنظام، والحيلولة دون العودة الى الإفلات من العقاب"، علماً أن "هذه الجهود تبقى أكثر الحاحاً نظراً الى الغموض السياسي في لبنان والآثار المتواصلة للأزمة السورية". وإذ أشاد بالقوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي، أكد أنه "من الضروري إشاعة روح التعاون واحترام مبادىء العيش المشترك والأمن في لبنان، كما يجب المحافظة على السلم الداخلي من دون ترهيب من الجماعات المسلحة". وأبدى "تشجعه لأن مجموعة الدعم الدولية للبنان (...) أكدت الوحدة الدولية في دعم استقرار لبنان".