"سوتشي" يخرج بلجنة دستورية تقود عملها الأمم المتحدة

خرجت الأمم المتحدة، بشخص المبعوث الخاص ستافان دي مستورا، الرابحة الكبرى من انعقاد مؤتمر "سوتشي" الذي انتهى بتشكيل لجنة "لإصلاح الدستور" ستديرها وترعى عملها الأمم المتحدة كجزء من مسار جنيف السياسي. 

ولن يتأخر دي مستورا، بحسب أوساط أممية في جنيف، عن البدء بتنظيم عمل هذه اللجنة بعد انعقاد مؤتمر أستانا نهاية شباط المقبل، وبالدعوة أيضاً لعقد جولة جديدة من المفاوضات السياسية بين وفدي الحكومة والمعارضة في جنيف على أن يكون عمل هذه اللجنة، بحسب نتائج سوتشي والإعلان الروسي في ختام المؤتمر، جزءاً من مسار جنيف.

وستضم اللجنة أطرافاً سوريين متعددة تعكس أولاً من المشاركين في المؤتمر الروسي، ويضاف اليها شخصيات من المعارضة التي غابت عن المؤتمر (وفد هيئة التفاوض)، مما يعني أن المبعوث الأممي سيحقق أخيراً ما عمل عليه طوال الفترة الماضية، أي وضع الحكومة السورية والمعارضة المنبثقة من مؤتمر الرياض 2 وجهاً لوجه، وإن على مستوى لجان عمل، لبحث ملف الدستور، أو السلة الثانية، بحسب ترتيب سلات دي مستورا الاربع.

لكن الأمر لن يكون بهذه السهولة، إذ كيف ستتعاطى المعارضة التي قاطعت سوتشي مع ما نتج منه في العملية التفاوضية، وكيف ستتلقف الدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة، نتائج مؤتمر رفضته كجزء من مسار جنيف.

وستتشكل "لجنة الإصلاح الدستوري" خلال الفترة المقبلة من 150 شخصية رشحوا انفسهم ليكونوا جزءاً من هذه اللجنة. لكن، هذه اللجنة ليست نهائية ومن المقرر أن تشكّل لجنة أكاديمية ومن الخبراء الدستوريين، وستعمل على إصلاح الدستور الحالي الذي وضع عام 1973 وأعيدت صياغته عام 2012، وسيجري عمل اللجنة في ضياغتها الجديدة استناداً الى البيان الختامي الذي صدر عن سوتشي (نشرت "النهار" مسودته في موقعها في 28 كانون الثاني الجاري) ويتضمن أساساً ورقة البنود الـ12 التي وضعتها الامم المتحدة بداية العام الماضي وسلمتها للوفود المشاركة في مفاوضات جنيف معدلةً في الجولة السابعة في تشرين الاول الماضي.

البيان الختامي والبنود الـ12

ويتضمن البيان الختامي مبادئ أساسية كالالتزام بوحدة سوريا واستقلالها ووحدة أرضها وشعبها، مؤكداً على أنه "لا يجوز التنازل عن أي جزء من سوريا ويلتزم الشعب استعادة الجولان المحتل بكل الوسائل القانونية، ويقرر الشعب السوري وحده مستقبل بلده بالوسائل الديموقراطية ومن طريق صناديق الاقتراع، ويحق للشعب السوري الحق الحصري في اختيار نظامه السياسي من دون ضغط خارجي.

كما شدد البيان الختامي على أن سوريا دولة ديموقراطية غير طائفية تقوم على التعددية السياسية والمواطنة المتساوية، إضافة إلى بناء جيش ومؤسسات أمنية قوية وموحدة تقوم على الكفاءة وممارسة واجباتها وفقاً للدستور، كما شدد البيان على الالتزام بمكافحة كل أشكال الإرهاب والتعصب والتطرف والطائفية ومعالجة أسباب انتشارها، كما أكد على احترام حقوق الإنسان والحريات العامة ومساواة الجميع بغض النظر عن الدين والعرق والجنس والهوية".

وقال رئيس الوفد الروسي للقاءات أستانا، ألكسندر لفرينتيف، أن قائمة المرشحين للجنة الاصلاح الدستورية ستنقل الى دي مستورا، مشدداً في مؤتمر صحافي عقده في ختام المؤتمر أن مهمة روسيا في هذا المؤتمر هي المبادرة الى احياء العملية السياسية و"كنا نسعى في هذا المؤتمر لدعم الحوار في جنيف انطلاقاً من التقيد بالقرار الاممي 2254، وواثقون بأن النقاش الذي جرى سيدعم عملية السلام في جنيف"، ودعا المجتمع الدولي الى العمل من اجل انجاح عملية جنيف، و"نحن نمنح دي مستورا زمام السلطة لإدارة الحوار السوري السوري".

مقاطعة ومشادات خلال الجلسة

وسجلت خلال الجلسة العامة مشادات بين المشاركين عندما ردد البعض شعارات مناهضة لروسيا خلال إلقاء وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف كلمته الافتتاحية متهمين روسيا "بقتل الشعب السوري ومشاركة النظام في الجريمة"، ورد مشاركون آخرون بشعارات رحبت بالدور الروسي في سوريا، كما حصلت مشادات أخرى حول من يرأس الجلسة العامة، وكانت مجموعة من ممثلي المعارضة المدعومين من تركيا قد رفضت الخروج من مطار سوتشي الى مقر المؤتمر بسبب رفع العلم السوري الحالي، وطالبوا بإزالة الأعلام وكل اللافتات التي تخص الحكومة الروسية، وعندما لم تنفذ مطالبهم عادوا الى انقرة، ووصف لافرينتيف مطالب هؤلاء "بالتدخل السافر" في الشؤون الروسية من خلال هذه المطالب، قائلاً إن "البعض وهم من الذين حضروا من انقرة، أرادوا احباط المؤتمر وليس المشاركة فيه".

ونقل لافروف الى المشاركين رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال فيها إن الاجواء مواتية لأن تطوي سوريا صفحة مأسوية في تاريخها.

العريضي: روسيا نجحت في تشويه طبيعة الصراع

وفي أول رد على المؤتمر الروسي، قال يحيى العريضي المتحدث باسم وفد المعارضة إن المؤتمر "نجح بتشويه صورة ما يحصل في سوريا من خلال اظهار المشكلة وكأنها بين مجموعات سورية وليس بين الشعب السوري والنظام"، ورأى أنه كان على روسيا، اذا أرادت فعلا ان تساهم في الحل، أن تدعم مسار جنيف من "خلال الضغط على النظام لانخراطه جدياً في المفاوضات".

وحول تعاطي المعارضة مع نتائج سوتشي، قال العريضي إن أي شيء نتج من سوتشي ان لم يكن عمله تحت مظلة الامم المتحدة و"تحت مظلة القرار 2254 فلن يكون له أي قيمة بالنسبة لنا".