لا شيء جدياً يشي بأن قانون العفو قريب

تشكو مراجع معنية بأمر التوقيفات عدم اتساع مقار الاحتجاز في النظارات والتوقيف في السجون بعدما زادت ثلاثة اضعاف في بعض الاماكن، ما جعل لبنان امام مشكلة اكتظاظ غير مسبوقة في اماكن التوقيف تحتاج الى حل، ولو جزئيا، لتخفيف هذا الضغط المربك. وباشرت هذه المراجع اتصالات تمهيدا لحل المشكلة. وعلى سبيل المثال، فإن نظارة المحكمة العسكرية المعدّة لتتسع 40 موقوفا، تستقبل حاليا 110 موقوفين. هذا الاكتظاظ غير جائز من الناحية الانسانية في الدرجة الاولى، ومن ناحية الانفاق وقدرة الاستيعاب في الدرجة الثانية.

وتقترح احداث نظارات بديلة حلا مرحليا يستوعب الفائض من الموقوفين في انتظار الفرج، باعتبار ان الامر لا يجوز ان يبقى على ما هو. ويأتي اقتراح هذا الاتجاه في ظل تكاثر الكلام على نية اصدار قانون عفو قريبا في ملف جنح وجنايات يتضمن استثناءات. وتزامن هذا الكلام مع ارجاء عدد لا بأس به من المحاكمات امام القضاء العسكري لعدم اكتمال الخصومة، سواء لغياب وكلاء دفاع او لعدم سوق موقوفين، وهو ما حمل احد قضاة النيابة العامة على التعليق على قوس المحكمة: "كلهم ينتظرون العفو العام". وأحد هذه الارجاءات تسبب بإصدار قرار خلال هذا الاسبوع على قوس المحكمة العسكرية بمنع أحد المحامين من الدخول اليها ثلاثة اشهر. الارجاء تناول ملفا يضم عددا من الموقوفين. تغيب اثنان من وكلاء الدفاع عن الموقوفين، وحددت موعد الجلسة التالية في حزيران المقبل، وهو ما اعتبره احد المحامين الوكيل عن احد الموقوفين في الملف ظلما. واجابه رئيس المحكمة العميد حسين عبدالله بأن الهيئة جاهزة للسير بالمحاكمة، لكن تعذر اكتمال الخصومة يحول دون الانطلاق في الجلسة. وتطور الامر الى اصدار هذا القرار. 

مصادر معنية في التحضير لشق من ملف العفو لدى اقراره، لمّحت الى ان لا شيء جديا حتى الآن يشير الى ان قانون العفو سيأخذ طريقه على الصعيد العملي. فثمة تحضيرات يقتضي الإعداد لها وتستدعي وقتا لإنجازها، ولا تتم بكبسة زر، بخلاف ما يتطلبه إقرار هذا القانون لدى التوافق السياسي عليه. والحالتان تنتفيان الى الآن، رغم أن اصداء تربط صدوره باستحقاق الانتخابات النيابية. وتدرج هذه المصادر الكلام عن حتمية صدور هذا القانون في خانة مقولة معهودة في المواسم الانتخابية اينما حلّت، حيث يَكثر الكلام والشائعات. ولا تخفي اعتقادها ان صيغة العفو المطروحة دونها صعوبات عملانية راهنا، رغم انها مصحوبة باستثناءات قضايا جنائية كبيرة. صحيح ان العفو من شأنه ان يحل مشكلة الاكتظاظ في السجون، الا انها ابدت خشية على الانجازات الامنية وخصوصا ان الحركات الارهابية لم تندمل بعد، متساءلة الى اي مدى يمكن ان يكون نضج ذهنيا موضوع عودة لبنانيين من اسرائيل؟ وكيف السبيل الى التصنيف في قضايا المخدرات؟ وانطلاقا من هذا التفسير، الأنجع هو اصدار قانون عفو يطال الجنح فحسب، بما فيها وثائق الاتصال وتعاطي المخدرات، ويستثنى منها الجنح الشائنة. وهذا الاتجاه من شأنه ان يشمل مئات الموقوفين والملاحقين في مختلف المناطق ويحل مشكلة الاكتظاظ في السجون ويخفف الاختناق القضائي في قصور العدل. وفي عينة على ذلك، ثمة اربعة آلاف ملف بجنح امام المحكمة العسكرية في مقابل الف و200 ملف جنائي. وينسحب الامر ايضا على قصور العدل.

هذا ما يحصل على صعيد قانون العفو في الواقع العملاني الذي يختلف عن الواقع السياسي طبعا.