حتى المياه باتت من توقيع... إيلي صعب!

موريال جلخ

... في كل مرة، يعود السؤال عينه: ترى، من أين يأتي بكل هذا الإبداع؟ وكيف يمكنه أن يدهشنا مجدداً، وعلى مر سني عطاءاته المذهلة؟ هذا ما يظهر جلياً في كل حدث أو مشروع يقوم بتنفيذه، وهذا ما يؤكد لجميع عشاقه أنها لم تكن مصادفة أن يصل، بخطوات ثابتة، إلى مرتبة أحد أشهر مصممي القرن الحادي والعشرين.
واليوم، محطة جديدة تستقطب الأضواء في مسيرة المصمم اللبناني العالمي إيلي صعب. الحدث؟ إطلاق شركة "إيفيان" العالمية قنينة مياه من تصميم وتوقيع دار إيلي صعب. الزمان: الأولى بعد ظهر اليوم بتوقيت باريس. أما المكان فهو فندق "Four Seasons" ،George V"، ضمن حفل غداء يضم وسائل اعلام عالمية، الى جانب ادارة شركة "ايفيان".
إذاً، من التصاميم التي تذوب أمامها كل النساء، إلى الإكسسوارات، ومن ثم اطلاق "عطر ايلي صعب" في نيسان 2011، تخوض دار المصمم العالمي تجربة فريدة من نوعها، كما يوضح صعب في هذا اللقاء مع "النهار".


اعتادت شركة "إيفيان" أن تتعاون مع مصممين عالميين ليبتكروا تصميماً خاصاً بهم لإحدى زجاجاتها، على أن يتم تسويقها لفترات محدودة، وبكميات محدودة طبعاً. كبار المصممين خاضوا التجربة، من جان - بول غوتييه إلى كريستيان لاكروا وبول سميث. وقبل نحو سنة، اختارت الشركة الفرنسية دار ايلي صعب ليرسم التصميم الجديد، وخصوصاً بعدما لمست قدرته الإبداعية القادرة على الجمع بين نقاوة مياه "ايفيان" والتصميم المرهف والأنيق لصعب.
ووفق شركة "ايفيان"، فهي قررت التعامل معه لأنه معروف بتصميم ازياء انيقة تبرز قامة المرأة بكامل روعتها، وتبقيها متألقة دائماً. وفي هذا السياق قال مارتن رينو، رئيس "إيفيان فولفيك العالمية": "نحن متشوقون للغاية أن نرى قارورتنا وهي تحمل تصميم إيلي صعب. لقد قام هذا المصمم المحترف بوضع تصميم فريد ومتألق من الدانتيل ليزين به النسخة المحدودة من القارورة الزجاجية الجديدة، بأسلوب يعكس بكل أناقة نقاوة القنينة ويسلّط الضوء على تفرّد مياه ايفيان وغناها".
عندما تسأل ايلي صعب عن روحية التصميم الذي تُزاح عنه الستارة اليوم، يوضح لك بداية أن كل ما أراده هو "وضع لمساتي الشخصية على هذه الزجاجة"، كاشفاً أنه لم يغيّر الشعار بلونه الأحمر بل ابقاه على حاله.
يُبدي رضى عن هذا التعاون، مشيراً إلى أنه "مثمر للغاية"، لافتاً في المقابل إلى أن هذه القنينة ليست ملكه الخاص فهي ليست بمثابة العطر.


ألف حساب
كل خطوة يقوم بها، يحسب لها ألف حساب. وكثر عرضوا عليه أن يتعاون معهم في مشاريع مختلفة، "لكنني في كل مرة، كنت آخذ الوقت الكافي لدراسة الموضوع من مختلف أبعاده، للتأكد مما اذا كانت التجربة فعلاً بناءة وتقدم لي جديداً". بينه وبين "إيفيان"، وجد صعب "قواسم مشتركة ومبادئ مهنية متشابهة ورؤية متقاربة حيال الأمور، ناهيك عن كونها علامة تجارية رائدة في مجالها عالمياً". وهكذا قَبِل المشروع وانطلق التحدي.
عندما بدأ برسم الزجاجة، لم يرد ان تكون الرسالة جلية في تصميمها بل ارادها ان تكون بسيطة وناعمة وان تمر بطريقة لبقة في الوقت نفسه. هكذا، لم يرد ان ينتهج أسلوب التطريز بل استعمل الدانتيل في تصميمه لأنها علامة للشفافية ويمكن ان يرى الشخص من خلالها نقاوة المياه. ويضيف انه حافظ على مظهر النقاوة لإيفيان وابقى شكل الزجاجة على حاله. لم يغير اي شيء في تكوين القنينة وعمل جاهدا من اجل ان تبقى هويتها كما هي. كذلك، لم يغير حجم الزجاجة. شيئاً فشيئاً بدأ التصميم يتبلور. وفي التنفيذ، لم يكن الامر سهلاً. عندما باشرت شركة "ايفيان" تنفيذ الزجاجة، بدأت بوضع الدانتيل على ثلاث مراحل. اولا على القسم الأعلى من الزجاجة ومن ثم في الوسط، وصولا الى القسم الاسفل منها. وقد استغرقت عملية التنفيذ بعض الوقت لأن الدانتيل الذي اختاره صعب ناعم جداً. أضف إلى ذلك ان الدانتيل الذي استعمله في تصميم القنينة، كان مخصصاً لهذا المشروع ولم يستوحه من اي عرض ازياء قام به في السابق.
عندما يكون لديه عرض ازياء، يعمل صعب على ابراز جمال المرأة من خلال الملابس التي يصمّمها، أما في تصميمه لهذه الزجاجة فقد اختبر مشاعر خاصة، ليبرز - وكعادته - جمالية القطعة، ولتتحول من خلاله تحفة حقيقية. وكان هاجسه، كما يحب ان يذكر، البساطة في التصميم، اضافة الى الابقاء على شفافية المياه وهي النقطة الرئيسية بالنسبة إليه.


مبدع دائماً
استغرق التحدي ما يقارب الاربعة اشهر للوصول الى التصميم النهائي. خلالها، رسم صعب 26 رسماً تخطيطياً وصنع 17 نموذجاً تجريبياً واختبرها في ثمانية الوان مختلفة. ولأن المبدع يبحث دائماً عن التميز والفرادة، وجد – بعد فترة من العمل - أن أول النماذج التي بدأ العمل عليها، لا تظهر الطابع الذي يريده على الزجاجة. فغيّر التصميم ليصل الى التصميم النهائي الذي بات مرهفاً جداً بنظره ويعطي الزجاجة حقها، من دون ان يفرض بطريقة فجة رأيه وأسلوبه، حتى أنه وضع شعار ايلي صعب بطريقة ناعمة على الزجاجة لأنه لا يريد ان يصدم المستهلكين. ويشدد على أنه لا يريد أن يعتقد الناس ان هذه القنينة هي قنينة ايلي صعب، بل هي ملك لشركة "ايفيان"، كل ما فعله هو انه وضع لمسته الخاصة على الزجاجة. ستصدر الزجاجة في لبنان في اوائل هذا الشهر وستطلق في الشرق الاوسط في منتصفه، اما في العالم فسيكون في اوائل تشرين الثاني المقبل. ستكون القنينة متوافرة في الفنادق الفخمة وبعض المطاعم. التجربة التي خاضها لنحو سنة كانت مثمرة للغاية، فهي جعلته يخوض غمار جوانب إبداعية جديدة.
إنه إذاً إيلي صعب، الذي يخطو اليوم مع شركة "إيفيان" خطوة جديدة، مراهناً على خوض كل التجارب الإبداعية، والتمايز بها أيضاً!


muriel.jalkh@annahar.com.lb