"إهانة" غير كافية لكنْ لا بدّ منها!

"إهانة لن ننساها أبداً"، هي العبارة التي قالتها سفيرة الولايات المتحدة نيكي هايلي، بعد تصويت مجلس الأمن، بأكثرية 14 صوتاً من أصل 15، واستخدام واشنطن حقّ النقض الفيتو، على مشروع قرار يدين قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.

هذه "الإهانة" جيدة، لكنها لا تكفي. إذ يجب تطويرها وتفعيلها وتثويرها، لتصبح إهانةً ملموسة، فعلية، فظة، واقعية، كالصفعة المدوّية، التي ترجّ في أرجاء الدماغ الأميركي، وفي قعره الاستنقاعي الوسخ.

"الإهانة" المعنوية هذه، نريدها أن تصبح كرة ثلج، بل كرة نار، بل بركاناً، بل زلزالاً يهزّ الضمير الكوني، ويدفعه إلى تحمل مسؤولياته حيال الاستهتار الأميركي بحقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه وفي إعلان دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.

إن موقف مجلس الأمن بأصواته الأربعة عشر، إن دلّ على رمزيةٍ محددة، فإنما يدلّ على رفض العالم بأسره لسياسة القهر التي تتبعها الولايات المتحدة الاميركية في حق الشعب الفلسطيني من جهة، ويدلّ من جهة ثانية، على مدى الاحتقار الذي يكنّه المجتمع الدولي للسياسة الأميركية المؤيدة بلا حساب للكيان الصهيوني المغتصب.

إن مجتمعاً كالمجتمع الإسرائيلي، ينام شعبه في سريرٍ جمعيّ من الكوابيس، واللعنات، مصيره الزوال. ولن تنفع في استمراره وجوده كل أسلحة الدمار الشامل التي تضعها الولايات المتحدة في خدمة الكيان الصهيوني المصطنع، ولن تنفع أيضاً كل أشكال الإرهاب والاستبداد والطغيان والعنصرية التي تمارسها الولايات المتحدة حمايةً للصهيونية وللكيان الصهيوني.

إن المجتمع الدولي، ممثلاً بمجلس الأمن وبالجمعية العمومية للأمم المتحدة، مطالَب بأكثر من ذلك. هو مطالَبٌ باتخاذ كل المواقف التي من شأنها تعميق العزلة الاميركية في العالم، وتطوير هذه العزلة، لتطاول كل المستويات الاقتصادية والأمنية والديبلوماسية والثقافية، وليس السياسية فحسب.

السياسة الأميركية، يجب شلّ يمينها بأيّ ثمن في فلسطين. لأنها النموذج الأعلى للعبودية في العصر الحديث.

لمن العار، أن يضمّ المجتمع الدولي في كنفه كائناً مثيراً للتقزز السياسي والأخلاقي، كهذا الكائن السياسي الأميركي، الذي يجعل الديموقراطية كبش محرقة، إرضاءً للصهيونية العالمية!


akl.awit@annahar.com.lb