الدكتورة منى برنس "رئيسة مصر 2018"... "أقول للمصريّين ثقافة وفكر وفنّ"

هذه "رسالتها الأولى" الى الشعب المصري. الدكتورة برنس مرشحة غير تقليدية للرئاسة المصرية سنة 2018. منذ اللحظة الاولى لنشرها هذا الفيديو على صفحتها على "الفايسبوك"، حصدت اكثر من 5,600 "لايك"، 7336 مشاركة، و547 تعليقا. بعضهم رحّب بطلتها "الجريئة" و"الصادقة"، بينما جرّح بها آخرون. ايا يكن، لا تخشى ان تعبّر عن نفسها كما تشاء. نقول لها: انت مرشحة فريدة. تجيب: "لا أحس نفسي فريدة. انا طبيعية".

بعد مشاركتها في ثورة 25 يناير 2011، كان "الامل كبيرا في التغيير، وفي ان التغيير سيحصل بسرعة. بالطبع لم يحصل، بل نزلنا الى تحت"، تقول في حديث الى "النهار". سببان دفعاها الى الترشح للرئاسة، "الرغبة في الخروج من القوقعة التي نعيش فيها، والبدء بالعمل بدلا من الندب طول الوقت، وان نشارك في العمل العام". وتتدارك: "نشتكي، لكن لا احد يقوم باي شيء... شاركنا كلنا في التظاهرات، لكنها ليست السكة للتغيير الجدي".  

"اذا لم اصل انا، فسيصل احد آخر"


انها المرة الثانية التي تترشح برنس للرئاسة. المرة الاولى كانت العام 2012. لديها "رؤيا"، "روحية" خاصة بها، وهي ان "تَرجع مجددا مصر منارة، منارة في كل شيء. لا يمكن ان تكون منارة سياسية من دون تعليم او ثقافة او حرية او تعددية". تتدارك: "تنقصنا التعددية، رغم ان مصر متعددة ثقافيا. لكن النظام السياسي لا يقبل التعددية الفكرية او الثقافية. كلو عايزنا نمشي بسكة واحدة". باختصار، هدفها "تحقيق حياة لائقة لكل مواطن ومواطنة في مصر، واعادة مصر إلى الخريطة الحضارية للعالم".  

من هي الدكتورة برنس؟ من مواليد القاهرة العام 1970. تخرّجت من قسم اللغة الانكليزية وآدابها في كلية الآداب- جامعة عين شمس العام 1991. نالت دكتوراه في الأدب الانكليزي العام 2004 من الجامعة نفسها. اشتغلت فترة في جامعة القاهرة- فرع الفيوم. ثم انتقلت الى كلية التربية في السويس- جامعة قناة السويس.

مدرّسة للأدب الانكليزي، كاتبة روائية ومترجمة. صدرت لها كتب عدة: "اسمي ثورة"، "حياة ومغامرات الدكتورة م"، "اني احدثك لتري". واحدث رواياتها "امريكا وجه القمر". تقول انها تحب السفر، "وقد سافرتُ الى معظم أنحاء الجمهورية المصرية، وحتى حلايب وشلاتين. وقمت ايضا برحلات الى بلاد مختلفة، مثل اليابان، اوروبا، الولايات المتحدة، وكوبا".

في "رؤيتها العامة" الرئاسية، اولويات وتوجهات واضحة. "يجب اولا اصلاح نظام التعليم "البايظ يللي عندنا". تهمني جدا مراحل التدريس في المدارس الحكومية، من الابتدائية الى الثانوية. من الضروري جدا بالنسبة اليّ ضبط التعليم الاساسي في المدرسة". بند آخر، "التركيز على الفنون والكتاب، لانها ضمن تكوين الشخصية. "عايزين بني آدمين"، إضافة الى العلوم الاخرى، و"كلّ بحسب هواياته واهتمامته. لكن الاول هو الدماغ".  

منذ بروزها في العمل العام، لاقت برنس اعجابا وتأييدا لدى كثيرين، في مقابل مهاجمين، ساخرين. الهجوم عليها شرس احيانا كثيرة على وسائل التوصل الاجتماعي، لكنه لا يخيفها. "بعمل يللي عليّ. انا مش عايزة حدا انو يشتتني. يا ريت بينتقدو، بيخشّو تيشمتو أصلا"، تقول بلهجتها المصرية. "لا ارد على احد، ولا اسمح لاحد بان يخرجني عن سكتي".


رغم التحديات، تبقى الدكتورة برنس مصممة. "اذا لم اصل هذه المرة، فسأصل المرة المقبلة. واذا لم اصل انا، فسيصل احد آخر"، على قولها. المسألة بسيطة بالنسبة اليها. "انا افتح سكة، واظهر للناس ان هناك خيارات وامكانات اخرى في الحياة". تتدارك: "لست ضد احد. انا فقط ضد الغاء الفكر والعقل".  

بعفوية، تشير باصبعها الى رأسها. "عندما نفتحه (اي العقل)، نكون احرارا، شرط الا يعوقني. تسألينني: هل هذا يعني انك ستسمحين بوجود السلفيين والاخوان (المسلمين)؟ والله اهلا وسهلا"، تردف مبتسمة. "المتخلف يبقى متخلفا براحته، لكن لا يفرض تخلفه عليّ".

"منذ كنت في بطن الماما" 

حب برنس للرقص والتعبير بحرية عن نفسها اوقعها في مشاكل، لا سيما مع ادارة الجامعة التي تدرّس فيها حاليا، جامعة قناة السويس، وقد احيلت فيها على التحقيق. "كان يفترض ان ينعقد المجلس التأديبي. لكن بسبب تغيير في اعضائه، تم تأجيل الجلسة معه"، على ما تفيد. تجهل ما سيكون قرار الجامعة، لكنها تؤكد ان "هناك قانونا، وانا ماشية معه. الاتهامات التي وجهت اليّ سأرد عليها من داخل القانون نفسه".

التهمة القيام بـ"افعال مشينة". لكن برنس تجيب: "الرقص فعل لا يجرمه القانون المصري، كذلك نشر فيديو رقص. وبالتالي، لا توجد في قانون الجامعة بنود خاصة تمنع الرقص، ليتم الاستناد اليها لمعاقبتي". وتتدارك: "الامر مفتعل".

*انهم يضايقونك.

-لا، انهم يضايقون انفسهم. "انا عادي، مش فارقة معاي".

انه الرقص الذي تعشقه برنس، "وربما بدأتُ ارقص منذ كنت في بطن الماما"، تقول بعفوية. تتذكر جيدا الافلام الاستعراضية القديمة لسامية جمال وتحية كاريوكا، والتي شاهدتها في صغرها. بالنسبة اليها، "الرقص جزء منا". ومحاولة منعها او الضغط عليها لا ينفع. "انا ما بنقمعش حقيقة"، تضيف ضاحكة.

"شكرا، لانهم بدأوا ينفتحون" 

ما تعد به المصريين هو "الحياة والحرية". الحياة تعني "فن وانفتاح"، "يعني شمّو هوا ونفسكن". تتوقف عند التطورات التي شهدتها تونس والسعودية اخيرا، لا سيما على صعيد تدابير تتعلق بالنساء وكلام على تنقيح الاحاديث النبوية. "ثمة امور تفتح. لا اؤيد ان المنع هو السائد، انما هناك امور تفتح"، على قولها.

ترى "خطوة كبيرة" تحققت. حصل "كسر للجمود الفكري" المسيطر على العرب المسلمين عموما، على قولها. و"شكرا، لانهم بدأوا ينفتحون". في رأيها، لا بد من ان ينعكس هذا الانفتاح على الحالة المصرية.

متفائلة هي، "بطبعها"، وتترقب سنة 2018. في السياسة، يجب توقع "تقلبات وتسويات"، على قولها. "سأعمل مع كل الذين يريدون ان يعملوا. وطبيعي ان نجد ارضية مشتركة". في رأيها، السياسة هي ان "نخطو خطوة تلو الاخرى، ان نفتح سكة، ونعمل مع الاشخاص، حتى الذين هم مختلفون معي. ما المشترك بيننا جميعا؟ ان تصبح حياتنا افضل".

وكيف تصبح الحياة افضل؟ الجواب جاهز. "انا اقول ثقافة وفكر وفن. وقد يقول آخرون الدين، على سبيل المثال". بالنسبة اليها، "لا مشكلة في بقاء الدين، لكن المهم الانفتاح الثقافي. لا نريد منع الدين. لكن كما هناك جامع وكنسية ومعبد، يجب ان تكون هناك سينما ومسرح... في كل مكان. المشكلة هي في الخطاب الاحادي. لا صوت مسيطرا سوى الصوت الديني". 

صفحتها على "الفايسبوك" مفتوحة امام الجميع. ويمكن الزوار ان يتعرفوا اليها والى افكارها وطروحاتها. صريحة هي في التعبير عن رأيها. "اضع بوستات، واتمنى الناس ان يقرأوها". واحدث "بوستاتها": "بقي 3، السيسي، خالد علي، ومنى برنس". حتى لو لم تصبح رئيسة، "لا مشكلة اطلاقا". ما تشتغل من اجل تحقيقه هو "الثورة الفكرية".

المهم عندها ان "اكون قريبة من الشارع، من الناس العاديين الراغبين في العيش بسعادة"، الناس في "القرى والمدن، وحتى الصحراء، وقد عرفوني عن طريق الاعلام المصري الذي قدمني باعتباري دكتورة رقاصة"، على ما تكتب. "ما عنديش غيرهم".

كلمة اخيرة. ماذا تقولين للرجال في المجتمع الشرقي؟ تجيب مبتسمة: "ربنا معاكم. بس نحن الاقوى". الوجهة المقبلة "رحلة الى سيوة". و"زي ما رحت سانت كاترين اخد بركة وطاقة من الناس والجبال، رايحة سيوة، ومعبد آمون اللي يقال ان الاسكندر الاكبر زاره لتلقي البركة ونبوءة تتويجه".


hala.homsi@annahar.com.lb