ما بين الاستقالة والمقابلة، تغيّرات سياسية وتراجع كلامي

يبدو أن مقابلة الرئيس سعد الحريري بالأمس مع الزميلة بولا يعقوبيان، فتحتْ من جديد الباب للنقاش وأراحت الشارع اللبناني، بعد التهويل بالحرب المقبلة على لبنان لقطع يد ايران في المنطقة، فشكّلت المقابلة صدمة ايجابية للمتابعين على عكس بيان الاستقالة الذي خلقَ بلبلة سياسية محلية وعربية ودولية. 

الاستقالة التي تلاها الحريري عبر الشاشة والخطاب التصعيدي الذي تضمنته حينه أقلقا المتابعين، حين اعتبر المحللون بأن المظلة الدولية قد رفعت عن لبنان، والحرب قادمة لقطع "يد حزب الله" خصوصاً بعد اتهام السعودية للحزب بالاسم بقصف مطار الرياض، لتليها تصريحات بأن حكومة لبنان هي حكومة حرب، فقرعت طبول الحرب قبل ان يرسمَ بالأمس الحريري خطوط التسوية، وتختلف معها حدة الخطاب ما بين التصعيدي في بيان الاستقالة، وبين المطالِب بالنأي بالنفس عن الصراعات العربية، لتجنيب لبنان خطورة تلك التدخلات.

قطع يد ايران في المنطقة

وما بين بيان الاستقالة المتلفز وما بين المقابلة بالأمس اختلف الخطاب، فالحريري قبل أسبوع قال: "إن المرحلة تشبه إلى حد بعيد مرحلة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وإن "أيدي إيران في المنطقة ستقطع". وشدد على أنه "أينما حلّت إيران، يحل الخراب والفتن... لإيران رغبة جامحة في تدمير العالم العربي"، رافعاً السقف عالياً بوجه "حزب الله" وبأنه يسعى لخطف لبنان وبأنه ذراع ايران في المنطقة، وبأن سلاحه موجه الى صدور اللبنانيين والعرب، مذكراً بخلية "حزب الله" في الكويت، في معرض تبريره الاستقالة. وحذّر من أن "الشر الذي ترسله إيران إلى المنطقة سيرتد عليها"، وبأن خروجه من لبنان جاء نتيجة تهديد لحياته.

العودة قريبة 

اما في المقابلة، فاختلف الأمر، العودة تجلّت قريبة، والهجوم على ايران خفت وتيرته، فيما طالب "حزب الله" عشرات المرات بالنأي بالنفس. وقال في المقابلة: " هناك تدخلات إيرانية ومن حزب الله في كثير من البلاد العربية"، اما في بيان الاستقالة وكأنه اعلان حرب "، اما بالأمس فأشار الى انه لن يسمح "بقيام حروب اقليمية في لبنان لحسابات اقليمية".

في بيان الاستقالة، أعلن الحريري استقالته وشرح اسبابها، وخلال المقابلة اعتبر بأن الاستقالة غير دستورية، وسيعود الى لبنان لكي يلتقي رئيس الجمهورية ويطلعه على ظروف الاستقالة، فهو أكد بأنها "ناقصة". "اذا أرادوا مني التراجع عن الاستقالة عليهم احترام النأي بالنفس"، ما يعني بأن التراجع عنها وارد شرط النأي بالنفس.

النأي بالنفس

في مقابلة الأمس، شدد الحريري على تسوية جديدة، بنودها النأي بالنفس اي الانسحاب من الصراعات الاقليمية، وهو مستعد "لتسوية" اخرى لعودته لرئاسة مجلس الوزراء ويمكن ان يتراجع عن الاستقالة في حال "التزم الجميع" بالتسوية الجديدة، واضعاً الكرة في ملعب حزب الله، على عكس خطاب الأول والذي رفع السقف فيه عالياً بوجه الحزب متهماً اياه بتدمير الدول العربية.

في بيان الاستقالة اكد الحريري بأن التصعيد مقبل على لبنان فالجو العام يشبه مرحلة 2005، وبأن يد ايران (اي حزب الله) ستقطع في المنطقة، اما في المقابلة فقال بالحرف: "سلاح حزب الله يجب أن يقام حوار حوله ورئيس الجمهورية عليه البت بالامر" وعلى حزب الله أن يدرك أن مصلحة لبنان العليا هي في المحافظة على علاقاتنا بجميع الدول." "ولكنني أقول أن حزب الله ليس شأن لبنانيا فقط، وإنما إقليميا، لذلك أنا أشدد على مسألة الحوار".

نسف التسوية

 في بيان الاستقالة، بدا وكأن الحريري نسف التسوية التي اوصلته الى رئاسة الحكومة بإعلان استقالته، اما بالأمس فكان مصراً على "التمسك بالتسوية ولكن ليس على حساب النأي بالنفس".

وما بين التصعيد بوجه حزب الله في بيان الاستقالة، اكد بالأمس "أنا مع الشيعة ومع حزب الله وأنا أمثل الكل، وأقول لهم مصلحتنا أن نتوحد من أجل لبنان وليس من أجل هذا المحور أو ذاك". ما يعني بأنه مد يده مجدداً الى حزب الله.

ما بين الخطابين، وضع الحريري النقاط على الحروف واوضح الكثير من النقاط فأختلفت الحدة عن الاسبوع الماضي، بانتظار عودته الى لبنان وهل فعلاً سيبقى على بيان الاستقالة ام ان مطالبه بالأمس سيعمل على تحقيقها او اقله يقوم حوار حول النقاط التي طرحها لتجنيب لبنان العديد من الخضات الاقتصادية والأمنية.