هل يعود "مأزق" المدارس الكاثوليكيّة إلى غياب الثقة بينها وبين أبناء الرعيّة؟

يبدو أننا قادمون على سنة دراسية تحمل في طيّاتها " بعض القلق" على جبهتين: الأولى هي جبهة معلمي الخاصّ والثانية هي إدارات المدارس "الرافضة" ضمناً لأيّإضراب خلال الدراسة والعاجزة عن تسديد مستحقّات معلّميها بعد إقرار السلسلة، التي مضى 5 أعوام على المطالبة بتنفيذها كحق من حقوق المعلمين. 

تكمن المخاوف الحقيقية في إهمال هذا الملف وانشغال جميع القوى السياسية والحزبية في استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة في أيار المقبل، ما يضع الملف التربوي في آخر سلّم أولوية غالبية الكتل النيابية. والحقيقة المرّة الثانية أنّ القيمين على اتحاد المؤسسات التربوية الخاصّة لم يأخذوا في الاعتبار أيّ "مفاجأة" غير مرتقبة من السياسيين، تجعل السلسلة قانوناً وواقعاً تجب مجاراته. تتحمل هذه المؤسسات إهمالها هذا الموضوع 5 أعوام وإغفالها أهمية التدارك سلفاً لأيّ عواقب مالية واقتصادية للسلسلة على مكوّنات العائلة التربوية.

وازدادت الثقة لدى غالبية الأعضاء بعدم إقرار السلسلة في القريب العاجل بعد نتيجة انتخابات نقابة معلمي الخاص الأخيرة،التي نتج منها إبعاد النقيب نعمة محفوض،النقابي الشرس المطالب بالسلسلة، عن ترؤس النقابة لولاية جديدة، إضافة إلى أنّ رئيسي كتلتين نيابيتين مسلمة ومسيحية كانا يطمئنان باستمرار بعض المسؤولين في اتحاد المؤسسات التربوية الخاصّة إلى أنّ إقرار السلسلة استحقاق مؤجل حتى إشعار آخر. لكن الانتخابات النيابية فرضت هذا الإقرار، وهو جاء كملف لإرضاء الفرقاء فيما بينهم وتمرير السلسلة لمصلحة المستفيدين منها، ما خلق حالاً من الإرباك عند أعضاء اتحاد المؤسسات التربوية الخاصّة.

 ولا شكّبأنّغالبية اللبنانيين، ومنهم السياسيون، لا يشعرون فعلاً بأنّ إدارات المدارس الكاثوليكية تمرّ فعلاً في أزمة جراء إقرار السلسلة. والسبب الحقيقي يعود لتأخر هذه الإدارات في رفع الصوت عالياً تحسّباً للأسوأ، إضافة إلى أنّ غالبية المواطنين لا يشعرون فعلاً بأنّ هذه الإدارات تتكبد خسائر أو أنهاحقاً لا تبغي الربح، أو لا تحصّل مالاً وفيراً من احتكار القرطاسية والزيّ المدرسي والكتب في مكتبة محددة أو موزّع محدد...

لنكن منصفين، وتجنباً لإصدار أحكام مسبقة وتفادياً للتعميم، فإن بعض الإدارات قررت دفع مستحقّات معلميها، فيما التزم بعضها قرار الأمين العام للمدارس الكاثوليكية، الأب بطرس عازار،التريث عن دفع الرواتب هذا الشهر وفقاً لسلسلة الرتب والرواتب. أضف إلى أنّ بعض الإدارات تراعي الظروف الاقتصادية الطارئة لدى الناس، وهي بشهادة كثيرين إنسانية في تعاطيها مع المعوزين.

كيف يمكن أن نعزز الثقة مع هذه الإدارات؟ بكل بساطة، المطلوب اليوم من أي سلطة في هذه المدارس محاسبة بعض الإدارات ومساءلتها لا فقط أمام لجان الأهل بل أمام أبناء الرعيّة ليفهموا ونفهم ونتفهّم حقيقة ما يجري!

قبل أن نختم، نتطلع إلى معرفة أسباب لجوء بعض هذه الإدارات إلى هندسة أبنية فاخرة لمدرسة خارج العاصمة، واختيار خشب "باب أول" في الهندسة الداخلية لها، ما جعل مساحة أبنيتها توازي صرحاً تربوياً بكل ما للمعنى من كلمة. نتوق إلى معرفة مدى ترابط زيادة الأقساط في الأعوام الماضية مع بعض مظاهر الترف، كاقتناء السيجار في مكاتب بعض المسؤولين في المدارس، إضافة إلى رغبة البعض منّا في معرفة الجدوى التربوية للسفر المكوكي لبعضهم وقياس التأثير الإيجابي على هذه الجولات على مكوّنات الأسرة التربوية في بعض هذه المدارس.