تحطيم الكراسي واهمال الملعب... اكبر منشأة رياضية مطلوب انقاذها

عبدالناصر حرب

هطلت الامطار قبل ساعات من مباراة المنتخب اللبناني أمام ضيفه الكوري الشمالي، فانكشف المستور في أرض ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية. وحقق المنتخب اللبناني فوزاً مستحقاً على نظيره الكوري الشمالي بخماسية نظيفة، ضمن منافسات الجولة الرابعة من تصفيات كأس آسيا – الامارات 2019.

فوز لبنان نغصه مشهد سوء أرضية ملعب المباراة، التي بدت كأنها بيدر كبير في قرية لبنانية نائية، حيث بدا واضحاً تعثر اللاعبين خلال الجري وراء الكرة، التي لم تكن تتدحرج كما يشتهي أي لاعب كرة قدم لانها كانت تصطدم بـ"المطبات" الوحلية الواضحة، في ظل غياب العشب الأخضر، الذي من المفترض ان يكتسي كامل مستطيل الملعب.

الأمر اللافت للانتباه أن الحكومة اللبنانية دعمت في أكثر من مناسبة إدارة المدينة الرياضية بالمال من أجل إعادة تأهيلها، لكن في كل مرة كان المشاهد يصطدم بعدم صلاحية أرضية الملعب، خصوصاً مع أول قطرة مياه من الامطار التي تهطل موسمياً.

أما الأكثر انتباهاً، فهو مشهد الكراسي المحطمة في أكثر من مكان لمدرجات مدينة كميل شمعون الرياضية، وهي التي كانت تتحطم من أعمال شغب جماهير بعض الفرق، وفي كل مرة كان الاتحاد اللبناني لكرة القدم يحمّل النوادي المعنية مسؤولية تكاليف تلك الاضرار، إلا ان المتابع كان يصطدم في كل مرة بعدم تركيب كراسٍ جديدة بدل تلك التي تحطمت، والتي دفع ثمنها، كما يقال!

ومن تلك المرات، وفق مصدر من داخل الاتحاد الاسبق للعبة، المبلغ الذي قبضته إدارة المدينة منذ أكثر من 12 عاماً، والذي بلغ نحو 50 ألف دولار دفعها الاتحاد عن نادي النجمة ومن ثم استردها منه على خلفية الكراسي المحطمة من جمهور "النبيذي"، ورغم مرور الزمن إلا ان مشهد "الباطون" بقي ماثلاً أمام المشاهدين!

أما التساؤل الأبرز فهو: "أين ذهب مبلغ المليار ليرة لبنانية الذي قيل ان إدارة المدينة الرياضية حصلت عليه قبل سنوات عدة من وزارة الشباب والرياضة لاعادة تأهيل المنشأة"؟

والدليل على كلامنا أعلاه، ما قاله وزير الشباب والرياضة محمد فنيش لدى معاينته المدينة الرياضية في شهر آذار الماضي: "شاهدت في هذه الجولة التي أحببت أن أطلّع فيها على وضع المنشأة إهمالاً متراكماً...".

وأضاف فنيش: "نعم، أصبت بحالة من الأسى عندما جلت على مختلف مرافق المدينة لأنها كلفت أموالاً باهظة ليس لتهمل بهذا الشكل، لكنني لن أشعر بالاحباط، بل أنظر بعين الأمل والإيجابية في المستقبل".

وهنا لا بد من شكر الوزير على اعترافه بالاهمال الحاصل لاكبر منشأة رياضية في لبنان، لكننا نؤكد له ان "عين الامل والايجابية لمستقبل المنشأة" بقيت مغمضة وها هي أرضية الملعب لا تزال غير صالحة لاقامة المباريات، رغم تأكيد إدارة المدينة انها باتت جاهزة، إلا ان "المي بتكذب الغطاس".

كما ان المدرجات لا تزال كما هي من مناظر الكراسي المحطمة، ناهيك بالأوساخ والغبار الذي يملأ المدرجات، إضافة إلى الإهمال الواضح في معظم الحمامات، مع عدم نسيان فضيحة الشباك الممزقة، الذي كشفه هدف النجمة في مرمى الأنصار في المرحلة الثالثة من الدوري اللبناني.

هذه المباراة التي شهدت أحداثاً مؤسفة من تحطيم لهذه المنشأة، مما حدا بإدارة المدينة إلى المطالبة بمبلغ 100 مليون ليرة لبنانية بدل الاضرار الجديدة، فهل سيكون مصير هذا المبلغ (أو أقل منه) كمصير المبالغ التي دفعت سابقاً؟

واعتبر الامين العام للاتحاد اللبناني لكرة القدم جهاد الشحف في اتصال مع "النهار" ان الاتحاد دفع منذ نحو عامين 25 مليون ليرة لبنانية لادارة المدينة نتيجة تحطيم الكراسي، ثم مبلغ 12 مليون ليرة عن نادي الانصار للسبب نفسه.

وأضاف: "حصلت إدارة المدينة أيضاً على مبلغ من وزارة الشباب والرياضة لتأهيل الملعب، قبل انطلاق تصفيات كأس العالم قبل الاخيرة".

بدوره، أكد رئيس مجلس ادارة المدينة الرياضية رياض الشيخة في اتصال مع "النهار" ان الاسباب الرئيسية وراء ظهور ارضية الملعب بهذا "المنظر غير الجميل" هو حفل إطلاق الحملة الوطنية للتوعية ضد سرطان الثدي 2017 أيام الجمعة والسبت والاحد الماضية، إضافة إلى تدريبات المنتخبين اللبناني والكوري الشمالي يوم الاثنين، وصولاً الى هطول الامطار مساء اليوم نفسه.

وأضاف: "مستوى الملعب جيد بشكل عام، لكن المشكلة كانت بالبقع الوحلية التي حصلت نتيجة الاسباب اعلاه".

وعن حصول إدارة المدينة الرياضية على نحو 75 مليون ليرة منذ أكثر من 12 سنة، أجاب: "لم يحصل هذا الامر"، نافياً في الوقت نفسه حصول الادارة على مبلغ مليار ليرة من وزارة الرياضة لتأهيل الملعب.

وختم الشيخة: "ميزانية المدينة السنوية هي 500 مليون ليرة لبنانية فقط، وفاتورة الكهرباء وحدها تصل الى 350 مليون ليرة"، مضيفاً: "ليس لدينا آلة لجزّ العشب... المدينة في حاجة الى ميزانية أكبر".


مشهد مدينة كميل شمعون الرياضية السيئ بات على ألسنة عشاق اللعبة خارج لبنان، خصوصاً انهم يشاهدون ذلك عبر شاشات التلفزة التي تبث المباريات فضائياً، لا سيما الدولية منها، وهذا يعني ان "سمعة لبنان" الرياضية ليست كما يجب أن تكون، فإلى متى هذا الإهمال؟ ولماذا لا تتحرك وزارة الشباب والرياضية بجدية أكبر من خلال المحاسبة بالأرقام المالية والتواريخ؟!