الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

هل تريد مني أن أعلّق في رأس كل عمود كهرباء مصباح نيون؟

المصدر: "النهار"
أسعد الجبوري
هل تريد مني أن أعلّق في رأس كل عمود كهرباء مصباح نيون؟
هل تريد مني أن أعلّق في رأس كل عمود كهرباء مصباح نيون؟
A+ A-

على متن الريح 

* سانشو: مولاي الدون، ما علّةُ مَنْ يشعر بشلّة من الخيطان داخل رأسه؟

- دون كيشوت: سيأخذ الربُّ بيد مَن وقعت الخيوط برأسه، فيصبح خياطاً بالتأكيد. ولكن قل لي يا سانشو، لماذا تنادينني بكلمة مولاي هذه؟!

* سانشو: لأنها مفردة تناسب العهد الذي نحن فيه.

- دون كيشوت: أنتَ تضغط عليَّ يا سانشو، وكثرة الضغط تولّد الانفجار كما تقول النظريات.

* سانشو: لم أكن دبابة خلف ظهرك بعد. فبماذا تراني أضغط عليك يا مولاي؟!

- دون كيشوت: بالإمامة. وأنا رجل مقاتل، طالما دَوّخ الطواحين بالرماح والمارشات العسكرية.

* سانشو: وما الضرر في ذلك لو لَقّبتُكَ يا مولاي بأمير المؤمنين؟

- دون كيشوت: ويحكَ يا سانشو. هذا اللقبُ سُجِّل باسم رجلٍ واحد، ومن بعد ذلك أقفلَ التاريخُ عليه السجلَّ في صحائف الأرشيف.

* سانشو: لكن الأمراء لا يزالون يتناسخون فينبتون في بقاع الأرض وأصقاعها دون طائل يا مولاي!

- دون كيشوت: ذلك مثيرٌ للاشمئزاز. فما هؤلاء إلا أجراءُ مصارف وعمالُ ملاهٍ ووكلاء فتاوى ووقود حروب. اترك الأمر لصاحب الأمر، وتعال حدِّثني عن غاز النيون.

* سانشو: غاز النيون؟! وما أدراني بهذا الغاز يا مولاي، وأنا لا علمَ لي إلا بزيت الفانوس!

- دون كيشوت: لم تعد الفوانيس تُجدي يا سانشو. لقد بات الظلامُ مُركّباً وثقيلاً وبرائحة لا تُحتمل.

* سانشو: وهل ستنتهي قصة الظلام الثقيل بهذا الغاز يا مولاي الدون؟

- دون كيشوت: غاز النيون، هو غير غاز الحرائق السائل من الآبار العربية يا سانشو. ألا تدرك ذلك؟

* سانشو: وهل تريد مني أن أعلّق في رأس كل عمود كهرباء مصباح نيون يا مولاي؟

- دون كيشوت: لا. لا. فلا نفع بذلك المكان بعد.

* سانشو: وأين تريد منا أن نضع مثل تلك المصابيح يا مولاي الدون؟

- دون كيشوت: على رأس كل آدمي خارج المدن التي يجتاحها الظلام، أو داخلها.

* سانشو: وكيف سيتم لنا تعليق تلك المصابيح؟ أندقُّها بالمسامير على رؤوس البشر؟!

- دون كيشوت: الآن عرفت يا سانشو، أن رأسك هو مجمع الخراب الدماغي، ولا تكفيكَ حتى حفنةٌ من البراغي والمسامير.

***

آبار النصوص

 الشمسُ الدابّةُ على كرسيّها العميقِ

 دون انقراض.

 والنساءُ في مقلاة العري بلا رتابة.

 فيما على الحلماتِ عشبٌ،

 تراهُ الكاميراتُ، فيزداد ضغطها في الدم والحديد وما شابه.

 صيفٌ كمقدمة سريرٍ قابلٍ للانهيار...

 والدماغُ يقتبس من البجع مضادات الشيخوخة.

 هو كأسٌ هنا، وهنا كأنه مجرى،

 وفيه قوارب تبحر على وقع الحرارة.

 هو وردٌ يتشرد بعيداً عن ذكرياته في مدافن الجليد

 والرمادُ والسلالاتُ القاحلة.

 كل شيء معقمٌ في حافلةِ الصيفِ الشاهقة.

 الأصابعُ أغصانٌ ملقاةٌ على البيانو بثمالةِ متصوفٍ .

 والثيابُ أفرانٌ عديمةُ الأخلاق.

***

غرفة الغرائز

النانو في حقيقته، هو الطفل الشعري الضالّ الذي خرج ذات يوم من رحم اللغة، ليؤلف شخصيته المستقلة دون البحث عن شجرة العائلة، ولا من أي جينوم قبلي يكون.

النانو يريد أن يتمتع بتكثيف نفسه بنفسه. أن يختزل اللغة بنقطة تكون له بمثابة مطار انطلاق نحو اختراق الآخرين و"الطيران فوق عش الوقواق".

المصنفات الشعرية القديمة، عادة ما تكون متواليات متوارثة: قصيدة النثر عن الشعر الحر عن شعر التفعيلة عن الشعر العمودي بمختلف الأعمدة والأوزان والموشحات والملابس. من هنا ليست قصيدة النانو مجرد نصّ مضغوط، بقدر ما هي نقطة الليزر الحمراء القادرة على إشعال القاموس المحيط كله. بعبارة أدق: النانو تفريغ للنص من شوائب اللغة وملاجئ حراسها المكللين بالغبار وعصيدة الجاهلية التي لا مطعم لها في مدن الشعر، ولا طعم في كلام الشارع أيضاً.

***

بنك الخيال

القصيدةُ العاريةُ

لا تلجأ إلى سريرِ اللغةِ إلا بمواقيت الإثمار.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم