مجتمعنا - اللبنانيات يفضلن "العرس الكبير" ... هل يكون قرض الزواج هو الحلّ؟

آية يونس

"اليوم يومها فيحقّ لها ما لا يحق لغيرها"...تختار العروس أغلى أنواع الزهور والأطباق وأهم مصصمي فساتين الأعراس وأكثر من 200 مدعو. فـ"العائلة كبيرة وعيب نعزم حدا وننسى الثاني". عبارة استعملتها أكثرية الفتيات اللواتي يحضّرن لأعراسهنّ. ولكن ماذا لو كان العريس لا يقدر أن يغطّي كل هذه النفقات؟


منذ صغرها، تحلم الفتاة بيوم زفافها والفستان الأبيض، وتتمنى أن يكون يوماً لا مثيل له، بغضّ النظر عن أحوال العريس المادية وعن قدرته على تحقيق "عرس الأحلام" الذي لا تقلّ كلفته عن 20 أو 30 ألف دولار، إذا كان الحلم "متواضعاً". فالزواج يحدث لمرّة في الحياة ويبقى في الذاكرة، إلاّ أن الوضع في لبنان يختلف عن كثير من البلدان الأخرى، ليصبح في بعض الحالات شرطاً أساسياً تضعه الفتاة على الرجل قبل الزواج بإقامة حفل زفاف "يليق بها وبأسرتها" باعتبار أن العرس المتواضع "يقلل من قيمة العريس للعروس وهو إهانة لها ولأهلها".


قرض الزواج
ربما الحلّ في قرض الزواج. حل يأتي تحت غطاء القرض الشخصي، ويشمل 11 شهراً من راتب الشخص المتقدم، ومدّته بين 3 و 4 أعوام بفائدة نحو 10%. تقول سهى سليمان (28 سنة) أنه يشبه قرض السيارة التي تشتريها للذهاب الى العمل. نحن نعمل لنعيش برفاهية، والرفاهية تجلب السعادة وهي تبلغ ذروتها يوم الزفاف، فلمَ لا؟ قرض يزرع ذكرى جميلة لا ننساها مدى الحياة ونعيشها مرّة واحدة". ولكن ماذا يحصل عندما يستيقظ العروسان في اليوم التالي على ديون بدأت قبل ان تبدأ حياتهما معاً؟ "راحت السكرة واجت الفكرة"، انتهى حفل الزفاف الذي لم يمتدّ أكثر من 4 ساعات، أما ديونه فتمتد على 4 سنوات مقبلة بسبب القرض، وينسى المدعوون العرس وأحيانا ينسون العروسين اللذين فعلا كل ما بوسعهما وأكثر لإسعاد الضيوف.


لائحة الهدايا...ورقم الحساب
يتّكل بعض العرسان على الأموال الهدايا التي يضعها لهم المهنئون في المصرف، اي "النقوط" كما كان يسمّى في القديم. تقول رلى الراسي (33 سنة) ان التكاليف كلّها مردودة، فالحسابات مهمة قبل الزواج: فلنفترض اننا سنتكلف على كل شخص مبلغ 75000 ليرة لينانية ثمن العشاء، فالاكيد ان أحداً لن يضع في حساب الهدايا مبلغاً أقلّ من ذلك، فيكون الربح على الأقل 25000 عن الشخص في حال وضع كل واحد 100,000 ليرة لبنانية، فنعوّض كذلك مصاريف الزفاف ككلّ". ولكن ماذا لو أخطأنا في الحسابات؟ كما حصل مع كريستيل نافع (31 سنة) "كلف زفافنا نحو 35000 دولار أميركي ولم نسترجع من لائحة الهدايا سوى 7000 دولار". وتقول مبتسمة "نغشينا بكرم المعازيم" إذ لا يعرف العروسان أكثرية الحضور لأن الزواج هو "ردّ واجب" للأهل ومعارفهم...ويدفع الأولاد الثمن.
من الغريب ان ندعو الضيوف لننتظر منهم هديّة مالية وكأننا ندعوهم ليدفعوا عن أنفسهم. هل هذا ما كان يسمّى كرم اللبناني؟


التأجيل
أجّلت ستيفاني كرم (26سنة) حفل زفافها الى السنة المقبلة، لأنها لا تزال في حاجة الى مزيد من المال لإتمام العرس كما تريد. تقول "ايه بتحرز نأجل سنة كرمال يوم الزفاف لأنو انا بتجوّز مرّة واحدة" . وعن هذا الحلّ أيضاً، اعترفت سيلين صليبا (33سنة) بأن زوجها سافر لسنة واحدة الى احدى دول الخليج ليعمل هناك لكي يتمكنا من الإحتفال بزواجهما في صالة من أهم صالات الأعراس في لبنان وأفخمها "المبلغ موجود وبعد ناقص شوي" لهذا السبب سافر العريس لمدّة سنة.
في المقابل، ترفض فتيات لبنانيات ما يسمينه "الإستعراض". تؤكد ليزا مهنّا (35 سنة) ان "ليس الموضوع موضوع مال ونفقات، انما نفسيّة. فأنا أستغرب كيف أن فتاة تعيش مع أهلها في بيت متواضع، وتعمل من الصبح حتى المساء لتعيش حياة كريمة، تتحوّل فجأة انسانة تريد كلّ شيء وتطلب أشياء كثيرة للظهور أمام أصدقائها في يوم زفافها، فهل هذا معقول؟". تشاطرها الرأي الين ريشا (30سنة): "هيدا كلّو غيرة وعين فارغة، المسألة مسألة حبّ وزواج وعائلة، وليس مسرحية أو وصلة استعراضية، ما بالي اذا حضر زفافي 500 شخص وأنا يهمني منهم وجود 10 فقط من العائلة الصغيرة". واختصرت الموضوع ماريا الحاج (31 سنة) قائلة: "يللي ما في بيقدر يعمل عرس".
العروس جميلة، والعريس أنيق، والأكل لذيذ، والزينة فخمة... وماذا بعد؟ طلع الفجر على الحبيبين اللذين دفعا الألوف للإحتفال بزواجهما، وبدأ التحضير للمولود الجديد الذي لم تكن نفقاته في الحسبان، فيندم البعض على المبالغ التي دفعت في العرس ويصرّ البعض الآخر على اعادة الأسطوانة إياها "شو كم مرّة منتجوّز بالحياة، وكم مرة منخلف أول ولد. وتكر سبحة الديون مجدداً مع الولد والقسط المدرسي والجامعة والسيارة، ومعظمها من حب الظهور"؟


aya.younes@annahar.com.lb
Twitter: ayayounes01