مشهدان لشابّين من شباب الفحولة الاستعراضية

محمد أبي سمرا

عند تقاطع شارعي عبد العزيز وبلس، وسط زحمة سير خانقة يحاول اختراقها موكب من سيارات الدفع الرباعي السوداء الداكنة الزجاج، فيما يزعق زمور استغاثة من سيارة اسعاف، ترجّل من سيارته شاب مفتول العضلات يرتدي "تي شرت" سوداء، وأطلق رشقاً من الشتائم مهدِّداً سائق سيارة تاكسي مسنّ يمد رأسه من شبّاك سيارته سائلاً شخصاً يقف على الرصيف عن وجهته.


ترك الشاب الفحل باب سيارته مشرعاً وتقدم من سيارة التاكسي، واثق الخطى، معتدّاً بفحولته، شاهراً قبضته في مشهد استعراضي قدّر العابرون أنه سينتهي بلطمة تنهال على وجه السائق المسنّ.
لكن تدخل بعض الرجال العابرين على الرصيف حال دون اكتمال المشهد، فعاد الشاب الغاضب الى سيارته السبور الحمراء المكشوفة وصفع بابها بقوة، من دون أن يتوقف عن اطلاق الشتائم، فيما هو يصفّف شعره بيديه محدِّقاً في المرآة الآمامية الصغيرة لسيارته السبور. أحد العابرين قال معلّقاً: معه حقّ، لقد تأخر عن موعد غرامي في هذه الظهيرة الخانقة.
بعد الظهيرة نفسها، على رصيف الشارع المؤدي الى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت، حدث فصلٌ آخر من مشاهد الفحولة الذكورية: شابة سوداء البشرة، كأنها من زنوج اميركا، ترتدي "تي شرت" بيضاء وبنطلوناً من الجينز، تنتحب باكية على الرصيف، موجِّهة نحيبها الى شاب مفتول العضلات الموشومة في "تي شرت" سوداء، يقف قبالتها متوتراً غاضباً، قبل أن يستدير ويمشي مغادراً المكان، تاركاً الشابة تنتحي جانبا، تسند رأسها الى جدار وتواصل البكاء. بعد هنيهات سمع أحد العابرين الشابةَ تطلق صرخةً مناديةً الشاب الفحل باسمه. طلعت صرختها منتحبةً مترجّية، فتوقف الشاب واستدار اليها مطلقاً شتائم غاضبة.
فيما الشابة السوداء المنتحبة تسرع الخطى على الرصيف، تخيّل عابرٌ آخر ان الشاب الفحل الغاضب سيستقبلها بلطمة على وجهها.
مشهدان عابران لفحولة ذكورية فائضة في زحام مدينة مختنقة موتورة، يفرغ بعض من شبّانها الفحول غضبهم في مشاهد استعراضية وسط الشوارع وعلى الأرصفة.