لبنان يودع شهداء الجيش بمأتم رسمي مهيب في وزارة الدفاع

عباس الصباغ

العيون الشاخصة الى النعوش العشرة فيها اكثر من 1130 غصة وحسرة بعد انتظار دام لأكثر من 3 سنوات للعسكريين المخطوفن لدى تنظيم "داعش" الارهابي. 

لبنان كله كان حاضراً ومشاركاً في يوم الوداع المهيب الذي بدأ باكراً مع نقل جثامين الشهداء العشرة من المستشفى العسكري في بدارو الى وزارة الدفاع، حيث أقيمت مراسم الوداع وتقليد الاوسمة بحضور الرؤساء الثلاثة ووزير الدفاع وقائد الجيش وممثلين عن رؤساء الطوائف وعوائل الشهداء.

أول الواصلين الى وزارة الدفاع كان قائد الجيش العماد جوزف عون، ومن ثم رئيس الحكومة سعد الحريري، وتلاه رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليصل على وقع النشيد الوطني رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. بعدها نقلت الجثامين العشرة محمولة على أكف رفاق السلاح الى ساحة العلم في باحة الوزارة حيث وقف الجميع إجلالاً للشهداء، وتلا ذلك 21 طلقة مدفعية بعدما سجيت النعوش وخلفها صور الشهداء ومشاهد لمعركة فجر الجرود التي خاضها الجيش اللبناني باسم "العسكريين المخطوفين" فجر السبت في 19 آب الفائت وتكللت بالنصر وكشف مصير عشرة عسكريين من الكتيبة 83 في اللواء الثامن كان قد خطفهم "داعش". 




واستكملت المراسم بتلاوة نبذة عن حياة الشهداء، وهم:

محمد يوسف من بلدة مدوخا في قضاء راشيا، وهو متأهل وله ولد كان عمره شهرين عندما خطف، وابرهيم مغيط من القلمون وله ثلاثة أولاد، صبيان وبنت، ولدت في غيابه فأوصی أهله بتسميتها ماريا فلم تتمكن من رؤية والدها سوى من خلال الصور.

وسيف ذبيان، ابن بلدة مزرعة الشوف، متأهل وله ولدان.

وعلي المصري، ابن بلدة حورتعلا، دخل المؤسسة العسكرية منذ اكثر من عشر سنوات، متأهل وله خمسة أولاد تراوح أعمارهم بين ثلاث وعشر سنوات، وخالد حسن ابن بلدة فنيدق، وحيد عائلته المؤلفة من خمسة أشخاص فأخذ على عاتقه رعايتَها بعد وفاة والده، وحسين عمار من بلدة فنيدق التي لم تبخل يوماً في تقديم الشهداء على مذبح الوطن.

ولائحة الشهداء تطول مع مصطفى وهبة من مواليد بلدة اللبوة، وهو متأهل من دون أولاد، وعلي الحاج حسن الذي لم يكمل السنوات الثلاث من انضمامه للخدمة العسكرية، من بلدة شمسطار غرب بعلبك، ويحيى خضر من بلدة عزقي في الضنية، وعباس مدلج الذي استشهد في أيلول عام 2014 أي بعد شهر على اختطافه بعدما حاول الهرب على يد الموقوف السوري شادي جنيد.

وبعدها وقف الحضور دقيقة صمت على وقع نشيد الموت ومن ثم قلد الرئيس عون الشهداء الاوسمة وسلمت لذويهم الاعلام اللبنانية.

قائد الجيش: سنبقى مرفوعي الرأس بكم 

وتحدث قائد الجيش العماد عون في المناسبة مثنياً على تضحيات شهداء الجيش، وذكر بأهمية حضور ومواكبة الرئيس عون انطلاق عملية "فجر الجرود" وما كان لها من أثر كبير لدى الجيش.

وأثنى قائد الجيش على دعم الرئيسين بري والحريري للجيش في معركة تحرير الجرود، وأكد "ان وحدة اراضي لبنان يصونها الجيش وحده وشهداؤه، والنصر على الإرهاب آت لا محالة. ايها الشهداء فرحتنا بالانتصار على الارهاب تبقى حزينة، فقد كنا نأمل في تحريركم سالمين الا ان يد الارهاب الوحشي وضعتكم شهداء اجلاء. سنبقى مرفوعي الرأس بكم لانكم اول المضحين في هذه المعركة. ايها الجنود الابطال اطلقت عملية فجر الجرود وتحققت اهدافها".

اضاف: "كانت المعركة نظيفة وبطولية، سنوات الانتظار كانت ثقيلة ولكنكم لم تفقدوا ثقتكم بالمؤسسات العسكرية ولا تزال امامنا تضحياتنا كبيرة، ومن الآن وصاعداً سينتشر الجيش على الحدود الشرقية. ورد الجيش مستقبلاً سيكون هو نفسه لكل من يتعرض للسلم الأهلي والعيش المشترك والجيش سيكون في اعلى جهوزية للدفاع عن الوطن".

واكد أن شهادة العسكريين وسام يعلق على الصدور، وختم "باسم العسكريين المخطوفين وتحرير الجرود انطلقت معركة فجر الجرود".

واشار الى مواصلة مكافحة "الخلايا الارهابية السرطانية"، وتوجه الى عوائل الشهداء بالقول "بتضحيات أبنائكم خضنا معركة فجر الجرود وكانت سنوات الانتظار طويلة وقاسية، وأن العسكريين الشهداء كانوا عنوان معركة فجر الجرود وفرحتنا تبقى حزينة وكنا نأمل ان يعودوا الى جيشهم على الرغم من هذا الانتصار. وكشف ان الجيش سينتشر على الحدود الشرقية للدفاع عنها". وكرر التزام لبنان بمندرجات القرار 1701، وقال: "على الرغم من الانتصار لا تزال أمامنا تضحيات كبرى ونؤكد التزامنا التام بالقرار 1701 ورد الجيش مستقبلاً سيكون هو نفسه على كل من يحاول العبث بالسيادة الوطنية (...)، وان الجيش سيكون على مسافة واحدة من جميع الافرقاء في الاستحقاقات الدستورية (...)".


عون: غموض في مواقف المسؤولين سبَبت جراحاً في جسم الوطن 

بدوره أكد الرئيس عون "أن مشاعر الالم والحزن تمتزج في هذه المناسبة مع مشاعر الفخر والاعتزاز. وكان شهداؤنا في حياتهم مصدر فخر واعتزاز في عائلاتهم". وتوجه الى العسكريين الشهداء "ايها العسكريون الشهداء اعلنكم شهداء ساحة الشرف. بشهادتكم تكبر الاوسمة ويكبر الوطن"، ولعائلاتهم قال: "عهدي لكم ان دماء ابنائكم امانة لدينا حتى تحقيق الاهداف التي استشهدوا من اجلها وحتى جلاء كل الحقائق". وتابع "شهداؤنا واجهوا الخطر والتحديات بعزم وإيمان غير آبهين بما ظلّل تلك المرحلة من غموض في مواقف المسؤولين سبَبت جراحاً في جسم الوطن".

وختاماً حملت النعوش الى ساحة العلم وبعدها تقبل أهالي الشهداء التعازي.

ويذكر أن السفارتين الأميركية والفرنسية حيت صمود الشعب اللبناني في مواجهة الإرهاب وتضحيات الجيش اللبناني وإنجازاته في جعل لبنان آمن لجميع اللبنانيين، ونكست الأعلام إجلالاً لشهداء الجيش.

تصوير مروان عساف.