أهالي العسكريّين: السكوت ممنوع... نريد الاقتصاص من جميع المتورطين

"نريد محاكمة المجرمين بحقّ الشهداء العسكريين، القابعين في سجن رومية. نريد محاكمة مجرمين أمثال عمر ميقاتي وإرهابيين آخرين معه متورّطين بهذه الجريمة وكلّ من شارك معه في قتل العسكريين. لن نتنازل عن حقنا في إنزال أشدّ العقوبات في حق هؤلاء، ولو استطعنا لطالبنا بعقوبة إعدامهم"، هكذا تحدّث حسين يوسف، الناطق باسم أهالي الشهداء العسكريين الذين قضوا على يد "داعش". 

التقصير

يملك حسين يوسف، والد الشهيد محمد يوسف، قدرة على تحمل الظلم الذي لحق بابنه بل بالعسكريين الثمانية، الذين استشهدوا في الجرود اللبنانية، لنبقى في وطن يموت أبناؤه بأرخص الأثمان. يتحدث حسين عن مصابه بكثير من الصبر، لا ينفعل، بل يتقمص "صبر أيوب" رافضاً الانزلاق وراء أيّ شكل من أشكال الغضب المتسرّع أو إيقاع نفسه في زلّة لسان تُفقد المعنى الحقيقي للقضية وهو البحث عن حقيقة ما جرى وتحديد مسؤولية المقصّرين في حقّ العسكريين.

حقوق العسكريّين

ووضع أيضاً هدفاً أساساً له ولذوي العسكريين المفجوعين بقتل أبنائهم "وهو تكريم شهدائنا العسكريين". لم يقوَ حسين على القول إنه "يعني دفنهم، بل فضّل استخدام كلمة تكريمهم، مشيراً إلى أننا "لن نرضى أن يقفل ملف التحقيق بهذه القضية لأنّ لهؤلاء العسكريين حقوقاً على دولتهم بل حقوقاً على كلّ مواطن". قال: "علينا تحديد كيفية تمكّن بعض الجهات المسلّحة من ابتزاز هذه القضيّة لمصلحتها. ويهمّنا أيضاً أن نكشف للرأي العام الأطراف السياسية التي استغلت هذه القضية لمآرب سياسية شخصية".

لا معلومات أكيدة عن مصيرهم!

عن ردّه على بعض المعلومات، التي تناقلها بعضهم عن علم أهالي العسكريين باستشهادهم قال: "لا، لم يكن لدينا أيّ معلومات في هذا الخصوص. كنا نتواصل مع بعض الوسطاء الذين لم يأتوا على نفي أو تأكيد أيّ معلومة عن مصير العسكريين. لم يكن هناك أي دليل على أنّ ما حلّ بهم هو الاستشهاد على يد "داعش" في الجرود اللبنانية". وشدّد على "أننا كنا نعمل بموازاة مع الدولة وبالتنسيق مع قيادة الجيش والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبرهيم"، مشيراً إلى أنهم "كانوا يسهّلون للوسطاء العبور إلى مناطق سيطرة "داعش" للبحث عن أبنائنا أو حتى تسهيل أي اتصال معهم". وشدد على "أنّنا كنا نعيش يومياتنا، ونحن نتلقى أخباراً عنهم إيجابية تارة وسلبية تارة أخرى". وأشار إلى "أننا كنا نأمل أن يبقوا أحياء لأننا اعتقدنا أنّ "داعش" سيستخدمهم كورقة رابحة في مواجهة الحكومة".

عقوبة الإعدام

وواجه حسين حقيقة أخرى عن قضية العسكريين، معتبراً أنّ "التصعيد الذي قام به أهالي العسكريين المخطوفين في الأعوام الثلاثة الماضية، لم يحفز الحكومة على تحريك هذا الملف واعتباره أولوية ملحّة لها". وقال: "لم يتخذ ملف العسكريين أي حيّز من الأهمية في تلك الفترة، لأنه طغى على البلد جملة هموم بدت أكثر أهمية منه".

متابعة القضية

بعد وداع الأحبّة وتكريمهم، سيجتمع حسين بالأهالي للتشاور في الخطوات القانونية، مشيراً إلى "أنّ هدفنا هو محاكمة عمر ميقاتي وكل من شارك في هذه الجريمة". وأمل أن يصدر في حقه عقوبة بالإعدام، معتبراً "أنّنا نتوق إلى هذا القرار رغم أنّ لبنان لا يطبق عقوبة الإعدام". وأعلن: "سنتوجه إلى لقاءات مكثفة مع كل من رئيس الجمهورية ميشال عون وكبار المسؤولين في كل من وزارتي الدفاع والعدل وقيادة الجيش، لتحديد آلية التحرك". وتوقف عند "تفاعل الرئيس ميشال عون مع قضية استشهاد العسكريين"، مشيراً إلى أنه "تجاوب كثيراً مع هذا الملفّ وطرحه خلال زيارته إلى قطر"، قائلاً: "لقد طرح الرئيس عون ضرورة تشكيل لجنة تحقيق بقضية العسكريين، ومطالبته الشخصية بذلك جعلتنا نشعر بأنّ الملف سيتابع دون أن ينزلق في طرق ملتوية". وعن تأييده لاقتراح البعض أنّ تشكل لجنة برلمانية للتحقيق في هذه القضية قال: "لا مانع لدينا. لكننا نطالب أن تكون هذه اللجنة برئاسة قائد الجيش العماد جوزف عون".

ماتوا بدم بارد

كانت نبرة أم حسين عمار غاضبة جداً عند حديثها عن فاجعة قتل العسكريين، ووصفت مصابها قائلة: "إنّ العسكريين هم حماة الوطن، لا بل هم يؤمّنون الحماية للسياسيين في هذا البلد، فيما ندرك حقيقة مرّة أنهم قتلوا بدم بارد أو حتى "ماتوا ببطء". وشددت على أنه "لم يحِطنا أيّ مسؤول بأيّ معلومة عن استشهاد أولادنا في الجرود اللبنانية على يد "داعش". وقالت: "لم تأتِنا أيّ معلومة إيجابية كانت أو سلبية". وأبدت خوفها من تسييس القضية أو دفعها لأن تموت، مشيرةً إلى أنّ "الوزراء في حكومة رئيس الوزراء السابق تمام سلام الذين رفضوا المقايضة أو حتى المفاوضة في ملف العسكريين المخطوفين على يد "داعش" أدّوا دوراً سلبياً جداً في هذه القضية".

"ما طالع بإيدو شي"

أما الرئيس تمام سلام فدافعت عنه، مشيرة إلى أنها "التقته مراراً وأثارت معه هذا الملف". وقالت: "لم يكن يقوى على حبس دموعه. كان يبكي كثيراً عند حديثه عن العسكريين. كان يردّد أمامي أنها قضية إنسانية، لكنه كان يصارحني بأنه كان عاجزاً عن التحرك بالملف أو "هوي ما طالع بإيدو شي". عندما طالبته بالتصريح بما يجري للرأي العام بادرني مجيباً أنّ هذا الكلام قد يؤدي إلى فتنة في البلد".

السكوت ممنوع

استعادت بالذاكرة معاناتها اليومية في البحث عن ابنها المخطوف في كل شبر من عرسال، مشيرة إلى "أنها أمضت نحو 1200 يوم بين الجلوس في الخيمة بانتظار خبر ما أو التوجّه للبحث عن ابنها في جرود عرسال"، قائلة: "فقدت ابني، وسأنتقم. سنحدد خطواتنا بعد الانتهاء من مراسيم دفنهم". وعن خوفها من إغلاق هذه القضية قالت: "السكوت ممنوع. ابني هو حياتي كلها. لا أقوى على القول إنه شهيد لأنني أفضّل أنّ اعدّه مخطوفاً. لم أتقبّل فكرة استشهاده على يد "داعش". كنت سأتقبل فكرة استشهاده وهو يدافع عن لبنان أو في معركة ضدّ عدوّ. لكن استشهاده بهذه الطريقة هو أمر صعب جداً".

وشددت على أنني "ما زلت مؤمنة بالمؤسسة العسكرية"، مشيرة إلى أنّ "أحد أبنائي منخرط في الجيش، وأدعو الجميع إلى الانتساب إلى المؤسسة العسكرية لأنه علينا الدفاع عن لبنان. لا يمكن أن نترك لبنان لمن رفض مقايضة العسكريين أو التفاوض من أجلهم".

Rosette.fadel@annahar.com.lb