20 عاماً على رحيل الأميرة ديانا "النجمة التي لا تطال" او" ذلك الحلم المستحيل"!

اليوم يحتفل العالم بمرور 20 عاماً على وفاة الأميرة ديانا في حادث مروع في نفق جسر الما في باريس وهي برفقة حبيبها دودي الفايد. رغم الالم الشديد في حياتها، استطاعت ديانا ان تتغلب على الموت، لتصبح اميرة من رحم الاساطير، "النجمة التي لا تطال"، او "ذلك الحلم المستحيل". 

لوعة الفراق

ماذا بقي من ميراثها بعد مرور هذه الأعوام على وفاتها؟ هكذا قاربت الصحافية في مجلة "مدام لو فيغارو" الاسبوعية ستيفان برن هذه المناسبة في ملف خاص عن محطات رئيسية في حياتها، مشيرة الى ان "صورتها ما زالت نابضة بالحياة والحيوية أكثر من اي وقت مضى، وهي تترجم فعلياً من خلال ولديها وليام وهاري". توقفت عند الجهود الحثيثة التي بذلها كل من الولدين، للتعبير عن مشاعر منسية او حتى عن لوعة فراقها"، معتبرة ان هذا "لم يمنع ايا منهما من السير قدماً على خطى التزام الليدي ديانا الانساني تجاه الآخر، المنسي، الموجوع، تجاه الانسان وبكل بساطة".

خطاب الملكة الشهير

لا يمكن أحدا، وفقاً لبرن، ان يغفل عن الذاكرة خطاب الملكة اليزابيت الشهير عشية مراسيم دفن الليدي ديانا في 5 ايلول 1997. أعلنت الملكة اليزابيت الحداد الوطني على اليدي ديانا " اميرة القلوب" ، وخصت زوجة ابنها بتكريم خاص، ولاسيما بعدما توجهت الى نوافذ قصر باكنغام لترى بملء العين تضافر الناس وتفاعلهم مع هول هذا الخبر المفجع.

كيف قاربت الملكة اليزابيت الثانية خبر وفاة الليدي ديانا؟ لم يخف كلامها مدى اضطرابها لوفاة ديانا، ذهبت بعد ذلك لتكشف عن حزن شديد سكن قلبها اثر خبر رحيلها، رغم ما كان يعرف عن خلافاتها مع الأميرة ديانا، خصوصا بعدما انتهت علاقتها مع ابنها الأمير تشارلز بالطلاق. وقالت: "عند اعلان هذا الخبر المفجع، ظهر أمامنا مدى الحزن الشديد الذي عم بريطانيا والعالم كله عند وفاة ديانا. حاولنا مواجهة هذه الحقيقة المأسوية بوسائل مختلفة". واكدت انه "بات من الصعب التعبير عن حجم هذه الخسارة لأن شعورنا بالصدمة للخبر يتداخل مع مشاعر، منها الذهول، والحيرة وسوء الفهم والغضب والقلق الشديد".

وليام وهاري

ذكرت ملكة بريطانيا في خطابها انها تريد بداية ان تعبر عن مدى تقديرها لديانا، مشيرة الى انها "كانت استثنائية وصاحبة مواهب متعددة جداً". واعتبرت أنها "لم تفقد قدرتها على الضحك والبسمة، وكانت مصدر إلهام للآخرين بدفئها ولطفها سواء في الاوقات الجيدة أو السيئة". وعبرت عن "شديد إعجابها واحترامها لحيويتها والتزامها تجاه الاخرين وتفانيها الخاص لولديها". وقالت: "في هذا الأسبوع، في بالمورال، كنا نحاول مساعدة وليام وهاري على مواجهة هذه الخسارة المدوية التي عانيناها، وتحمل أوزارها الآخرون". تحدثت عن ديانا مشيرة الى ان "لا احد ممن عرفها سيتمكن من نسيانها". وقالت: "شعرت غالبية ساحقة من الناس بأنها عرفتها عن كثب، وهي ستبقى قابعة في ذاكرتهم، رغم أن بعضهم لم يلتقوا بها".

كانت الملكة اليزابيت الثانية تدعم بقوة رغبة محبي ديانا في تخليد ذكراها. وأملت "أن يتمكن الناس، أينما وجدوا، من أن يتحدوا في مشاعر الحزن لفقدان ديانا"، مشيرة الى أنها "فرصة لنا لنعكس الى العالم كله ان الامة البريطانية توحدت في هذا الوقت العصيب" تحت لواء "الحزن والاحترام". وقالت: "ليرقد الموتى بسلام، ولنشكر الله على هذه المرأة التي زرعت الفرح لدى الكثيرين في حياتها".

العرش... يتزعزع

في المقلب الآخر، عانت ملكة بريطانيا انتقادات لاذعة من الإعلام البريطاني، الذي اعتبر أنها أخفقت في التعامل مع قضية مقتل ديانا لأنها أدرجت في اولوياتها اهمية الاهتمام بحفيديها، او حتى ايجاد الكلمات المناسبة لتخفيف وطأة غضب الناس لمجرد سماعهم النبأ. واجهت الملكة اليزابيت الثانية موجة متصاعدة في العالم كله، مشيرة الى ان محبيها ارادوا ان يرفعوها الى منزلة قديسة، في حين كانت الملكة تعي تماماً أن عرش بريطانيا بدا متزعزعاً. عندما خاطبت الملكة اليزابيت الشعب البريطاني وهي ترتدي فستاناً اسود، أرادت أن تخاطب الناس بلغتهم، مشيرة الى ان علينا الاستفادة من العبر من وفاة ديانا". لكنها كانت تعي تماماً أنها استطاعت ردم الهوة التي فرضت نفسها بين الشعب البريطاني والقصر الملكي".

ماذا بعد موتها؟

قاربت برن انعكاسات موت الأميرة ديانا على أرض الواقع بأنه "ساهم في دفع عائلة ويندسور الملكية الى جس نبض الشعب البريطاني ومعرفة تطلعاته أواخر هذا القرن الماضي". استطاعت الملكة، وفقاً لبرن، ان تصبح قريبة من الناس، مبدية اهتماماً خاصاً بهم مع المحافظة على عراقة ملكية تطبع شخصيتها. لم يتوقف الامر على ذلك، بل تمكنت الملكة الالزابيت في ذكرى اليوبيل الذهبي والألماسي من أن تزيد رصيد شعبيتها، التي وصلت الى منزلة غير مسبوقة، مع ابقاء محبي ديانا على وفائهم لشخصها، لا بل لذكراها".

لم يترعرع وليام على ذكرى والدته، بل استطاع التوفيق بين حياة اريستوقراطية تقليدية مع تمسكه بمساعدة الآخرين كما جرت العادة مع والدته ديانا". استطاع ان يختار شريكة حياته كايت ميدلتون، التي دخلت قلوب البريطانيين ونجحت في مسيرتها وأنجبت ولدين للعائلة الملكية، وتمكنت من رسم خارطة طريق من وحي مسيرة ديانا دون المس بأي ذكرى معششة عن "اميرة القلوب" لدى البريطانيين".

خلصت برن الى الاعتبار ان "اميرة الشعب" بقيت رمزاً مهماً بين 1980 و1990، مشيرة الى انها "امرأة كانت في خدمة جمهور دولي أحبها وآمن بها، كانت المدافعة الشرسة عن قضايا كان لها أثر كبير في حياتها على غرار مرض فقدان المناعة لدى الاطفال المصابين بداء السرطان، وضحايا الالغام... كانت تتقبل مصاعبها من خلال نظرة الآخرين اليها أو متابعة معاناتهم عن كثب والوقوف الى جانبهم عند الشدائد".

بصماتها

شغلت ديانا الكتاب والصحافيين وبعض ناشري الكتب، وحظيت بالاهتمام نفسه الذي عرفته مارلين مونرو، ولاسيما من ناحية البحث المستدام عن الالغاز المحيطة بحياتها. من ابرز الكتب التي حظيت باهتمام الناس، "من قتل ليدي دي" للصحافي جان ميشال غاراديش الصادر عن دار "غراسيه" للنشر، ويتناول سيارة "المرسيدس" التي استقلتها ديانا ودودي الفايد، وهي مجرد حطام مركبة غير مؤهلة للقيادة او حتى لمواكبة الاميرة في تنقلاتها.

حظي كل من ولدي ديانا عند بلوغهما الثلاثين عاماً بـ15 مليون دولار اميركي كجزء من الميراث الشخصي من ديانا لكل منهما. استثمر هذا الميراث في قسم خاص بالدعم المالي للأميرة ديانا، وهو يدخل ضمن اطار المؤسسة الملكية لدوق ودوقة كامبرج والامير هاري". وشددت على ان هذا الدعم "الخيري انشأ في ايلول 1997، في اليوم الذي تلا وفاة هذه السيدة" مشيرة الى ان "الدعم المالي وصل الى 127 ملايين اورو موزعة على 44 جمعية خيرية متفرعة وموزعة على خمس قارات، وهو دعم موزع على 15 عاماً". بعد اعداد اغنية خاصة من المغني الشهير التون جون لديانا، اعلم دوق ودينسور والدوقة والامير هاري ان "المؤسسة التي اطلقوها هي المالك الحقيق لهذا الصندوق الخيري بدءاً من العام 2013"، ووسعوا اطار اعمالهم الخيرية الداعمة للصحة العقلية للأولاد، لمرضى السرطان، المصابين بالرعاية التلطيفية واعادة تأهيل الاولاد المحرومين، ونشر التوعية على مرض السيدا في افريقيا...

دوق كامبردج

عمل وليام وكايت وهاري على الوفاء لذكرى ديانا وحاولوا أن يسيروا على خطاها ويحترموا مسيرتها. حاولت دوقة كامبردج تقليد نموذج ديانا، وسعت الى ارتداء ملابس كلاسيكية والعمل على مساندة المرضى والمنسيين وذوي الحاجات الخاصة.

ولمناسبة عيد الملكة اليزابيت الـ90، تحدث دوق كمبردج عن الفترة القاتمة من حياته، ولاسيما عند مقتل والدته ديانا. تكاثرت الحفلات التكريمية التي اقامها وليام وهاري لتكريمها، وهذا ما ساهم في التسهيل على كل منهما في الحديث عن الفراغ الذي تركته والدته ديانا، وصولاً الى حديثه في فيلم وثائقي تم بثه في 31 آب. شرح وليام الشعور الذي رافق شقيقه عند رحيل والدته".

هاري...

عاش هاري بألم كبير وعانى كثيراً بسبب موت والدته المفاجىء. عاش شعور اليتم وهو في سن الـ12 عاماً، وتطورت مشكلاته النفسية التي فرضت متابعة من متخصص. وقال: "اريد القول ان خسارة والدتي وانا في الـ12 ربيعاً ادت الى كبت عواطفي. هذا بقي لـ20 عاماً و كان له تداعيات سلبية على حياتي الخاص وعملي. حاولت ان اتقوقع في حزني وانا اعيش معزولاً عن نفسي. لم اتمكن من ادارة المشكلة. لم اتمالك نفسي". لكن بعد متابعته النفسية، شعر هاري بتحسن لافت، وصارت الامور أفضل لديه.

قدم الامير هاري استقالته من الجيش وخصص وقته للأعمال الخيرية، ولاسيما في دعم المباريات الرياضية الخيرية الداعمة لذوي الحاجات الخاصة او قدامى المحاربين". اما شقيقه وليام فقد عبر عن شعوره بتحسن لافت عند الحديث عن الليدي ديانا، واعتبر ان زواجه وانجابه ولدين غيرا حياته واعطياه شيئاً من التوازن"، مشيراً الى انه كان يتعلم العيش ببساطة والسعي الى نشر المحبة بين الآخرين لإيجاد بيئة سليمة تقوم على تعامل بين الشقيقين قائم على المحبة".

Rosette.fadel@annahar.com.lb