اعطوا الخبز للخبّازين الاختصاصيين في العمل الاجتماعي مع الأطفال مرضى السرطان

صار عندنا بكل اعتزاز، باحثة جديدة متخصصة في إدارة المؤسسات الاجتماعية. إنها أمل هواري التي أنجزت للتوّ، في الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم، وتحت إِشراف الأستاذة الدكتورة هدى سليم، بحثاً خلاّقاً عن "دور الاختصاصي في العمل الاجتماعي مع الأطفال مرضى السرطان وأسرهم"، ونالت عليه درجة الامتياز بعلامة 98 من مئة، متخذةً من مستشفيات بيروت نموذجاً تطبيقياً للدراسة. 

تتمحور الدراسة على دور العامل الاجتماعي في الحقل الطبي، وتحديدا على الأطفال مرضى السرطان وأسرهم، لما لهذا الدور من أهمية على صعيد العملية الاستشفائية وحسن تجاوب الطفل المريض مع الإجراءات العلاجية، ومن قدرة على تحسين سير العلاج وتجاوب الطفل مع مستلزماته، ناهيك عن الرغبة الشخصية والفضول العلمي لدى الباحثة في توضيح الصورة المبهمة للعامل الاجتماعي ومحاولة إيفائه حقه، في ظل تخاذل الجهات النقابية والرسمية عن ذلك.

الهدف هو إيصال الصورة الصحيحة للعامل الاجتماعي، وتحسين مستوى تقديره في المجتمع، بالإضافة الى الرغبة في اثبات أهمية الخدمة الاجتماعية في المجال الطبي.

يتضمن البحث شرحاً مستفيضاً عن مفهوم الطفولة بشكل عام، سعياً إلى توفير المعلومات اللازمة التي يحتاجها العامل الاجتماعي في تعاطيه مع الأطفال، وخصوصا مرضى السرطان، حيث كان لا بد من توضيح مراحل الطفولة والحاجات البيولوجية، الفيزيولوجية، والسيكولوجية، التي تساهم في تسهيل التعامل مع الطفل المصاب، والتنبؤ بردود افعاله ومعرفة طريقة التعامل معها.

تلقي الدراسة ضوءاً كاشفاً على الأمراض السرطانية وتاريخها وأنواعها عموما، وسرطان الأطفال بشكل خاص، مع الأسباب المؤدية لهذا المرض، وطرق علاجه، وتحدد المراكز والمستشفيات التي تعالج هذا المرض في لبنان، بالإضافة الى الإمكانات التي توفرها وزارة الصحة، وحجم العبء المادي الملقى على كاهل الأسر التي يعاني أحد أطفالها من هذا المرض.

وكان لا بد من الإضاءة على الوضع النفسي والاجتماعي للأطفال مرضى السرطان وأسرهم من حيث الصدمة التي ترافق معرفة الخبر للوهلة الأولى، مرورا بانعكاساته على الوضع النفسي للطفل واسرته، بين الصدمة، الخوف، الانكار، الغضب، والأمل بالشفاء.

تعرّف الدراسة بالاساليب المناسبة للتعامل مع كل من هذه المراحل والتفاصيل، وفي الأخص كيفية معاملة الأهل للطفل، والمجتمع عموماً، في مختلف مراحل العلاج، منذ كشف المرض حتى ما بعد مرحلة التعافي والشفاء التام، لمتابعة انخراط الطفل في المجتمع من جديد من دون أي تأثيرات وانعكاسات سلبية على نفسيته.

تركّز الباحثة على التعريف بهذا العمل، وبالعامل الاجتماعي في الحقل الطبي، وبتاريخ هذه المهنة ودورها الريادي البنّاء في المجتمع، بالإضافة الى دور العامل الاجتماعي مع الأطفال مرضى السرطان وأسرهم بشكل تفصيلي، كما هي الحال بالنسبة إلى علاقة العامل الاجتماعي مع كل من الطفل المريض، أخوته، أهله، محيطه، وحتى مع الطاقم الطبي في المركز الاستشفائي.

وهي لأجل ذلك، كانت أمضت فترة طويلة ومعمقة من البحث والتفتيش ومراجعة المصادر والمراجع التي تتحدث عن هذا المرض وانواعه والتعرف إلى خصائصه وكيفية علاجه، فقابلت اهل الاختصاص من اطباء اورام سرطانية، واحاطت بجوانب مهمة من المرض والطفولة وأحوال الاسر، ثم عمدت الى العمل الميداني فزارت عددا من مراكز الرعاية المختصة بأطفال السرطان في بيروت.

وكانت هواري أعدّت استمارة استبيان مع الموظفين العاملين في كل مركز، واستمارة استبيان مماثلة للأهل، وقدمت مجموعة انشطة للتوعية حول كيفية التعاطي مع الاطفال المرضى، ثمّ أعدت استمارة استبيان ثانية للأهل بعد الانشطة، من اجل مقارنة الاجوبة للتحقق من الفرضيات.

وفي مرحلة متقدمة من البحث، حللت هواري الاجابات، وقارنت نتائجها مع الفرضيات، فخرجت بعد التحليل بما يشكل برنامج عمل مستقبلياً لمراكز علاج السرطان.

- عدم وجود اختصاصيين اجتماعيين، يؤدي الى تفاقم الازمة النفسية عند الاهل والمصاب

- دعم العامل الاجتماعي لأسرة المصاب بالسرطان داخل المستشفى، يؤدي الى تقبل الاهل لمرض ولدهم وإلى تأمين الدعم المعنوي له.

- تلقّي الطفل المصاب رعايةً من الاختصاصي الاجتماعي في مراكز الرعاية، يساهم في استقراره نفسيا وفي مساعدته على تلقي العلاج بشكل مريح وفعال.

ترى الباحثة في ضوء نتائج الدراستين النظرية العملية، وجوب تفعيل هذا الدور وتنشيطه، وتقديم سبل الدعم له، لإدراجه في صلب العملية الاستشفائية، بالإضافة الى أهمية استثمار هذه الطاقات والإمكانات والقدرات التي يمتلكها العامل الاجتماعي في مكانها الصحيح، وخصوصاً بعد ملاحظة التغير الجذري الملحوظ لانطباع اهل الأطفال عن هذا الدور.

في التوصيات، تدعو الباحثة إلى:

- الإسراع في إنشاء أقسام خاصة للخدمة الاجتماعية في المراكز والمؤسسات الطبية.

- تشريع المهنة وخلق قوانين بموجبها تلزم المؤسسات الصحية والمستشفيات توظيف اختصاصيين في العمل الاجتماعي.

- اطلاق ندوات وورش عمل لتوضيح أهمية دور الاختصاصي الاجتماعي في المجال الطبي.

- الاختصاصيونن الاجتماعيون في الحقل الطبي، مدعوون إلى القيام بأدوارهم المهنية على أفضل المستويات وتفعيلها؛ لكي تنعكس بصورة إيجابية على الخدمة الاجتماعية ككل.

- إنهم مدعوون إلى التحلي بروح التعاون ومشاركة الفريق الطبي في جميع ما يتعلق بالمرضى في المستشفى، وإبراز اهتمامهم بالمريض بالشكل الأمثل.

- تنمية مستويات أداء الاختصاصيين الاجتماعيين من خلال التدريب المشترك مع فرق العمل الطبية.

- تحفيزهم مادياً ومعنوياً لرفع روحهم.