وفاة ابن الـ5 أعوام بعد نزوله إلى البحر في غزة... تفاقم مشكلة تلوث المياه نتيجة أزمة الكهرباء

سلّطت وفاة الطفل محمد السايس، إثر تسممه بعد سباحته في بحر #غزة، الضوء على تزايد التلوث بمياه الصرف الصحي لتوقف محطات المعالجة عن العمل، جرّاء تفاقم أزمة الكهرباء في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل منذ أكثر من عقد.

توفي محمد ابن الخمسة أعوام نهاية شهر تموز بعد أيام من نقله الى المستشفى مصابا بإعياء مع أشقائه بعد أن سبحوا في البحر الذي تصب فيه المياه العادمة، وحيث تصل نسبة التلوث قرب الشاطىء الى 73 %.

وأكدت وزارة الصحة في غزة أن الطفل أصيب بتسمم بسبب ابتلاع مياه البحر الملوثة، مشيرة إلى إصابته بجرثومة "أحدثت تلفا في الدماغ" من دون مزيد من التفاصيل.

ويشرح والد الطفل السايس أن العائلة توجّهت إلى البحر في منطقة الشيخ عجلين جنوب غرب غزة، مضيفاً "أولادي سبحوا في البحر طيلة اليوم، لكن بعد عودتنا للمنزل أصيبوا جميعا باعياء شديد. قمت ينقلهم للمستشفى لكن محمد توفي بعد ايام". 

ويصب 23 مصرفا لمياه المجاري المياه المبتذلة على شواطئ القطاع الفقير الممتدة لنحو اربعين كيلومترا.

وتعمل محطات معالجة المياه العادمة بربع طاقتها نتيجة أزمة الكهرباء، وفق تقرير لمركز الميزان لحقوق الانسان، لذلك تصب 100 الف متر مكعب من مياه المجاري على الاقل يوميا في البحر".



وقدّرت #الأمم_المتحدة أن قطاع غزة سيصبح مكاناً غير صالح للعيش بحلول العام 2020، إلا أن تقريراً حديثا قال إن الكارثة وشيكة.

وقرب بلدة بيت لاهيا المحاذية للحدود الشمالية مع اسرائيل، تنبعث رائحة كريهة من مضخة رئيسة لمعالجة مياه المجاري والصرف الصحي وسط برك تجميع كبيرة للمجاري.

ويقول موظف في المضخة: "نضطر لضخ كميات كبيرة من المجاري في البحر بسبب أزمة الكهرباء حتى لا تطفح وتغرق المزارع ومنازل المواطنين القريبة".

ويقول أحمد حلس المسؤول في سلطة البيئة: "شاطئ بحر غزة ملوث. وصل هذا التلوث حتى الى الشواطئ جنوب تل ابيب حيث أغلق شاطىء الشهر المنصرم لهذا السبب".

وحدّدت منظمة تابعة للامم المتحدة أحد عشر مكانا ملوثا على شاطئ البحر في القطاع لا تصلح للسباحة، تشكل ثلثي شواطىء القطاع.

وقال حلس إن "تداعيات الحصار والانقسام زادت من المشاكل الكارثية خاصة ان محطات معالجة المجاري وعددها 12 لا تعمل في ظل أزمة الكهرباء".

يذكر أن القطاع يعاني من أزمة كهرباء منذ عشر سنوات، لكنها تفاقمت بعد تخفيض السلطة الفلسطينية في نيسان قيمة فاتورة كهرباء غزة التي تدفعها لاسرائيل، التي خفضت بدورها كمية الكهرباء التي توردها الى القطاع.

ومع تقليص الكهرباء من اسرائيل أعلنت شركة كهرباء غزة تطبيق برنامج طوارئ بتوفير الكهرباء فقط لاربع ساعات، مقابل 20 ساعة انقطاع يوميا.

وفي مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة لجأ همام (34 عاما) لشراء الماء من عربة مياه ليستحم به أطفاله الاربعة امام منزله المطل على البحر قبالة مصب لمياه المجاري على الشاطئ.

ويقول همام: "نحن مضطرون لشراء مياه مفلترة للشرب والاستحمام لأن المياه التي تصل إلى المنازل غير صالحة لا للشرب ولا للاستحمام ومياه البحر ملوثة بالمجاري".

الا ان التلوث لا يمس فقط مياه البحر، إذ أكدت مصلحة بلديات الساحل في قطاع غزة ان "اكثر من 97% من المياه الجوفية لا تصلح للاستخدام المنزلي".

ويوضح ياسر الشنطس رئيس سلطة المياه في غزة ان "القطاع يعاني من عجز يصل الى 120 مليون متر مكعب سنويا في المياه و85% من آبار غزة غير صالحة للشرب او الاستهلاك الآدمي وتزداد تلوثا وخطرا يوما بعد يوم".

وتحتاج البلديات في القطاع، الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ نحو عقد إلى 400 الف لتر من مازوت السولار لتشغيل مولدات كهرباء وبالتالي المضخات لعدة ساعات إضافية يوميا، لكنها تشكو من عدم توفر المال.

ويحتاج القطاع وعدد سكانه نحو مليوني نسمة الى 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا.

تكتظ شواطئ القطاع بالاف المصطافين، لاسيما في عطلة نهاية الاسبوع ولا تمنع التحذيرات من خطر التلوث مئات الاطفال من السباحة على شواطئ القطاع بصبحة عائلاتهم او خلال رحلات تنظمها جمعيات خيرية.

ويقول والد الطفل المتوفى: إن "الجو حار والرطوبة مرتفعة ولا يوجد كهرباء ولا حتى مياه في المنزل، والبحر متنفسنا الوحيد".

ولا يبدو الامر مختلفا بالنسبة لمصطفى الخطيب (47 عاما) الذي اصطحب اسرته المكونة من 7 أفراد الى البحر في منطقة تل الهوى غرب غزة ويقول: "كل الشواطئ غير نظيفة للسباحة، لكن لا متنفس أمامنا غير البحر".