الغوطتان... بداية النهاية؟\r\n

كل شيء يوحي بضربة عسكرية غربية وشيكة وربما عاجلة لسوريا. المواقف الغربية والتصريحات الاميركية، الى المساحة التي يستأثر بها هذا السجال في وسائل الاعلام الغربية، تدل على أن الغرب تخلى عن تردده، وحزم أمره. لم يعد مهما مَن استخدم السلاح الكيميائي. صار المهم أن السلاح "الاكثر وحشية استخدم ضد السكان الاكثر ضعفا في العالم"، وتجب معاقبة الفاعل.


في يوم مجزرة الغوطتين الاربعاء الماضي، كانت مرت سنة تماما على تحذير الرئيس اوباما في 21 آب 2012 الرئيس السوري من أن استخدام الاسلحة الكيميائية في النزاع السوري، يشكل تجاوزا لـ"خط أحمر" سيضطره الى تغيير استراتيجيته في سوريا. ويدرك نظام الاسد بالتأكيد أن استخدام الاسلحة الكيميائية في هذه المرحلة هو بمثابة ازدراء لا للرئيس الاميركي وخطه الاحمر فحسب، وإنما للأمم المتحدة برمتها. لكن الرئيس السوري امتحن جيدا تردد الغرب، وأميركا خصوصا، في التورط في سوريا، بعدما أمضى سنة كاملة يختبر هذا "الخط الاحمر" وحدوده، ونجح في تغيير هامشه مراراً. ولعله راهن هذه المرة ايضاً على التلكؤ الأميركي.
لكن استخدام السلاح الكيميائي ليس الاثر السلبي الوحيد لتردد الغرب في سوريا. فعندما ارتفعت اصوات عام 2011 تطالب واشنطن بتشكيل تحالف ضد دمشق، رد أصحاب القرار في حينه بأن تدخلا كهذا سيدفع النظام السوري الى استخدام الاسلحة الكيميائية ويزيد أخطار الجهاديين تفاقما ويؤدي الى زعزعة استقرار الاردن ويوسع رقعة النزاع السني - الشيعي حتى العراق ولبنان.
وفي ظلّ العجز عن الحسم الذي يأباه كلّ من فريقي النزاع، وفي غياب جهود دولية جدية للتوصل الى حل سلمي، تحولت كل تلك المخاوف حقيقة. وعاد العنف الطائفي ليشهد أحوالا لم يعرفها العراق منذ زيادة القوات الاميركية في هذا البلد عام 2007. وصارت سوريا موئلا لـ"الجهاد العالمي" تصدر الجهاديين الى العراق ليقاتلوا الميليشيات الشيعية التي تحركها طهران. ودخل لبنان الهش في لعبة الصراع الطائفي. وبات اللاجئون السوريون خطرا لا على استقرار الاردن فحسب، وإنما لبنان وتركيا ايضا.
ليس أكيدا أن تدخلا عسكريا قبل سنتين كان سيجنب المنطقة كل هذا، وإن يكن الأكيد أن الوضع في حينه كان أقل تعقيدا مما هو راهناً. وإذا كان ثمة من جادل بأن تدخلا عسكريا كان سيعقد الوضع، فليس ثمة أسوأ من الوضع الراهن، ومما قد ينجم عنه، في سوريا وايضاً في لبنان والعراق والأردن وربما تركيا.
وضعت صور أطفال الغوطتين المجتمع الدولي أمام منعطف حاسم. لم يعد قادرا على التراجع. صارت الضربة شبه محتمة أو أكثر. وفي خضم الأسئلة الكثيرة العالقة عن حجمها وشكلها، يبقى السؤال الابرز: ماذا بعدها؟ تستطيع الضربات الجوية المرجحة اضعاف القدرات العسكرية للأسد، ولكن هل ترغمه على الرحيل؟ وماذا إذا أصر على البقاء، هل يصير أشد بطشاً؟