غرب الموصل يجاهد لاستعادة الرّوح... محال تفتح وشوّايات الدّجاج وسط الأنقاض

على مقربة من المدينة القديمة، قلب #الموصل التاريخي الذي دمرته المعارك الشرسة، يراقب ماهر النجماوي عاملا يجدد طلاء متجره المهجور منذ فترة طويلة، في مسعى من سكان ثاني أكبر مدن العراق الى إعادة الروح إليها، بعد شهور من القتال.


يقول النجماوي (29 عاما)، وهو بائع بطاريات وإطارات سيارات: "هنا انفجرت سيارة مفخخة، وهناك ضرب صاروخ المبنى". لا يزال الطلاء الأبيض على واجهة محله ناصعا، بعكس الدمار الرمادي المحيط بالمكان. صفوف من المحلات لا تزال فارغة، وواجهاتها الحديدية متروسة بثقوب الرصاص.  


في المدينة القديمة، تغطي الأنقاض والركام وقطع الخردة، الشوارع الممتدة بين مبان نصف منهارة. ويحاول السكان، حيث حاصرت القوات العراقية مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" داخل ما كانوا يعتبرونه معقل "الخلافة"، إعادة الحياة الطبيعية مجددا إلى المدينة التي شوهتها الحرب.  


يناظر سالم عبد الخالق أمام منزله عمالا يضعون حجارة جاهزة لإعادة بناء متاجر قريبة. يقول: "عنف الغارات وانفجار السيارات المفخخة ضعضعت المنازل القديمة". ويضيف الرجل البالغ 34 عاما، وهو أب لـ8 أطفال: "هذه المحلات أصيبت بأضرار. كنا نخشى أن تنهار، لذلك هدمناها لإعادة بنائها. أود أيضا أن أجدد داخلية منزلي. لقد تصدعت الجدران والأساسات".   

(أ ف ب) 


في شارع تسوق في حي الموصل الجديدة خارج البلدة القديمة، تفوح رائحة كريهة من مياه صرف صحي تتدفق في أقنية ممتدة إلى جانب أرصفة تغطيها القمامة. لكن عند أسفل المباني المهدمة، محلات تجارية أعادت فتح أبوابها. وأمام متجر لبيع الثلج، حفرة كبيرة تتكشف منها أنابيب ملتوية. وإلى أبعد بقليل، تغزو الأرصفة طاولات وكراسي مطاعم وشوايات الدجاج.  


يقول أحمد حامد، وهو يجلس مع أصدقائه، ويستعد لتناول وجبة من اللحم المشوي أمام أحد المطاعم: "في السابق، لم نكن قادرين على المشي هنا. كان الدمار في كل مكان. لكن خلال الشهرين الماضيين، بدأت الحياة تعود تدريجيا إلى طبيعتها".  


يوضح هذا المهندس البالغ 49 عاما أن البنى التحتية في غرب الموصل دمرت. "الطرقات، ونظام الصرف الصحي، والمياه الجارية، والكهرباء، لم يبق شيء. بالنسبة الى المياه، هناك خزانات أو منظمات توزعها مجانا. أما الكهرباء، فالناس تشترك في مولدات كهربائية في كل حي".   


في آخر الشارع، يصب عمال البلدية الإسمنت في خنادق كبيرة بعد تركيب مجار جديدة. يقول المسؤول عن معالجة مياه الصرف في البلدية عمار أنور: "نعمل منذ شهر في مناطق تم تحريرها في غرب الموصل". لكن سلطات المدينة تقول إن لديها نقص مالي. 

ويشير أنور إلى أن "الأموال التي خصصت قليلة بسبب الوضع المالي للبلاد. لكن المنظمات غير الحكومية ستساعدنا".


وحذرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة الاثنين من أن الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والبنية التحتية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، ستحتاج إلى إعادة بناء أو إصلاح. ورأت أنه "من المحتمل أن تكون عملية إعادة البناء بطيئة ومكلفة، لكنها ضرورية لتحقيق الاستقرار".   

(أ ف ب) 


لكن في متجر البقالة، حيث يعمل لؤي حازم، عادت السلع الأساسية الى الظهور مجددا. فهو يبيع المعكرونة وصناديق الفاصولياء وكراتين البيض وزجاجات المياه والحفاضات. "كل هذه المنتجات متوفرة الآن، لكنها أغلى بسبب النقل"، على قوله.   


كذلك، يشكو حازم من الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية. ويقول هذا الشاب العشريني الذي يبدو ثلاثينيا: "لا توجد مياه ولا كهرباء. يمكنك الحصول على كهرباء عن طريق المولد، لكن الأسعار التي يفرضونها أعلى من الأسعار التي تحددها الحكومة (...) لقد دمرنا داعش".