"توتال" تعود الى إيران... توقيع عقد بمليارات الدولارات لتطوير حقل بارس

تجاوزت شركة النفط الفرنسية العملاقة "#توتال" الضغوط الأميركية، ووقعت اليوم عقدا لتطوير حقل غاز مع #ايران بقيمة مليارات عدة من الدولارات، وهو الاتفاق الأول لشركة أوروبية مع الجمهورية الاسلامية منذ أكثر من عقد.


وستستثمر "توتال" في شكل أولي مليار دولار (880 مليون أورو) في حقل #بارس الجنوبي للغاز، ضمن تحالف مع شركتين صينية وايرانية. ومدة المشروع 20 سنة ستضخ خلالها الشركات مبلغ 4,9 مليار دولار.  


وبذلك، تصبح الشركة الفرنسية المجموعة النفطية الغربية الأولى التي تعود الى إيران منذ توقيع الاتفاق النووي في تموز 2015 بين طهران والقوى العظمى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا". واعتبر رئيس مجلس ادارة "توتال" باتريك بويانيه، خلال احتفال التوقيع في طهران: "هذا اليوم بالنسبة الى "توتال" تاريخي. انه يوم عودتنا الى ايران".  


وقال: "لسنا منظمة سياسية، لكننى آمل في ان يشجع هذا الاتفاق شركات اخرى للمجيء الى ايران، لأن التنمية الاقتصادية هي ايضا طريق لبناء السلام". واضاف: "نحن هنا لبناء الجسور، وليس الجدران".  

(أ ف ب) 


والمشروع في حقل بارس الجنوبي المشترك بين ايران وقطر هو الأول بموجب "عقد نفطي ايراني جديد" يمنح شروطا أفضل للاستثمارات الأجنبية، ويواجه انتقادات حادة من المتشددين الذين اعتبروه سخيا جدا. 


ورأى وزير النفط الايراني بيجان نمدار زنغنه ان الاتفاق كان نتيجة مباشرة لاعادة انتخاب الرئيس المعتدل حسن روحاني في ايار الماضي والدعم الشعبي لاعادة بناء الروابط مع الغرب. وقال: "الشعب قال بثبات ان سياساتنا النفطية يجب ان تستمر". واضاف: "يجب الا ننسى ابدا ان "توتال" كانت من اوائل المبادرين".  


واوضح ان صناعة ايران النفطية تحتاج الى نحو 200 مليار دولار من الاستثمارات في السنوات الخمس المقبلة، وكانت الشركات الأوروبية تترقب الفرص بتوق كبير في بلد يحوي ثاني أكبر احتياطي غاز في العالم ورابع احتياطي نفطي. لكنها كانت حذرة من الاستثمار بسبب العقوبات الأميركية المستمرة.  


وعينت "توتال" مسؤولا خاصا للامتثال مهمته الوحيدة ضمان عدم وقوع الشركة في مطب الاجراءات الأميركية المتخذة ضد ايران. ويجب ان تمنع "توتال" خصوصا وصول أموال الى الحرس الثوري الايراني، وهو امر شائك نظرا الى الوجود الخفي للحرس في الاقتصاد الايراني.  


في أواسط حزيران، صوّت مجلس الشيوخ الأميركي بغالبية ساحقة على قانون جديد من اجل تشديد العقوبات على إيران، بعد اتهامها بـ"دعم اعمال ارهابية في العالم". والبيت الأبيض هو ايضا وسط مراجعة تمتد لـ90 يوما حول ما اذا كان يجب التخلي نهائيا عن الاتفاق النووي مع ايران، وهو امر لوّح به الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية.  


وأدى الغموض المحيط بالسياسة الأميركية واحتمال تشديد العقوبات الى تراجع في حماسة بعض الشركات الدولية، مثل "بريتش بتروليوم" البريطانية، بينما اكتفت شركات مثل "شل" و"غازبروم" (روسيا)، بتوقيع اتفاقات اولية.  


ووقع الجانبان الاتفاق التمهيدي في تشرين الثاني 2016. وكان بويانيه اعلن في شباط الماضي انه ينتظر "القرار النهائي" للادارة الأميركية قبل المضي قدما. واتخذت "توتال" قرارها، رغم تصعيد الموقف المعادي لواشنطن التي تؤيد تشديد العقوبات على طهران.  


ويأتي توقيع الاتفاق مع "توتال" بعد أيام فقط على جولة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في أوروبا، حيث استقبله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وتسلم منه رسالة من روحاني. فطهران تسعى الى تعزيز علاقاتها بالاتحاد الاوروبي ازاء عدائية الولايات المتحدة. 


وكتب ظريف في تغريدة، في ختام جولته الاوروبية: "رغم العدائية غير العقلانية للولايات المتحدة، يبقي الاتحاد الاوروبي التزامه إزاء الاتفاق النووي والتفاهم البناء" مع إيران.  


وخلال احتفال التوقيع اليوم، قال بويانيه: "لدى توتال تاريخ طويل في ايران"، مشيرا الى تطويرها المرحلتين الثانية والثالثة من حقل بارس الجنوبي ابان التسعينات.  


وينص الاتفاق مع "توتال" على تطوير المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي، على ان تملك المجموعة الفرنسية 50,1% من حصص التحالف المكلف استثمار الحقل، تليها المؤسسة الوطنية الصينية للنفط (30%)، والإيرانية بتروبارس (19,9%).  


وزاد الموقف العدائي لواشنطن من صعوبة تطبيع العلاقات الاقتصادية بين إيران وسائر دول العالم، خصوصا لجهة تردد المصارف الدولية الكبرى في العمل مع طهران، اذ تخشى اجراءات عقابية أميركية.  


وشددت شركة "بي ام آي" الاستشارية على ان "الشركات العاملة في إيران ستظل تواجه سلسلة مشاكل بنيوية، خصوصا الفساد والبيروقراطية وخللا محتملا في الاستقرار"، اضافة الى تردد البعض، خصوصا على المستوى السياسي، "في السماح بمشاركة أجنبية في الاقتصاد".  


منذ رفع العقوبات، باتت "توتال" ثالث شركة فرنسية كبرى تعود الى إيران، بعد مجموعتي "بي اس آ" و"رينو" للسيارات، مما يضع فرنسا في موقع جيد على صعيد السوق الإيرانية.