3 عوامل ضاغطة تقدم الاولويات المعيشية

انتقل اهل السلطة في لبنان الى اعطاء مؤشرات قوية عن الرغبة في ايلاء الهموم المعيشية والاجتماعية الحيز الاكبر من اهتماماتهم . اذ برزت هذه المؤشرات في عطلة عيد الفطر مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كرر ظهر اليوم امام نواب لقاء الاربعاء اصراره على اقرار سلسلة الرتب والراتب للموظفين قبل اقرار الموازنة العامة وذلك في جلسة استثنائية يتم الدعوة اليها قبل منتصف شهر تموز المقبل. وفيما بدا واضحا ان تركيز المسؤولين سينصب على هذه النقاط وفقا لما جاء في الخطب التي القاها رئيس الحكومة سعد الحريري في الافطارات الرمضانية وتكرس ذلك في اللقاء التشاوري الذي ترأسه رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، فان مصادر سياسية تحدثت عن ان الاهتمام بالملف المعيشي والحياتي يكتسب ثلاثة ابعاد :

اولها انه بعد اتفاق الافرقاء السياسيين على قانون الانتخاب يصعب الوثوق بقدرة هؤلاء الافرقاء على مقاربة اي مسألة سياسية انطلاقا من ان قانون الانتخاب استغرق ثماني سنوات لانجازه فيما يمنع تاثير الخلافات الاقليمية الاتفاق على رؤية موحدة للسياسة اللبنانية. والدليل الابرز على ذلك كان اللقاء التشاوري الذي عقد في قصر بعبدا قبيل عطلة عيد الفطر والذي نأى به المسؤولون عن البحث في اي مسألة سياسية تتطلب قرارا حاسما باعتبار ان ما تم التطرق اليه حول تنفيذ بنود اتفاق الطائف حمل وجهات نظر مختلفة ولم يبحث في تقريب وجهات النظر حولها. وهو الامر الذي يعني ان المجال المتاح امام الحكومة للعمل على نحو جدي هو مقاربة المسائل غير السياسية البحت خصوصا ان لبنان في حاجة ماسة لمعالجة هذه المسائل بعد عامين ونصف من الشغور الرئاسي والمماحكات السياسية التي اتاحت حصول خسائر اقتصادية واجتماعية هائلة.

 والبعد الثاني للاهتمام بالملفات الحياتية هو ان ثمة تحديات اقتصادية خطيرة تواجه لبنان وتتطلب مقاربة جدية لا يضغط في شأنها الواقع المعيشي الصعب للبنانيين فحسب بل ايضا رؤساء البعثات الديبلوماسية الذين يرون ان الاهتمام بالوضع الاقتصادي ضروري نظرا الى الحجم الدين الكبير الذي اصبح يعاني منه لبنان فضلا عن ان الدول تتطلب تحسينات او شروط معينة من اجل ان تلتزم مساعدة لبنان في قطاعات اقتصادية عدة.

اما البعد الثالث والاخير، فيتصل بواقع حاجة القوى السياسية الى الالتفات الى الاوضاع الاجتماعية وايلاء الاوضاع الاقتصادية ومطالب الناس في شأنها اهمية مع بدء السياسيين حملاتهم الانتخابية على نحو مبكر من اجل الاستعداد للانتخابات النيابية. ذلك انه ليس كل الحملات والتقديمات تحصل في اللحظة الاخيرة بل يتم البدء بها مسبقا.

وتركيز الاهتمام على هذا الجانب لم يمنع استمرار ردود الفعل السياسية على الكلام الذي اطلقه الامين العام ل" حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطاب يوم القدس الاسبوع الماضي. اذ ردت القوات اللبنانية للمرة الثانية عبر مصادر لها بعد كلام مباشر لرئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع . فاعتبرت هذه المصادر ان كلام نصرالله يزعزع المناخ الايجابي وان حماية لبنان هي من مسؤولية الدولة حصرا. وواقع الامور ان كلام الامين العام للحزب ارخى بثقله في الايام الاخيرة وان لم تتصاعد الردود السياسية وفق ما بدا لافتا تحت ذريعة ان عيد الفطر ليس المجال لتوسيع حجم الردود. لكن بدا واضحا ان الجميع ملتزم عدم تجاوز بعض الحدود المعينة في الردود التي بقيت تحت سقف غير مرتفع في ظل حرص واضح على عدم هز الاستقرار السياسي القائم . ومن شأن عدم انعقاد جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع ان تميع احتمال مقاربة هذا الموضوع الاسبوع المقبل علما ان هذه المسائل لا تطرح على طاولة مجلس الوزراء.