أكبر تخفيض للضرائب في تاريخ الولايات المتحدة... ترامب متهم؟

موريس متى

خلال خطابه الرئاسي الاول امام الكونغرس، تعهد الرئيس الاميركي دونالد ترامب إصلاح نظام الهجرة وتحسين فرص العمل والأجور للأميركيين، وتخفيض ضريبي "ضخم" للطبقة المتوسطة، وتخفيضات ضريبية للشركات. وفي خطوة كانت ينتظرها الملايين في الولايات المتحدة وحول العالم، خرجت إدارة ترامب معلنة خطة حكومته لتنفيذ تخفيضات ضريبية ضخمة تستهدف خفض أعلى معدلات ضرائب على الدخل للأفراد والشركات. بدوره أكد رئيس مجلس النواب الأميركي وأحد قادة الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب أن خطة الإصلاح الضريبي تستهدف خفض المعدلات الضريبية وتقليل الإعفاءات، وقادة الكونغرس يعتزمون التحرك بأسرع ما يمكن لتمرير هذه الإصلاحات بمجرد تقديم الإدارة الأميركية لمشروع القانون، وكل ذلك في محاولة تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي الاميركي. وستكون خطة الرئيس ترامب الجديدة بمثابة دليل للكونغرس الذي يحاول تمرير مشروع قانون إصلاح الضرائب خلال الأشهر المقبلة.

ومن أبرز ما الاجراءات التي تضمنتها هذه الخطة خفض ضريبة الشركات من الحد الأقصى الحالي وهو 35% أو أكثر إلى نسبة 15%، فيما تؤكد وزارة الخزانة ان خفض الضريبة يهدف إلى مساعدة الشركات الصغيرة وليس الأثرياء ولن يكون هذا الخفض ثغرة تسمح للأغنياء الذين يجب أن يدفعوا ضرائب أعلى، بدفع نسبة 15%".

ومن البيت الابيض، أعلن وزير الخزانة ستيف منوتشين ومدير المجلس الاقتصادي الوطني غاري كوهن تفاصيل هذه الاجراءات التي كان لاحظها ترامب خلال حملته الانتخابية، فيما لم يدخل المسؤولون في تفاصيل هذه الخطة. ومن أبرز نقاط هذه الخطة التي عرفت بأكبر تخفيض ضريبي تشهده الولايات المتحدة في تاريخها:

- تخفيض ضريبة الدخل على الأفراد من 39.6% لأعلى شريحة إلى 35%.

- تخفيض شرائح الضريبة الاتحادية على الدخل من 7 إلى 3 شرائح مع تحديد الحد الاقصى لهذه الضرائب عند 35% والحد الادنى بين 15% و 25%. ( وبالتالي تحدد 3 درجات لفرض الضرائب بقيمة 10% و 25% و 35% كحد أقصى بحسب نسبة الدخل)

- تبسيط عملية إعلان المواطنين الأميركيين عن دخلهم ودفعهم الضرائب.

- تخفيض ضريبة الشركات من الحد الأقصى الحالي اي 35% الى 15%.

- الغاء كل الاعفاءات بإستثناء بعض فائدة الرهن العقاري وبعض الاعفاءات المتعلقة بالاعمال الخيرية والانسانية.

- خفض الضريبة على عائدات الاستثمار أو ضريبة الأرباح الرأسمالية من 28.2% إلى 20%.

- فرض ضريبة لمرة واحدة على المليارات التي تجنيها الشركات الاميركية العاملة خارج الولايات المتحدة، على ان تحدد هذه الضريبة في الايام الفترة المقبلة بعد الاتفاق عليها بين البيت الابيض. على ان تكون هذه الضريبة، بحسب وزير الخزانة الاميركية ضريبة تنافسية لا تنعكس سلبا على عمل هذه الشركات.

- تلاحظ خطة ترامب التخلص من الضريبة العقارية والحد الأدنى للضريبة البديلة (alternative minimum tax )، والتي تفرض على الأشخاص الذين يحصلون على خصومات من دخلهم الخاضع للضرائب. وهذه الاجراءات متصب في صالح رجال الاعمال الاميركيين والمزارعين بحسب رئيس المجلس الاقتصادي الوطني الاميركي، حيث يتأثر هؤلاء الاكثر جراء هذه الضريبة.

- تشمل الخطة نظام ضريبي إقليمي جديد والذي لا يشمل الضرائب الايرادات المحققة خارج الولايات المتحدة.

- الغاء نظام الرعاية الصحية المعروف بـ "اوباما كير" والذي يحمل المواطن ضرائب إضافية بنسبة 3.8%.

والملف ان البيت الابيض لم يوضح تأثيرات هذه الخطوات والاجراءات على الاياردات العامة لخزينة الدولة الاميركية أم إذا تساهم في رفع العجز في الموازنة الاميركية الذي إتسع بنسبة 34% إلى 587 مليار دولار خلال العام المالي 2016 المنتهي في 30 ايول الماضي، وهو أول ارتفاع في 5 سنوات. وكان حذر العديد من الخبراء من أن هذه السياسة قد تفاقم من العجز وتزيد حجم تريليونات الدولارات الإضافية على خلال العقد المقبل. ولكن، سارع وزير الخزانة الى طمأنة المشككين حين أكد ان كلفة هذه الخطة سيتم تعويضها من خلال النمو الاقتصادي الذي ستياهم به بالاضافة الى الايرادات المتوقع من محارب التهرب الضريبي وخاصة من الشركات الاميركية العاملة في الخارج. ومن هنا، كان إتهم العديد من صقور الحزب الديمقراطي الرئيس ترامب بأن هذه الجراءات تصب في صالحه الشخصي والشركات التي يملكها حول العالم ما سيوفر عليه دفع ضرائب بالملايين. وإرتفعت حدة هذه الاتهامات في الفترة الماضية تجاه ترامب نتيجة عدم كشفه عن عائداته الضريبية. فالرئيس الأميركي برفضه المتعمد الإفصاح عن إقراراته الضريبية حتى بعد تعهدات سابقة متكررة منه بفعل ذلك، يكسر تقليدا متبعا منذ 40 عاما، ولا يكشف للأميركيين نطاق مصالحه والتزاماته المالية. ويكشف سجل العائدات بالتفصيل ما كسبه كل شخص طوال السنة، وحجم الضرائب التي دفعها إلى الحكومتين المحلية والفيدرالية. وفي أكتوبر الماضي، نُشرت العائدات الضريبية لدونالد ترامب الخاصة بالعام 1995 في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية التي حصلت على السجلات عبر مصدر مجهول. وأظهرت العائدات أن ترامب خسر 916 مليون دولار في عام واحد، وربما يكون قد تهرب من دفع الضرائب الفيديرالية المستحق عليه لمدة 18 شهرا، وهو ما لم ينفه ترامب. وأما هذه الوقائع، يضغط الديمقراطيون ومعارضو خطة الرئيس الاميركي لتخفيض الضرائب العديد من علامات الاستفهام حول المكاسب الشخصية التي قد يجنيها الرئيس بعد تمرير هذه الاجراءات.

التخفيض الضريبي الاكبر في تاريخ الولايات المتحدة والذي أعلن عنه من البيت الابيض يندرج ضمن ابرز بنود الخطة الاقتصادية التي تحدث عنها الرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية. وأبرز ما تضمنته هذه الخطة منذ بدء الحدث عنها خلال الحملة الانتخابية الرئاسية لترامب:

- إلغاء العديد من اللوائح الضريبي والتنظيمية الاتحادية و خفض ضرائب الشركات لتحفيز التوظيف. (هذا ما لاحظته الخطة التي أعلن عنها الاربعاء من البيت الابيض)

- إعادة تمويل الديون الأميركية الطويلة الأجل لدفع مقابل تطوير البنية التحتية.

- معارضة رفع أسعار الفائدة حماية للشركات الاميركية. والصراع مستمر حول هذه النقطة بين ترامب ورئيسة الفدرالي الاميركي جانيت يلين التي تسعى لرفع الفائد اقله مرتين هذا العام، و كان ترامب أكد في الايام الماضية الدولار "قوي جدا" ودعا الفيديرالي الى الابقاء على سياسة الفوائد المتدنية.

- إعادة النظر بكل المعاهدات والاتفاقات التجارية الدولية التي تشارك فيها الولايات المتحدة. وفي الساعات الماضية، أعلن البيت الأبيض أنّ الدول الثلاث الموقعة على اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، وهي الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، اتفقت على إعادة التفاوض "سريعاً" حول هذا الاتفاق. ووافق ترامب على عدم فسخ اتفاق نافتا حاليا إفساحا بالمجال لإعادة التفاوض حولها.

- إمكان وقف استيراد النفط من السعودية ما لم تشارك الاخيرة بجيشها في قتال تنظيم "الدولة الاسلامية" او تعوض الولايات المتحدة عن الجهود التي تبذلها في محاربة التنظيم.


- السعي الى التوصل إلى اتفاق جيد مع الصين من شأنه مساعدة الشركات والموظفين الأميركيين على المنافسة، وإقترح رفع الرسوم المفروضة على الواردات الصينية الى 45% من قيمتها مع إجبار الصين على الاعتراف بالتلاعب بعملتها ووضع نهاية لدعم الصادرات الصينية والتخفيف من وطأة المعايير البيئية والعمالية. وسجل عجز الميزان التجاري مع الصين بلغ مستوى غير مسبوق ليصل إلى 365.7 مليار دولار في العام 2015. ولكن الملفت ان الرئيس الاميركي تراجع في إحدى المقابلات عن نيته تصنيف الصين كدولة تتلاعب بقيمة عملتها.

- العمل على طرد كل المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة. وبحسب الإحصاءات الحكومية، أكثر من 11 مليون مهاجر يعيشون في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية ويشغلون وظائف وقد تؤدي إزاحتهم إلى هبوط ناتج القطاع الخاص بين 381.5 مليار دولار و623.2 مليار دولار. كما أكدت الدراسة الى ان إخراج هؤلاء من سوق العمل قد يؤدي إلى ملايين الوظائف الشاغرة بسبب نقص القوى العاملة الشرعية التي ترغب في شغل تلك الوظائف.

وتبقى الانظار الى الاجتماعات التي سيعقدها الكونغرس الاميركي للبحث ودرس وإقرار أكبر تخفيض ضريبي في تاريخ الولايات المتحدة فيما يترقب الداخل الاميركي والعالم بأثره الخطوة المقبلة التي يمكن للرئيس ترامب الاعلان عنها، تنفيذاً للوعود التي أطلقها خلال حملتها الانتخابية.




Maurice.matta@annahar.com.lb

Twitter: @mauricematta