من الزواج إلى المساكنة... رؤساء الإليزيه الجُدد يغيرون الصورة النمطية

سلوى أبو شقرا

منذ نهاية عهد جاك شيراك، شهدت فرنسا تدهوراً في مستوى الأسرة السياسية، فبعدما كان رؤساء "الأم الحنون" يمتنعون عن عيش حياتهم الخاصة علناً أمثال شارل ديغول وفرنسوا ميتران وجاك شيراك وغيرهم، غيَّر الخلفاء من نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند وصولاً إلى الرئيس المُحتمل إيمانويل ماكرون الصورة النمطية للعائلة الرئاسية.

يحمِّل البعض وزر ما يحصل إلى تساقط القيم، فيما يجد آخرون أنَّ هذا الأسلوب كان موجوداً في السابق. وفي عصر العولمة بات من السهل كسر الحواجز ومعرفة خفايا كل الناس حتى الرؤساء. وقد قيل إنَّ الرئيس السابق فرنسوا ميتران وازن بين حياته العاطفية وصورته الرئاسية، فحافظ على إطلالاته مع السيدة الأولى في الاحتفالات الرسمية، فيما كان يمضي عطلة نهاية الأسبوع برفقة "حبيبته".

ميتران: "الحب يقهر الوقت"

انتخب فرنسوا ميتران رئيساً للبلاد عام 1981، وبقي في الحكم 14 عاماً. كل هذه السنوات، وكان الرجل قادرا على الالتفاف على حياته الخاصة بسرية. فهو متزوج من دانييل ميتران، فيما كان لديه علاقة غرامية تقرب من الثلاثين عاماً مع مؤرخة الفن آن بينجيوت. تفاصيل هذه العلاقة السرية نشرت بشكل مفاجئ في كتاب وضمَّت رسائل حبه وشغفه الدائم. بينجيوت التي ظلت صامتة وبعيدة عن الرأي العام لأكثر من 50 عاماً، أذنت بنشر أكثر من 1200 رسالة حب أرسلها الرئيس الاشتراكي السابق من عام 1962 حتى وفاته في عام 1996. وقد انتظرت بينجيوت خمس سنوات من وفاة زوجته دانيال قبل الإفراج عن الرسائل. ولم تظهر حياته المزدوجة إلا في عام 1994 عندما نشرت صفحات مجلة "باري ماتش" صور لميتران مع ابنته مازارين التي ولدت عام 1974. في واحدة من رسائله النهائية في عام 1995 أي قبل عام واحد من وفاته جراء إصابته بالسرطان، كتب: "أنا غير قادر على فهم كيف يمكن الحب إلى هذا الحد قهر الوقت".



شيراك: 60 عاماً من الزواج رغم الخيانة

في 16 آذار 1956 ارتبط شيراك ببرناديت شودرون دو كورسال، لتبدأ حياتهما مع بعض غير أن هذه السيدة الشابة نجحت في كسب قلوب الفرنسيين، لتصبح السيدة الفرنسية الأولى الأكثر شعبية في تاريخ الجمهورية الفرنسية، بخاصة أنها واجهت بصلابة مشاكل عدة، لعل أبرزها خيانة زوجها لها. بقيت برناديت الظل والنور في حياة جاك، وفق ما قيل وقد قاومت وحافظت على صورتها رغم ما واجهته من "خيانة وطيش وقسوة" من شيراك، لكنها ظلت وفية احتراماً لتقاليد العائلة، وهي الزوجة التي لازمت وخدمت زوجها أثناء تنقلاته بين المستشفيات للعلاج، وقد أنهكه المرض بعدما بلغ 83 عاماً. كتمَ شيراك وزوجته بسرية المآسي التي مرت بها أسرتهم، بما في ذلك فقدان الشهية ومحاولات انتحار ابنتهما الكبرى لورانس. في الفيلم الوثائقي برناديت شيراك، ذكرى امرأة حرة، الذي بثته قناة France 2 عام 2016 كشفت السيدة الأولى السابقة عن خيانات زوجها، وقالت: "في البداية كانت المسألة صعبة، بعدها تأقلمت. قلت لنفسي إنَّ هذه هي القاعدة وعليَّ الخضوع لها بأكبر قدر من الكرامة". 



ساركوزي: للمرة الأولى والداً أثناء ولايته

فاجأ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الجمهورية الخامسة بعد طلاقه وزواجه في الإليزيه. تزوج ساركوزي المغنية وعارضة الأزياء كارلا بروني في قصر الإليزيه في السبت 2 شباط من العام 2008 في سابقة شهدها قصر الإليزيه لأول مرة لرئيس يطلق زوجة ويتزوج من أخرى أثناء ولايته. وهذا الزواج هو الثالث لساركوزي بعد طلاقه من زوجته الأولى ووالدة طفليه ماري دومينيك كوليولي التي تزوجها عام 1982. بعد خمس سنوات وقعَ تحت سحر سيسيليا ألبينيز وبدأا علاقة خارج نطاق زواجهما. تم الكشف عن علاقتهما الخفية الخاصة عام 1989، وبعد ثماني سنوات أعلن طلاق كل من ساركوزي وكوليولي. وبعد بعة أيام من طلاقه تزوج سيسيليا وأنجب ابنهما لويس عام 1997. وبعد 11 عاماً من الزواج، قرر الزوجان الانفصال في 18 تشرين الأول 2007، بعد أشهر فقط من فوز ساركوزي في الانتخابات الرئاسية، وقد نشر الاليزيه بياناً رسمياً أعلن "انفصالهما بالتراضي". ولم يكن الطلاق مستغرباً لأن السيدة الأولى لفرنسا غابت مراراً عن حضور المناسبات الرسمية وقالت سيسيليا قبل عامين من الطلاق إنها لا تريد أبداً أن تضطلع بالدور التقليدي للسيدة الأولى "فهو يصيبني بالملل، وأنا لست سياسية أبداً". من ثمَّ التقى ساركوزي بالمغنية وعارضة الأزياء السابقة كارلا بروني في حفل عشاء. وفي 2 شباط من عام 2008 احتفلا بزواجهما المدني في قصر الاليزيه من قبل عمدة منطقة باريس. وفي 19 من شهر تشرين الأول من عام 2011، أنجبت بروني ابنة تدعى جوليا. وتعتبر هذه هي المرة الأولى في تاريخ جمهورية فرنسا يصبح الرئيس والداً أثناء ولايته.



هولاند: والد لأربعة أبناء بلا زواج

الرئيس الفرنسي الحالي فرنسوا هولاند والد لأربعة أطفال من علاقة سابقة مع القيادية في حزبه الاشتراكي سيغولين رويال. مُساكنة عاشها هولاند ورويال ولم تتكلل بزواج، ولكن أنجب خلالها 4 أبناء غير مسجلين في زواج قانوني. عام 2007 انفصال الثنائي، ليدخل هولاند عام 2012 الإليزيه مع فاليري تريرفيلر (48 عاماً) كـ"صديقة" أولى لا سيدة أولى. عام 2014، انفصل هولاند وفاليري بعد أسبوعين من الكشف عن علاقته بالممثلة جولي غاييه ونشر الصحافة لصور له مرتدياً خوذة ومستقلاً دراجة نارية صغيرة أثناء توجهه لمسكن غاييه في أحد أحياء باريس. يومها أوضح هولاند أنه يتحدث بصفة شخصية وليس بصفة رئيس الدولة لأن الأمر يتعلق بـ"حياتي الخاصة". وقال: "أعلن أنني أنهيت حياتي المشتركة مع فاليري تريرفيلر". ليكمل رئاسته حتى نهاية ولايته المرتقبة في 7 أيار 2017 عازباً.


ماكرون: زوج لامرأة تكبره 25 عاماً

اقترن الرئيس الفرنسي المُرتقب إيمانويل ماكرون قبل 10 أعوام بامرأة تدعى بريجيت ترونيو تكبره بأكثر من 25 سنة. عمره 39 وعمرها 64 عاماً، وهي جدة لسبعة أحفاد من 3 أبناء أنجبتهم من زوج سابق، أحدهم يكبر ماكرون بعامين. عملت بريجيت كمعلمة في مدرسة ثانوية في مدينة أميان في منطقة #بيكاردي البعيدة 120 كيلومتراً عن #باريس. في المدرسة عشق التلميذ ماكرون الذي كان عمره 15 سنة معلمته من النظرة الأولى. ومع أن عمرها كان 40 عاماً متزوجة وأم لأولاد، إلا أنها انجذبت إلى تلميذها المراهق وبادلته الولع بمثله وأكثر. ليرتبطا لاحقاً وهو في عمر 18 وهي 43 سنة. هذا الحب الذي أطاح الحواجز أهمها فارق السن سيشكِّل نقلة نوعية في صورة العائلة الأولى للإليزيه.



المعادلة ستتغير حتماً إذا فازت مارين #لوبن بالرئاسة، هي التي تزوجت من فرانك شوفروي عام 1997، وأنجبت ثلاثة أطفال جوان والتوأمان لويس وماتيلدا، وطلقت في نيسان 2001. لتتزوج عام 2002 من إيريك لوريو لتتطلق منه عام 2006. وترتبط بعدها بلويس أليوت. ستكون المرة الأولى التي تدخل فيها امرأة الإليزيه كرئيسة لا زوجة أو حبيبة، لنرى فصلاً جديداً من الحياة العاطفية أبطاله هذه المرة رجال لا نساء.

salwa.abouchacra@annahar.com.lb

Twitter: @Salwabouchacra