صور- "النهار" داخل منزل بلال بدر: بيوت متلاصقة دمرت واحترقت ونهبت

صيدا - احمد منتش



ما تشاهده العين في الأحياء والشوارع التي كانت طوال ستة أيام متواصلة مسرحاً مفتوحاً لأعنف وأشرس الاشتباكات بين عناصر حركة فتح والعناصر الإسلامية السلفية والمتشددة بقيادة بلال بدر، والتي استخدمت فيها مختلف انواع الاسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية والقذائف الصاروخية والهاون داخل مخيم عين الحلوة (عاصمة الشتات الفلسطيني) وأكبر التجمعات الفلسطينية في لبنان، تدمى له العيون، ويعجز المرء عن وصف المشهد المأسوي الذي جعل من احياء المخيم وخصوصاً الطيري، فضلاً عن احياء الصحون والراس الاحمر والصفصاف والمنشية والشارع الرئيسي وسوق الخضر. مناطق منكوبة، بيوتها إما مدمرة أو محترقة او متصدعة او منهوبة.



"النهار" التي جالت باكراً في المخيم، انطلاقاً من الشارع الرئيسي الفوقاني، كانت الحركة لا تزال فيها شبه معدومة في هذا الشارع الذي يعتبر الشريان الرئيسي في حياة سكان المخيم واعمالهم وحركتهم، وعند منتصف الشارع بعد مسجد الصفصاف، تبدأ مشاهد آثار ما خلفته الاشتباكات تظهر بوضوح في كل معالم الاحياء المتفرعة من الشارع، وصولا الى مفرق سوق الخضر والازقة والزواريب المؤدية الى احياء الطيري والمنشية والراس الاحمر والصفصاف، كل شبكات الكهرباء والمياه والهاتف خربت وتعطلت، وغالبية البيوت والمحال التجارية اخترقتها القذائف، واحدث فيها الرصاص والقنابل اليدوية الحرائق، واصبغ عليها اللون الاسود القاتم، على امتداد الشارع من مسجد الصفصاف وحتى مفرق سوق الخضر وسنترال البراق ومقر الصاعقة. ثمة عناصر محدودة من أفراد القوة المشتركة استطاعت القيادة السياسية الفلسطينية بعد جهود مضنية ومحاولات فاشلة ومتعثرة من اعادة نشرها. ولكن كما تبين لـ "النهار" من خلال الجولة أن انتشار عناصر القوة المشتركة حصل بناء على اقتراحات القوى الاسلامية في القيادة السياسية وبناء على شروط وضعها بلال بدر والمجموعات الإسلامية السلفية والمتشددة، وهذا الامر بدا واضحا وجليا بعد تمكن "النهار" من الوصول الى منزل بلال بدر في حي الطيري، وهذا الأمر لم يكن ممكناً لولا مرافقة أحد اقاربه،ل ان الاوامر المعطلة حتى لعناصر القوة المشتركة بعد السماح لاي كان باستنثاء ابناء المحلة من الدخول الى حي الطيري بحجة وجود عبوات وقنابل غير منفجرة. غير ان الحقيقة هي أن عناصر بدر كانوا لا يزالون داخل الحي وفي منزله عيوناً ساهرة، لمنع دخول اي عنصر آخر من غير عناصر القوى الاسلامية، وما زالوا يراقبون مداخل الازقة المؤدية الى الحي والمنزل، ويرفعون الصوت عالياً مستنفرين بمجرد مشاهدتهم لاي عنصر فتحاوي يحاول ان يطل على الحي. اما عناصر القوة المشتركة الموجودين على مدخل المنزل هم ينتمون الى عصبة الانصار الاسلامية وحركة حماس والحركة الاسلامية المجاهدة. العنصر الذي لازمنا خلال تجوالي في منزل بدر طلب قبل اي شيء آخر عدم التصوير داخل المنزل الذي ظهر فيه بعض الاضرار وآثار الاشتباكات. وقال العنصر: "استطاع عناصر فتح لبعض الوقت من الدخول الى المنزل، ولكننا استطعنا على الفور استعادته وإجبار مسلحي فتح على الخروج من حي الطيري. وكشف ان بدر كان يعتزم عقد قرانه على خطيبته براء حجير في الخامس عشر من الشهر الجاري.

ويؤكد قريبه ان بلال لم يصب سوى بجرح صغير، وانه سيعود عاجلاً ام اجلاً الى بيته، وكل ابناء حي الطيري وهو واحد منهم يتعاطفون معه.




وقال مسؤول قاطع حي الطيري في اللجنة الشعبية في عين الحلوة ابو السعيد اليوسف، إن حي الطيري هو اصغر حي في احياء المخيم الـ13، يتكدس فيه نحو 400 منزل وبيت، نحو 60 منها اصبحت بحاجة الى اعادة بناء من جديد بعد احتراقها كليا ونحو 200 تضررت يشكل كامل او جزئي والبنى التحتية وشبكات المياه والكهرباء والهاتف جميعها تضررت وتعطلت، واهم شيء مطلوب من القيادة السياسية واللجان الشعبية العمل على رفع الانقاض، والمباشرة باعمال اعادة البناء واصلاح الأضرا ر والتعويض على الناس فوراً.

بعض الاهالي الذين خرجوا أو جاؤوا باكراً لتفقد الأضرار والاطلاع على ما حصل، كانوا يقفون صامتين ومذهولين، ينظرون يمنة ويسرة بحزن وحسرة على مناظر الخراب والدمار. احدهم يقول:" ماذا يفيدنا الكلام، اسرائيل قامت بتهجيرنا منذ 69 عاما، ولم تنفع كل التضحيات التي قدمها الشعب الفسطيني او صرخات الغدانة والاستجداء، واليوم اصحاب القضية وابناء البيت الواحد الى اي مكان يريدون تهجيرنا من جديد".

ويفترش محمود عبد الغني 63 عاماً وسط الطريق، ويصرخ باعلى صوته موجها الانتقادات لكل القيادات الفلسطينية، قائلاً: "اذا لم يتم التعويض على المتضررين في بيوتهم واملاكهم ومصادر رزقهم، فالشعب لن يهدأ له بال، وسنقطع الطرقات صباح مساء.



توقفت الاشتباكات وتبادل إطلاق النار، ولم تنجح قرارات حسم المعركة باعتقال بدر وافراد مجموعته. ويبقى السؤال عن عدد المعارك التي سيشهدها بعد عين الحلوة من اجل اعتقال وتوقيف المطلوبين الآخرين داخل عين الحلوة وبعضهم اقوى واخطر من بلال بدر ومجموعته.

واذا كانت حركة فتح بكل ما تملك من عديد وعتاد، لم تتمكن طوال ستة ايام متواصلة، استخدمت فيها كل الاسلحة المتوافرة لديها وخاضت القتال من زاروب الى زاروب ومن شرفة منزل الى آخر، فهل ستتمكن القوة المشتركة العرجاء، وفيها عناصر اسلامية متعاطفة ضمناً مع العناصر الاسلامية المتشددة والمطلوبة الى الجهات الامنية الشرعية، من خوض أي اشتباك أو توقيف اي عنصر اسلامي، كل قيادات المخيم وسكانه يعرفون الجواب؟!