ضربة أميركية بأبعاد عديدة... "صفعة محدودة" ورسائل!

خلطت الضربة الأميركية لمطار الشعيرات شرق حمص، الأوراق العسكرية والسياسية للحرب السورية من جديد، حيث لم تنتظر إدارة الرئيس دونالد ترامب ما قد ينتج من التحقيقات حول تحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم الكيميائي على بلدة خان شيخون، ليفاجئ الجميع بضربة أحادية خاطفة محدودة الأهداف والمساحة تحمل في طياتها رسائل عدة داخلية وخارجية.
الرئيس الأميركي الذي وجد بمجزرة خان شيخون فرصة ذهبية للخروج من مأزق تصاريحه السابقة التي أطلقها بأن إسقاط بشّار الأسد لم يعد أولوية بالنسبة إلى البيت الأبيض وأزماته الداخلية، أعلن أن الرئيس السوري قد تخطى جميع الخطوط الحمراء، ولا يمكن تجاهل ما جرى، معلناً بذلك أن الادارة الجديدة للبيت الأبيض لن تسير على خطى إدارة اوباما، وحين ترى انه عليها التدخل ستتدخل.
ورغم ردود الافعال الدولية المتفاوتة بين المرحب والمعترض على العملية، الا أن معظم الأطراف اتفقوا على ان الغارة لن تكون سببًا مباشراً بحرب قريبة، بل هي عملية عسكرية لتحسين الوضع السياسي، وسيحاول الاميركي الاستثمار على الصعيدين الديبلوماسي والعسكري.


رسائل سياسية
اللواء الأردني فايز الدويري، أشار في حديثه لـ "النهار" بأن "الضربة "المباركة" الأميركية على الجيش السوري هي "رسالة عسكرية محدودة رداً على اجرام النظام بحق شعبه بعد مجزرة خان شيخون، وهي كانت متوقعة بعدما وضع الرئيس الأميركي نفسه في الزاوية بسبب الضغوط الإعلامية والسياسية التي حملته جزءاً من المجزرة، بعد تصريحاته بأن الأولوية ليست لاسقاط الأسد بل محاربة داعش، فما كان عليه سوى توجيه هذه الصفعة العسكرية المحدودة وايصال رسائل سياسية عدة اهمها إنذار اول الى روسيا بأن عهد اوباما قد انتهى وبأن الرئيس الجديد اذا ما قال فعل، والادارة الجديدة ستُعرف بالحزم ولن تأخد بعين الاعتبار المشاعر الروسية كما الادارة السابقة، كذلك رسالة أخرى الى القيادة الايرانية بأن تخضع للحل السياسي وتنسحب من سوريا وتضغط على حزب الله والفصائل الأخرى للإنسحاب ايضاً، فلا مستقبل لهم في سوريا".
وتابع: "الرسالة الأخيرة للنظام السوري بأنه غير محمي من الدفاعات الروسية في حال قررت الادارة الاميركية ضرب الأهداف السورية فهي قادرة على ذلك وفعلت بالأمس وستفعل لاحقاً اذا ما كرر النظام جرائمه بحق شعبه". ويمكن تلخيص الرسالة بعبارة "ان عدتم عدنا"، متمنياً لو ان "الاجراءات الاميركية تتوسع وتشمل قصف البراميل واستخدام الفسفور وغيرها من المواد المحرمة والتي يستخدمها النظام بحق شعبه".


 


بادرة أمل
الضربة بحسب الدويري هي بادرة امل للحل السياسي في سوريا فلا واشنطن تريد مواجهة موسكو، ولا الاخيرة تحبذ الدخول في حرب باردة جديدة، والردود الاولية الروسية حول تعليق التنسيق الطيران العسكري في الأجواء السورية مع واشنطن ليس سوى انفعال لن يؤدي الى حماقة من الطرفين، وبالطبع لن يكون هناك مواجهة جوية بين الطرفين فوق الاراضي السورية.
وبخلاف الدويري، اعتبر العميد المتقاعد امين حطيط بأن "الاعتداء على الاراضي السورية هو خرق للقانون الدولي ولا يمكن الاستفادة منه سياسياً بذريعة استخدام الكيميائي دون معرفة ما جرى هناك، وما ارادته ادارة ترامب بالطبع لن يحصل، وقد نتجه الى مزيد من التصعيد السياسي في الوقت الحالي وقد تقطع الطريق امام مؤتمر أستانة".


 


نتائج عكسية
ورغم التصعيد السياسي، يقول حطيط إن "الضربة تبقى محدودة وكانت لاحتواء حالة تشكلت لدى الرأي العام الأميركي نتيجة تصريحات حول مستقبل الرئيس السوري، الا انها تحمل رسائل اهمها بأن واشنطن لا تتقبل فكرة الانتصارات المتكررة للجيش السوري وفرض سيطرتها على كامل الاراضي"، معتبراً بأن "ما حصل سيحصد نتائج عكسية بالميدان وسنشهد تصعيداً خلال الاسابيع المقبلة عبر ضربات للجيش بتغطية مباشرة من الطيران الروسي خصوصاً بعد الغاء التنسيق مع الجانب الاميركي في المجال الجوي. وفي حال تكرر العدوان، فإن الجانب الاسرائيلي لن يبقى بمنأى عن اي تصعيد عسكري، وقصف مطار الشعيرات سببه الأول انه حضن المنظومة الصاروخية التي لاحقت القاذفات الاسرائيلية أخيراً، والتي منها انطلقت صواريخ استراتيجية هددت العمق الاسرائيلي، وبالطبع الجانب الاميركي لا يهمه الدماء العربية بل ينفذ مصالحه ومصالح اسرائيل، بينما الهدف الثاني لقصف المطار لكونه الانشط في عملياته الجوية بمواجهة "داعش" في الشرق السوري".