عالم ترامب الصادم!

راجح الخوري

عذر أقبح من ذنب، كان مضحكاً تماماً ان يعلن البيت الأبيض ان دونالد ترامب لم يرفض عمداً مصافحة أنغيلا ميركل أمام كاميرات الصحافيين، وأنه لم يسمعها عندما طلبت منه المصافحة تلبية لمطالبة الصحافيين بذلك.
كان الأمر معيباً ومضحكاً، فعلى رغم الخلافات الجوهرية في وجهات النظر بين ترامب وميركل حول قضايا مهمة تتعلق بالهجرة والتبادل التجاري الحر وأداء الدول الأوروبيّة الأعضاء في حلف الأطلسي، لم يكن من الطبيعي أو المألوف ان يتجاهل صراخ الصحافيين تكراراً: "hand shake hand shak" [مصافحة مصافحة]، وسط ذهول ميركل التي همست "نهم يطلبون منا المصافحة" لكنه استمر في التجاهل، ولاحظت صحيفة "بيلد" الالمانية انه لم يتجاهل طلب المصافحة فحسب، بل لم ينظر اليها مرة واحدة!
طبعاً ليس في تاريخ الخلافات بين الزعماء هذا النوع من "الحرد الزدرائي" أو محاولة توجيه اللوم بهذه الطريقة، التي أساءت الى الرئيس الأميركي أكثر مما أساءت الى المستشارة الألمانية، لكنه دونالد ترامب ملك المفاجآت وصانع الذهول ومطلق الاكاذيب، على ما يتأكد تحديداً عندما يقال نه لم يسمع طلب المصافحة، وأيضاً عندما يصادف كل هذا، اشتعال موجة من عتب لندن الغاضب رداً على تهامه بريطانيا بانها ساعدت في التجسس عليه خلال الحملة النتخابية! الغريب ان يصرّ البيت الأبيض على هذه التهامات على رغم النفي البريطاني، وهو ما استدعى توضيحاً من نائب رئيس وكالة الأمن القومي الاميركية ريك ليدجيت، الذي قال في مقابلة مع "البي بي سي": "ان هذه الدعاءات هراء بكل ما للكلمة من معنى وغباوة مطلقة"!
هل بات على البريطانيين والألمان وحلفاء أميركا الاطلسيين وعلى العالم ان يتعودوا مسلسل المفاجآت الذي يصنعه ترامب، الذي فتح "دفتر قيدية" على المانيا عندما غرد بعد لقائه ميركل: "المانيا مدينة بمبالغ طائلة لحلف شمال الأطلسي، ويفترض ان تتسلم الولايات المتحدة مبالغ أكبر من أجل الدفاع القوي والمكلف الذي توفّره لألمانيا"، وهو ما دفع وزيرة الدفاع الالمانية أورسولا فن در ليين الى الرد: "لا حساب سجلت فيه ديون لدى حلف شمال الأطلسي".
واضح ان حرد ترامب من ميركل ناتج في الدرجة الأولى من الموقف الذي اتخذته من قراره حول الهجرة عندما نددت بالقيود التي فرضها على الهجرة والسفر الى أميركا معتبرة انه يستهدف المسلمين معلنة "ان مكافحة الرهاب الضرورية والحازمة لا تبرر طلاقاً تعميم التشكيك في الأشخاص من ديانة معينة، وتحديداً هنا السلام".
لكنه ترامب الذي سبق لرئيس وزراء اليابان شينزو آبي، ان قال له وهو يصافحه بحرارة لمدة نصف دقيقة أمام الصحافيين: "أرجوك أنظر ليّ"، لكن ترامب لم ينظر بل قال: "لديه يدان قويتان"!


rajeh.khoury@annahar.com.lb - Twitter:@khouryrajeh