العَلَم "المقدَّس" ليس مقدَّساً في ساحة الشهداء!

إذا كان هناك في تجسيدات فكرة الوطن شيء "مقدَّس" فعلاً، فينبغي أن ينضوي هذا "المقدَّس" تحت مفهوم الكرامة الوطنية، معبَّراً عنها بالمحافظة على دولة القانون والسيادة والاستقلال والحدود الأبيّة.
أعتقد أني لا أكون أتفلسف كثيراً إذا كنتُ أنطلق من هذا المعيار لقياس منسوب "الكرامة". والحال هذه، وفي هذا المعنى بالذات، ليس من شيء "مقدَّس" عندنا. ليس أدلّ على ذلك من أحوال العَلَم اللبناني الذي ترفعه الإدارات والمؤسسات الرسمية، كتعبير عن الولاء للمفهوم المشار إليه. لكن أحوال هذا العَلَم ليست دائماً على ما يرام.
هاكم صورة العَلَم المرفوع "حالياً" في الساحة المسمّاة "ساحة الشهداء"، والمنذورة لهم، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. هذه الصورة تُغني عن كلّ شرح وبيان.
لا يكفي أن هذا العَلَم ممزَّق عند طرفه "المرفرِف"، وليس من عين رسمية ساهرة عليه، بل هو "مفخوت" من داخل. أمن المعقول، يا جماعة، أن يكون العَلَم "مفخوتاً" في ساحة الشهداء؟!
الجميع، الغالبية أعني، سيقولون: بسيطة. يمكننا أن نغيّره بلحظة.
صحيح. يمكننا أن نستبدله بعَلَم جديد.
لكن، هل يجوز أن "ينام" العَلَم على ضيم، وأن "يستيقظ" على ضيم، ولو ليومٍ واحد؟
إذا كان ذلك يحصل على مرأى من الجمهورية كلّها، في لحظة واحدة على الأقلّ، فهذا يعني أننا لسنا أهلاً لرفع "العَلَم.
بل هذا يعني أننا بلا كرامة وطنية.
لا أريد أن ألفت إلى الانتهاكات الدؤوبة (المادية) للكرامة الوطنية. الأمثلة لا تُحصى. تكفي الحدود السائبة. يكفي وجود هذه الطبقة السياسية. يكفي وجود مجلس للنواب كهذا المجلس. ومجلس للوزراء كهذا المجلس.
لكن، إذا كنا لا نلتفت إلى الانتهاكات المادية التي بتنا "نتعايش" معها، وصارت جزءاً من وحل كرامتنا اليومي، أفيجوز أن نقبل أيضاً بالانتهاكات الرمزية التي تُعتبَر الاستهانة بها نوعاً من القتل الروحي المجرّد؟!
أقول للمعنيين إن كلّ مَن لا يسهر على حفظ هذه الكرامة (رمزياً)، يجب أن يُحاكَم بتهمة التقصير. التقصير هنا، هو خيانةٌ عظمى.
لا أكتب هذا المقال على سبيل المزايدة الرخيصة.
أكتبه لأني مجروح ومطعون. ولأني أشعر بالعار. ويجب أن يكون حَمَلَة الهوية اللبنانية جميعهم مجروحين ومطعونين. ويجب أن يشعروا بمثل هذا العار.
التربية على الكرامة تبدأ من هنا. من كرامة الرموز.
لكننا لا نحفل بالتربية، ولا بالكرامة. فمبروكٌ لنا هذا العَلَم الممَّزق و"المفخوت" في ساحة الشهداء.
أعتقد أننا نستحقّ بسببٍ من ذلك، أن نُرمى بـ"الصرامي". وخصوصاً منا المكلّفين وطنياً مهمة "السهر" على كرامة الجمهورية.
لا تؤاخذوني!
akl.awit@annahar.com.lb