المغرب، بوابة أفريقيا

علي بردى

تمثل عودة المغرب الى الإتحاد الأفريقي مفتاحاً جديداً لتسوية بعض أصعب المشاكل وأقدمها في القارة، ومنها ولا شك قضية الصحراء الغربية. يمكن البلد العربي أن يشكل البوابة الجديدة لأفريقيا على بقية الدول العربية وعلى العالم.
لا بد من انحناءة تقدير للقرار الإستثنائي الذي اتخذه الملك محمد السادس. ذكّر بالروابط التاريخية التي بناها جده الملك محمد الخامس وكرسها والده الملك الحسن الثاني مع أفريقيا قبل أن تتردى العلاقات بسبب قضية الصحراء الغربية. أعاد وصل ما انقطع منذ قرار الإنسحاب من منظمة الوحدة الأفريقية (الإسم السابق للإتحاد الأفريقي) عام ١٩٨٤ بسبب اعترافها عامذاك بالجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية ذراعها السياسية والعسكرية المتمثلة خصوصاً بالجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب "البوليساريو". لم يؤت قرار الإنسحاب قبل أكثر من ٣٢ عاماً أطيب ثماره. خاطب العاهل المغربي الزعماء الأفارقة في كيغالي: "كم هو جميل هذا اليوم، الذي أعود فيه إلى البيت، بعد طول غياب". قال إن "أفريقيا قارتي، وهي أيضا بيتي. لقد عدت أخيراً الى بيتي". استوجبت هذه العودة جهوداً ديبلوماسية مهمة بذلها الملك محمد السادس بنفسه مع جيرانه الأفارقة، وخصوصاً مع دول أفريقيا الغربية. زار خلال السنوات الثلاث الأخيرة كلاً من مالي والسنغال وساحل العاج والغابون وغينيا سعياً الى تطوير علاقات التعاون الإقتصادية والثقافية معها. أرسل مبعوثين الى دول أخرى.
لا بد أن تشكل عودة المغرب الى البيت الأفريقي بداية عهد جديد، مغربياً وأفريقياً ودولياً. يمكن أن تؤسس لاستراتيجية مثلثة البعد ومترابطة لتفكيك مشكلات المملكة، داخلياً وإقليمياً ودولياً. يحتاج "تصفير" المشاكل المغربية الى حوار جدي وصريح مع الصحراويين، بمن فيهم أولئك المنضوون تحت مظلة "البوليساريو"، بوساطة مفيدة من الإتحاد الأفريقي. لدى المغرب أدوات كثيرة في "عدة الشغل"، أبرزها القرارات المتعاقبة لمجلس الأمن، من القرار ٦٩٠ لعام ١٩٩١ الذي أنشئت بموجبه بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الإستفتاء في الصحراء الغربية "مينورسو"، الى القرار ٢٢٨٥ لعام ٢٠١٦ لإعادة هذه المهمة الدولية الى "كامل عملها" بعد غضب المملكة من استخدام الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي - مون كلمة "احتلال" لوصف علاقتها بالصحراء.
يمكن تفهم الحساسية العالية لدى المغرب من مشكلته الإقليمية مع الجزائر، وما يقال عن صلتها بالمشكلة المتعلقة بالصحراء الغربية. غير أن هناك الآن ما يعوض غياب السقف العربي، وتالياً القصور المخيف الذي يمكن أن يستبدل بمبادرة أفريقية تستند الى ترحيب الجزائر علناً بعودة الجار اللدود الى الحاضنة الأفريقية. ترحيب الجزائر بعودة المغرب الى "البيت الأفريقي" يوازيه عدم اشتراط المغرب طرد "الجمهورية الصحراوية" من هذا البيت. صلة الوصل بين الجزائر والصحراء يجب ألا تقتصر فقط على بضعة آلاف من اللاجئين في تندوف.
هذه الحلول مترابطة. أفريقيا بيت المغرب، والمغرب بوابة أفريقيا.