ترامب يتحدّى الأسد... مناطق آمنة في زمن المفاوضات!

مقابلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على قناة "أي بي سي"، وخصوصاً اعلانه عن عزمه إنشاء مناطق آمنة في سوريا، أثارت اهتماماً دولياً واسعاً، مع مسارعة الكرملين الى تحذير واشنطن من المضي في قرارها، ومطالبته إياها بالتفكير في عواقبه، وتأكيده أن واشنطن لم تتشاور معهم قبل الإعلان عنه، بينما أيّدت تركيا الموقف الجديد.
الصورة لا تزال ضبابية، فلا تفاصيل عن الخطوات الاضافية، لكن المؤكد الى الآن ان ترامب يريد اقامة المناطق الآمنة للأشخاص (الفارين من العنف)، وانه اصدر امرا الى وزارتي الدفاع والخارجية بوضع خطة في غضون 90 يوماً، لتنفيذ خطوة عارضها الرئيس السابق باراك أوباما. فهل بدأ الرئيس الجديد بتطبيق ما وعد به خلال حملته الانتخابية؟ وهل فعلاً سيمضي قدماً في قراره؟



خريطة طريق
مدير التحالف الاميركي الشرق اوسطي للديمقراطية، عضو الحزب الجمهوري، عاطف (توم) حرب أكد "ان رسالة ترامب في الأمس خريطة طريق لحل الازمة السورية، وقد تحدث عنها في حملته الرئاسية، لكن المشكلة ان الاعلام لم يكن يتابع ما يقوله، اذ كان همه تحطيم شخصيته من دون الاستماع الى مشروعه، وما قام به ترامب لم يقم به اي رئيس أميركي، فكل ما وعدَ به في حملته أخذ قرارات بتنفيذ 50 في المئة منه خلال اربعة ايام فقط".
اقامة مناطق آمنة يتطلب بحسب حرب "تحدي بشار الاسد وفتح مواجهة معه كونه يعتبر ان لديه السلطة على سوريا، ثانياً حظر للطيران، اي ضرورة وجود قوات على الأرض وسلاح جوي. وفيما يخص القوات الأرضية، أكد ترامب انه لا يريد اقحام جيوش أميركية بل الاستعانة بجيوش من دول الجوار، كقوات ردع عربية من دول الخليج، مصر والأردن وغيرها، لكن دخول هذه القوات سيكون مشروطاً، وأهم شرط نقل السلطة من الأسد الى مجلس وطني يضم أعضاء من الجيش النظامي كي لا ينهار كما حصل مع الجيش العراقي والليبي إضافة الى الجيش الحر والمجتمع المدني المتمثل بعدة مجموعات معارضة، هذا المجلس سيشرف على نقل السلطة".



نقل السلطة وازاحة الأسد يفرض بحسب حرب "الجلوس على طاولة مفاوضات مع الروس الذين سيطالبون بضمانات، وهنا سر اللعبة وقوة ترامب وإدارته بالتصرف لنقل السلطة وترك قواعد عسكرية في ذلك البلد مع حماية #الأسد كما ترغب #روسيا وانهاء الازمة، وهذا يحتاج الى تحالفات مع الدول العربية للخروج بسوريا جديدة يقررها الشعب السوري".
وعن سبب عدم اقدام أوباما على خطوة المنطقة الآمنة علّق حرب: "بعد إقامته تحالفاً وتوقيعه اتفاقاً نووياً مع ايران لم يجد دولة عربية تقبل المشاركة معه بدخول سوريا، فقد عزز قوة ايران. في لبنان أعطاها سوريا واليمن، زعزع العالم العربي فكيف سيتعاونون معه". ولفت إلى أن "العرب ايجابيون مع ترامب وخلال فترة الانتخابات اجتمعت وفود من الدول العربية معه ومع مستشاريه للأمن القومي، وكانوا مرتاحين لفريقه أكثر منه لكلينتون، التي قالت انها ستسعى الى تقريب وجهات النظر بين العرب وايران فأبدوا استغرابهم كون كلامها يعني تحجيم دورهم".



غموض ينتظر توضيح
من جانبه، رأى العضو السابق في الحزب الديموقراطي الاميركي مهدي العفيفي، ان"ترامب استخدم بعض ما سبقه اليه الرئيس أوباما عن المنطقة الآمنة لتكون مدخلاً لما يمكن ان يتفق عليه في ما بعد من دون ان يحدد كيفية تطبيق هذه المسألة، وعما اذا كانت ستطبق بالتعاون مع تركيا أو النظام، فالى الآن لا نعلم هل سيدعم ترامب النظام أم المعارضة السورية، لذلك أعتقد ان تطبيق قراره على أرض الواقع سيكون صعباً ونتائجه لن تؤديَ الى فرق كبير الا اذا وضحت الصورة بالكامل خاصة انه تكلم عن نقاط منها انهاء الحرب في سوريا بالتعاون مع الطرف الروسي من دون ان يتطرق الى كيفية التعاون مع الطرف الايراني الأساسي على أرض الواقع".



لكن لماذا لم ينشئ أوباما منطقة آمنة في سوريا ؟ اجاب العفيفي: "كان هناك بعض التخبط في الادارة الاميركية السابقة، نتيجة ثلاث مسائل أساسية، أولاً الخوف من قصف المدنيين، فكما نعلم أن أوباما خلال السنوات الثماني التي حكم بها كان عليه حل مجموعة من الحروب في مناطق مختلفة، وكان دائماً يتم نقد ادارته فيما لو أصاب بالخطأ اي من المدنيين، المسألة الثانية انه خلال تعاون الادارة الأميركية السابقة مع المعارضة السورية تغيّر شكل الأخيرة، حيث اخترقتها جماعات كالنصرة وغيرها استفادت من الدعم الأميركي بطريقة غير مباشرة نظراً الى تداخلها مع المجموعات التي كانت تدعمها الولايات المتحدة، والمسألة الثالثة هو تغيّر الدور والشكل التركي خلال تلك الحرب أكثر من مرة، بناءً على تداخل الأطراف التركية مع الروسية وغيرها".


 


علامة مميّزة لترامب
وعما اذا كان ترامب سينغمسُ في الحرب السورية، قال: "اعتقد ان ترامب يحاول اقصاء أميركا عن مناطق النزاع بأية طريقة، ففي الداخل الأميركي نوع من التملل من التدخل في مناطق كثيرة من دون النظر في المواضيع الأساسية الاقتصادية والأمنية، لذلك منذ بداية حملة ترامب تميّز بمحاولة اقناع مؤيديه بأن على أميركا الابتعاد عن مناطق الصراع والاهتمام بالداخل، لكن تطبيق ذلك على أرض الواقع فيه صعوبة كون للولايات المتحدة قواعد عسكرية في مناطق كثيرة وهناك صراعات دولية مهمة لا تستطيع أن تبتعد عنها، عدا عن التأثير الاسرائيلي الذي سيكون واضحاً جداً في هذه الادارة التي تدعمها بشكل غير مسبوق".
وبحسب العفيفي "لا بدّ من التمييز بين ترامب المرشح الآتي من خلفية تمثيلية عن ترامب السياسي، فدخول البيت الأبيض ليس بالأمر السهل اذ سيتم استعراض أمور معه لا يمكن الحكم عليها من الآن، فهناك مؤسسات أمنية وعسكرية، اضافة الى البنتاغون والكونغرس سيكون لها دور في علاقات اميركا الدولية، لذلك لا يجب ان نأخذ كلام ترامب بالشكل بل علينا انتظار التطبيق، وعلى الادارات العربية ألا تعلق أملاً عليه او على غيره، ولا بد من تعاونها مع بعضها البعض من أجل الوصول الى تغيير في تلك المنطقة خاصة بعد الصراعات الكبيرة التي شهدتها".