الخلاف على قانون الانتخاب... منطق طائفي يستدرج الجميع!

تخشى مصادر سياسية أن يكون الوضع السياسي متجها الى مواجهة مشكلة كبيرة في ظل تناقضات ليست سهلة حول قانون الانتخاب، أو اذا كان ممكنا الذهاب الى الانتخابات وفق القانون النافذ أم لا. ووفق مصادر ديبلوماسية، المشكلة الكبيرة باتت موجودة في ظل جدل على قانون الانتخاب الذي يجب اعتماده بعد اقل من ثلاثة اشهر على وصول الرئيس ميشال عون الى الرئاسة، وهو أمر تراه هذه المصادر في غير مصلحته، ويخفف وهجه الى حد بعيد ما دام الجدل يتفاقم ولا يستطيع الرئيس من موقعه أن يساهم في حسمه من خلال الحكم بصيغة تراعي جميع الأفرقاء السياسيين وتحافظ على وحدة البلد. لا تكمن المشكلة في واقع اصرار الزعيم الدرزي وليد جنبلاط على مطالب في قانون الانتخاب تحفظ خصوصية الطائفة الدرزية وموقعها ووجودها، بل في طموح طوائف أخرى ومن بينهم الافرقاء المسيحيون من اجل الدفع الى الاقصى في محاولة تسجيل مكاسب لهم على ما يعتقد انها الفرصة المناسبة راهنا وقد لا تتكرر من جهة، وعلى خلفية استعدادات البعض او تحضير انفسهم لموقع الرئاسة مستقبلا من جهة اخرى. تقول المصادر السياسية ان ثمة اختلالا حين يقول مسؤولون ان الطائفة المسيحية مغبونة في قانون الستين، وهي تحاول تحسين مواقعها استنادا الى ما يمكن تثبيته في أي قانون عتيد، وليس من خلال التحالفات، في حين لا يسلم بهذا المنطق نفسه للطائفة الدرزية على رغم مبادرة أفرقاء سياسيين للقول بعدم قبولهم بأي قانون انتخاب لا يوافق عليه النائب وليد جنبلاط مهما تكن النتائج. وهذا ما أكده أمس رئيس الحكومة سعد الحريري لدى استقباله وفدا من "اللقاء الديموقراطي" عرض له هواجس اللقاء وزعيمه، على رغم أن الحريري أوحى بالقانون المختلط بظروف مريحة. لكن في الكواليس عوامل ضاغطة باتت تطفو على السطح، مثل اتهامات لبعض الشخصيات او الوزراء المسيحيين بالدفع في اتجاهات معينة لاهداف أو مصالح شخصية مباشرة تحت عناوين كبيرة، كاستعادة حقوق المسيحيين تماما كما حصل إبان المعركة الرئاسية، خصوصا في ضوء نجاح هذه الحملة بعد استنزاف طويل ولو في ظل اسباب وعوامل اخرى متداخلة.


والجديد في المشهد السياسي ان ما يحصل من ضغوط وراء الكواليس السياسية قد يدفع بالامور الى ان تطفو على السطح بعيدا من المراعاة او فترة السماح التي يفرضها من جهة وصول رئيس جديد للجمهورية، وكذلك حكومة جديدة. وهذا ما بدأت بوادره تظهر شيئا فشيئا مع احتمال تفجرها قريبا. وتقول المصادر السياسية إنه ما دامت المقاربة لقانون الانتخاب العتيد تتم من منطلق طائفي في شكل أساسي من جانب الافرقاء المسيحيين، فلا يمكن مطالبة الآخرين بترجيح قانون على آخر من اجل تحقيق مصلحة هؤلاء، في حين ان مصلحة الافرقاء الاخرين قد تكون في قانون أكثر ملاءمة لهم، كما يحصل مثلا مع النائب جنبلاط الذي يرى ان حقوق الطائفة الدرزية تتأمن من خلال قانون اكثري وليس على اساس مختلط او نسبي. فلو ان المنطق وطني يهدف الى مساوة الجميع وتحقيق الديموقراطية وتمثيل الجميع هو الذي يحكم المقاربة الانتخابية، لكان ذلك محرجا للجميع، لكن المواجهة التي يقودها "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" رفضا للستين من منطلق طائفي لا تسمح للاخرين بمجاراتهما وفق ما تقول هذه المصادر، في الوقت الذي يقع على رئيس الجمهورية مسؤولية أخذ هواجس الجميع في الاعتبار، خصوصا هواجس الطوائف الاخرى وهو أبدى تفهما للهواجس والمخاوف التي نقلها اليه وفد اللقاء الديموقراطي، في الوقت الذي اعتبر ايضا ان الطائفة الدرزية ربما تحرز مكاسب في أماكن ومناطق أخرى عبر النسبية. الا انه قد يكون هناك مشكلة في حال انحياز الرئيس الى منطق الافرقاء المسيحيين، ولو كان من مناهضي قانون الستين في الاعوام الاخيرة، وهو لن يستطيع ان يسمح ان يلحق ظلم باي مكون طائفي في عهده.
يمتلك مناهضو الذهاب الى قانون جديد يقسم تبعا لمصالح طوائف او افرقاء سياسيين يدفعون في اتجاهه، ورقة اخرى غير المطالبة الطائفية التي تشرع للجميع رفع المطالب تحت العنوان نفسه، وان اي قانون جديد آخر غير القانون الاكثري لم يجرب حتى الان، بحيث ان الحسابات او الوعود التي تطلق على اساسه قد تكون أقرب الى النظريات منها الى الواقع المحسوب، ما دام لم يتم تجربة القانون المختلط ولا القانون النسبي اللذين يرفعا عنوانا للانتخابات المقبلة، لكون أحد هذين القانونين او سواهما يسري في اي دولة اخرى في العالم لا يعني امكان تطبيقهما، علما ان سويسرا مثلا تتبع الكنتونات المختلفة من يناسبها بين الاكثري والنسبي والمختلط احتراما لتعدد الطوائف وحماية لها. يضاف الى ذلك ان قانون الستين ظلم المسيحيين في مرحلة الوصاية السورية نتيجة القصقصة التي خضع لها مما يعني ان الآلية التنفيذية للقانون التي نفذت في مرحلة معينة هي المسؤولة عن الغبن الذي لحق بالمسيحيين وليس القانون نفسه الذي ساهم ايام فؤاد شهاب في تأسيس الدولة، مما يفيد بوجوب تصحيح الممارسة الخاطئة وليس القانون. والجدل حتى الان في قانون الانتخاب او في حال الذهاب الى مشكلة ترى المصادر الديبلوماسية انه يضعف من صورة ودينامية انطلاق السلطة الجديدة في لبنان.


rosana.boumonsef@annahar.com.lb