مسارعة المسؤولين إلى تطويق مفاعيل الخطف يَنقذ السلطات من انتكاسة ويَفرض تحديات !

بدا محبطا للكثيرين ان المفاعيل الايجابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جامعة ووفاقية جديدة لم تسر وفق ما هو مفروض على وقف ظاهرة الخطف وامتناع من يقوم بهذه العمليات عن القيام بها اولا تهيبا من عودة الدولة بقوة وكذلك مؤسساتها وثانيا خشية من ان تؤدي هذه العودة الى انعكاسات سلبية على من يقوم بها . والاحباط يتصل بواقع اقتناع شرائح واسعة من المواطنين ان الشيء الكثير لم ولن يتغير على الارجح ايا كان من يصل الى رئاسة الجمهورية او من يرأس الحكومة في انتظار بروز ما يثبت العكس في الوقت الذي جاءت عمليات الخطف لتؤكد المنطق المشكك في التغيير. ويقر وزراء معنيون ان عودة عمليات الخطف كما حصل في الاسبوع الماضي هي في الواقع انتكاسة كبيرة لا يمكن التخفيف من وقعها لكنها كانت لتشكل فعلا نكسة اكبر بكثير لهذه الانطلاقة الرئاسية والحكومية لو لم يصادف توقيف انتحاري في شارع الحمراء في اليوم الذي تلا الافراج عن المخطوف سعد ريشا الذي تحركت المساعي في كل الاتجاهات من اجل اطلاقه كمحاولة قوية من اجل عدم السماح بتوجيه ضربة قوية للانطلاقة المذكورة. اذ ان التوقيف الاستباقي للانتحاري الاتي من صيدا اخذ الامور الى مقلب اخر يتصل بواقع ان البلد ككل لا يزال في عين العاصفة وهو لن يرتاح بمجرد عودة المؤسسات بل ان هناك واقعا يفرض رويدا وتدريجا حتى يتم الاقتناع والعمل به خصوصا ان عودة المؤسسات لا تعني ان المشكلات التي يعاني منها البلد على صعيد اللاجئين او المخيمات او الارهاب او ايضا التفلت الامني يمكن ان تختفي بسحر ساحر. لكن ثمة جهودا كبيرة مطلوبة على غرار ما سارع المسؤولون السياسيون والامنيون بقوة وفاعلية الى معالجته على اثر عملية الخطف وفق ما تكشف مصادر سياسية وامنية تحدثت عن تنشيط المحركات على كل الصعد من اجل رد المخطوف الى اهله ومنع حصول فتنة طائفية كان يمكن ان تستيقظ في ظل استفزاز واضح تمارسه فئات يظهر تصرفها انها محمية او هي على الاقل تملك من القدرة والنفوذ ما يخولها تحدي الدولة وقدراتها، وذلك بالاضافة الى محاولة كبح عودة هذه العمليات ومنع تجددها. وسارع المسؤولون جميعهم في المقابل الى تثمين ما قامت به القوى الامنية من جيش وقوى امن داخلي في جهد واضح لاظهار ان قيام الدولة بجهد مشترك يفرضه رهان يمكن ان يخسره الجميع في حال تعرضت صورة انطلاقة الرئاسة والحكومة الى هزة قوية. اذ ان الفارق لا بل كل الفارق يجب ان يكون مفهوما على قاعدة ان ما قبل وجود رئيس جديد للجمهورية وحكومة جديدة جامعة هو غير ما قبلهما حتى لو كانت هناك حكومة وفاقية قبل ذلك برئاسة الرئيس تمام سلام لكن كانت تحكمها خلافات كبيرة وانقسامية لم يكن ينفع الموقف الموحد من عمليات الخطف او ما شابهها في لجم الخروقات الامنية ولو انه يجب الاقرار بان الامن والاستقرار كانا عنوانين رئيسيين للحكومة التي وجدت بظروف صعبة في غياب رئيس للجمهورية في الوقت الذي عاد الرئيس ميشال عون الى التشديد على هاتين الاولويتين اي الامن والاستقرار وكذلك فعل رئيس الحكومة سعد الحريري. ولذلك فان اشارة بعض القيادات الى وجود قرار سياسي حاسم وراء الحؤول دون نجاح الارهاب في لبنان يوحي وكأن لا قرار سياسيا حاسما في الاتجاه المقابل اي في اتجاه وقف التجاوزات الخطيرة التي تسود في بعض المناطق ما يحتم العمل على ذلك لئلا تتعرض رئاسة الجمهورية والحكومة الى امتحان خطير يزعزع الثقة بهما ، في مرحلة لا تزال مرحلة استعادتها او تثبيتها صعبة نتيجة ما شاب العلاقات بين الاطراف السياسيين من توتر في السنوات الماضية ، خصوصا عشية محاولة الامساك بالوضع تمهيدا لاجراء انتخابات نيابية يفترض الا تظللها تهديدات او مخاوف من تهديدات معينة. في حين يشير البعض الى وجوب عدم اغفال طابع التشدد والقدرة على ضبط الامن وكشف الشبكات الارهابية من جهة والعجز من جهة اخرى عن دخول مناطق وتوقيف الخاطفين ما يترك مفاعيل اجتماعية خطيرة يتحتم التنبه اليها خصوصا متى كانت عاملا يمكن توظيفه ايضا في الحملات الانتخابية توطئة لاجراء الانتخابات، علما ان عامل التمييز في الاستهداف والملاحقة كان قائما في الفترة الماضية وساهم في توتير الاجواء بين الطوائف واضعف الثقة بالدولة كما ساهم في اضعاف قيادات سياسية معينة.


لذلك فان هذه المسائل الامنية تقول مصادر سياسية تبدو على محك التحدي امام الانطلاقة الجديدة لرئاسة الجمهورية والحكومة على حد سواء للاعتبارات المذكورة. لكنها ايضا تكتسب بعدا مختلفا خصوصا في خضم زيارات كثيفة اقليمية واجنبية الى بيروت تهدف من جهة الى الاطمئنان الى واقع الانطلاقة المذكورة والانفتاح عليها واعلان الثقة والاستعداد للتعامل مع السلطة الجديدة اضافة الى التشجيع على ان تكون الانطلاقة صحيحة ومتوازنة بحيث تضمن الاستقرار للبنان لا سيما في ظل امتلاك الاخير مجددا الادوات الدستورية العملية لكي يكون محاورا في مسائل مهمة له وللدول المهتمة بموقعه ودوره في ظل الحاجة الى ذلك مع استمرار النيران المحيطة به. فالاستعدادات للاستثمار في السلطات الجديدة قوية داخليا وخارجيا في الوقت الراهن على الاقل وسيكون محبطا الا يتم توظيف ذلك حيث ومتى يلزم ذلك.


rosana.boumounsef@annahar.com.lb