حادثة الحمرا لم تخفف من الانتعاش السياحي

الزيارة الاخيرة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المملكة العربية والسعودية وقطر أعادت المياه الى مجاري العلاقات اللبنانية - الخليجية التي تأزمت خلال السنوات الثلاث الماضية نتيجة التطورات السياسية والامنية المحلية والاقليمة بشكل عام. هذه الزيارة فتحت صفحة جديدة في العلاقات بين بيروت والعواصم الخليجية، وخصوصا فيما يتعلق بالعلاقات السياحية، وعودة السياح الخليجيين الى لبنان.


التصريحات السعودية والقطرية التي رافقت زيارة الرئيس عون الى الخليج أكدت بمعظمها بداية رفع الحظر عن زيارة الرعايا الخليجيين الى لبنان وتحديدا السعوديين والقطريين، ويُتوقع ان نشهد في اول إجتماع مقبل لمجلس التعاون الخليجي، بحسب بعض المصادر المتابعة للملف، تأكيدا للعلاقات التاريخية والوثيقة بين لبنان ودول الخليج، وتوصية بتحفيز السياح الخليجيين على زيارة لبنان بعد زوال كل الاسباب التي منعت ذلك في الفترة الماضية.
بالفعل، بدأت نتائج الزيارة التي قام بها الرئيس عون والانفتاح الخليجي على لبنان تظهر بشكل جلي على أرض الواقع، فكل من زار بيروت وشوارعها ومقاهيها في الآونة الاخيرة لاحظ وجود عدد لا بأس به السياح الخليجيين، والعرب بشكل عام . مطاعم الـ "زيتونة باي" تستقبل زوارا يتحدثون مختلف اللهجات الخليجية والعربية، من الكويتية الى السعودية والقطرية وغيرها، وأيضا عدد كبير منهم أتى من العراق والاردن.


ومن يجول في هذه المنطقة من بيروت، يشعر أن لبنان بالفعل بدأ يعود الى المرحلة التي كان يحتاج فيها من يمر من ساحة رياض الصلح حتى ساحة الشهداء خلال الليل، لساعات نتيجة زحمة السياح والسيارات غير اللبنانية. بالتأكيد، الحال ليس مشابها حاليا ولكن الآمال كلها إرتفعت في الاشهر الماضية، وحجوزات الفنادق والمطاعم خير دليل على هذا الامر. وإذا نظرنا الى الحجوزات في المنتجعات الجبلية القريبة من مراكز التزلج، فالارقام الرسمية، تؤكد ان نسبة الحجوزات تقارب الـ 100% وخصوصا مع إقتراب شهر شباط، وتحديدا خلال عطلة نهاية الاسبوع. وفي جولة قمنا بها على عدد من المنتجعات التجارية في العاصمة وفي ضواحيها، يبدو واضحا ايضا عدد السياح العرب والخليجيين الذين يتسوقون. ولدى سؤال البعض منهم، يؤكدون ان لبنان لطالما كان بلدهم الثاني، وفي الوقت الذي تمر فيه العديد من الدول الاوروبية بأوضاع أمنية غير مستقرة، يجدون الامان في لبنان، وكل ما يحتاجونه لتمضية عطلاتهم فيه. وحتى البعض منهم قال أنه يأتي الى لبنان للإستمتاع بالتسوق، والسهر وتمضية وقت في مراكز التزلج. هم من عرفوا لبنان منذ سنوات وللعديد منهم شقق وعقارات فيه،. والانظار كلها تتجه الى التحضيرات التي يقوم بها القطاع السياحي اللبناني لإستقبال موسم الصيف، فيما ينشغل القيمون على هذا القطاع ايضا بمتابعة النشاط الذي تشهده السياحة الشتوية. وفي هذا السياق، تتوقع العديد من النقابات السياحية في لبنان ان يكون موسم الصيف المقبل الافضل منذ العام 2010، واضعة كل آمالها على السلطات الامنية والسياسية اللبنانية لتأمين كل ما يلزم من إستقرار لتطمين هؤلاء السياح الذين لطالما كان لبنان وجهتهم الاساسية لتمضية العطلات، وخصوصا أن لبنان يمكنه ان يستفيد من التطورات الامنية والاسياسية والاقتصادية التي تشهدها دول تعتبر من الدول المنافسة له على الصعيد السياحي، مثل تركيا، ومصر وغيرها.


أما فيما يتعلق بعملية الانتحارية التي كاد يشهدها شارع الحمراء ليل السبت – الاحد، فإفشالها أتى ليؤكد المستوى العالي جداً من التنسيق الامني الذي يشهده لبنان، وذلك نتيجة التعاون المشترك بين الاجهزة الامنية وفرع المعلومات ومخابرات الجيش وكل الاجهزة الاخرى. هذا الانجاز الذي حصل على تنويه محلي ودولي في الساعات الماضية، يؤكد ان الوضع الامني في الداخل للبناني ممسوك بشكل تام، ما يصب في صالح لبنان لجهة تشجيع السياح على القدوم اليه وتمضية عطلاتهم. وأيضا من المهم التذكير بالخطوة التي إتخذها رئيس مجلس النواب نبيه بري من خلال الامر الذي أعطاه بحصر الاجراءات الامنية في ساحة النجمة وسط بيروت على ان ترفع هذه الاجراءات من كل المنطقة المحيطة وتلغى فيها الحواجز الا في حال انعقاد جلسة في مجلس النواب، ما قد يساهم بإعادة الحياة الى شوارع الوسط المعطل منذ سنوات.