استبدال "النأي بالنفس" بـ"سياسة الابتعاد" التغيير لا يغيّر المعنى وليس تجاوباً مع الأسد

خليل فليحان

لم يستسغ وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل يوما سياسة "النأي بالنفس" في معرض التعامل مع الأزمة السورية، منذ اندلاعها عام 2011، على الرغم من أنها أقرت في إحدى جلسات الحوار الوطني. وسينعكس اقتراح باسيل تبديل سياسة النأي بسياسة "الابتعاد" في مسودة البيان الوزاري، بعدما كان قد طرحه على كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري قبل سفره الى القاهرة الاثنين الماضي، ووافقا عليه. كما انه في خطاب القسم وردت عبارة "الابتعاد" عن الصراعات الخارجية، في معرض حديثه عما يحيط بالبلاد من أزمات، واستعمل الموقف اللبناني الرسمي للمرة الأولى في اجتماع وزراء الخارجية العرب غير العادي الذي عقد الثلثاء الماضي في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة لمناقشة الوضع في حلب بعد طرد الإرهابيين منها.


وأفادت مصادر ديبلوماسية عربية "النهار" أن جدلا حاميا نشأ بين المجتمعين في مؤتمر وزراء الخارجية العرب او من ناب منابهم، فانقسموا الى قسمين: الاول يهاجم الرئيس السوري بشار الاسد وروسيا وايران الذين دمروا حلب وقتلوا الآلاف وهجروا أكثر من نصف سكان حلب. اما القسم الثاني فاعترض على تسمية اي من الدول المشاركة في العمليات العسكرية التي نفذت على الارهابيين في حلب لقتلهم او لطردهم منها، إذ تربطها بهم مصالح وتحالفات، لذا اتفقوا على عدم اعتماد التسمية لتلك الدول والاكتفاء بذكر "النظام السوري وحلفاؤه...".
وطبّق باسيل القاعدة الجديدة في الاجتماع العربي لوزراء الخارجية او من ينوب عنهم الثلثاء الماضي بإعطائه تعليمات للقائم بالاعمال في سفارة لبنان لدى مصر أنطوان عزام بتسجيل موقف لبنان خطيا إزاء الجدل الذي حصل بين الافرقاء بالنسبة الى ما آلت اليه الحالة في حلب، وفي ما يأتي النص: "يؤكد لبنان سياسة الابتعاد عن الصراعات الداخلية في الدول الشقيقة والدعوة الى حلول سياسية توافقية بما يحفظ وحدة الدول وسيادتها واستقرارها، ويلبي تطلعات شعوبها". هل هذه الصياغة الخالية من عبارة النأي بالنفس تعني التخلّي عن القرار الذي اتخذ في جلسة الحوار الوطني عام 2012، ودأب باسيل على استخدامه على مضض مدى سنتين ونصف سنة، أي طيلة تسلمه حقيبة الخارجية في حكومة الرئيس تمّام سلام؟
يلاحظ من يقرأ بتمعن نص الموقف الذي كان يستعمل في اجتماعات وزراء الخارجية العرب أو سواها، أن ما تغير هو في المبنى وليس في المعنى، أي استعمال عبارة "سياسة الابتعاد" عن الصراعات الداخلية بدلا من سياسة "النأي بالنفس" عنها.
وأوضح مصدر موثوق به أن استبدال عبارة "النأي بالنفس" بـ"سياسة الابتعاد" لا يعني "التجاوب مع ما طالب به الاسد، وهو التخلي عن سياسة "النأي" اللبناني الرسمي عن الازمة السورية، والكل يذكر ان الرئيس السوري انتقد بقسوة هذه السياسة، إذ قال في حديث صحافي: "لا يمكن لبنان ان يكون في منأى عن الحرائق التي تشتعل حوله، ويتبنى سياسة اللاسياسة أو ما سمّي سياسة النأي بالنفس".