قانون جديد للانتخابات هو الممرّ الإلزامي لإعادة تكوين السلطة

ألين فرح

الحكومة اصبحت وراءنا، يقول أهل تكتل "التغيير والاصلاح" و"التيار الوطني الحر"، فالوجهة الآن والبوصلة صوب قانون الانتخاب الجديد. ومن يشكك بأن قانون الانتخاب الجديد الذي سوف يقرّ، تمهيداً لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، انما هو يرغب في قرارة نفسه أن تستمر الحالة الراهنة من الافتئات على السمة الكبرى لنظامنا السياسي الديموقراطي البرلماني، وهي سمة عدالة التمثيل في السلطات الدستورية.
من يقرأ بين السطور في مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بدءاً من خطاب القسم وصولاً الى رسالة الاستقلال وما قبلهما وما بينهما، يعرف جيداً ان الرئيس بدأ جدياً رحلة إعادة تكوين السلطة على أسس ميثاقية متينة وسليمة. ذلك أن شغفه بتطبيق الطائف بالكامل ومن دون انتقائية ولا استنسابية على ما ورد في خطاب القسم لن ولم يجد له متنفساً في الحكومة الراهنة التي هي، في أدبيات "التيار" و"التكتل"، حكومة انتقالية لمرحلة انتقالية تسبق إقرار قانون انتخاب جديد يراعي معايير وثيقة الوفاق الوطني ويستولد سلطة تشريعية، هي أم السلطات، تتوافر فيها معايير التمثيل السياسي الصحيح والفاعل والعادل والمتساوي بين جميع فئات الشعب اللبناني.
يجزم أهل "التكتل" و"التيار" أن قانوناً جديداً للانتخابات النيابية هو الممر الالزامي لإعادة تكوين السلطة في لبنان على أسس ميثاقية سليمة، وان التقيّد بموعد الانتخاب هو السبيل الوحيد الى الانتقال من المرحلة الانتقالية التي نعانيها جميعاً الى حالة من الاستقرار السياسي المنشود. صحيح أن هذه الطموحات الميثاقية انما هي مقيّدة بإجماع أو شبه اجماع وطني، لكن الصحيح ايضاً أن قوى فاعلة ومؤثرة ترفض الستين بالمبدأ والتطبيق. وفق مصدر في "التكتل" أن المهم أن يعرف الجميع أن الهواجس "الوجودية" بالنسبة الى مختلف الافرقاء السياسيين ولغة الثنائيات والعزل والتهميش والاستهداف والتوجس الاستراتيجي، هي كلها أمور مصطنعة، زالت بعدما شهدت الأسابيع الأخيرة تحركات على مستويات ثلاثة:
الأول، تحرك رئيس الجمهورية بمبادرته العلنية بأن يتم إيداعه الهواجس حيث يجب أن تودع لمعالجتها.
الثاني، تصريح رئيس "التكتل" و"التيار" الوزير جبران باسيل لجهة الانفتاح على مختلف الأفرقاء السياسيين وتبديد الهواجس.
الثالث، خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله الذي راكم في هذا السياق وأبرز قوة التحالف وديمومته بين "التيار" و"حزب الله"، وبالتالي الدعم المطلق لسيّد العهد والثقة المطلقة بخياراته الكبرى، وهوامش تحرّكه التي تعنيه من دون سواه.
أما وقد تبدّدت هذه التوجسات والهواجس، فلن يكتمل مشهد التبديد وإشاحة الغيوم، لا بل الأخطار على المدى البعيد التي قد تتهدد نظامنا السياسي التوافقي أو الميثاقي، إلاّ بإقرار قانون انتخابات نيابية جديد يعطي الشعب، بمختلف فئاته، الحق بأن يتمثل في الندوة البرلمانية بالأحجام والتوازنات التي يقررها في صناديق الاقتراع.
في اليومين الأخيرين، تحركت وفود "التيار" النيابية في اتجاه مختلف الكتل النيابية لتحريك المياه الراكدة في موضوع قانون الانتخابات الجديد، وذلك بعدما أطلق باسيل اشارة الانطلاق والفصل بين تأليف الحكومة ووضع قانون انتخاب جديد، مما يسهّل التوافق الوطني على رئيس البلاد والحكومة ومجلس النواب إقرار مثل هذا القانون الذي يرجى منه كل انقاذ من الحالة الشاذة التي نشأت عن تعاظم الهوّة بين الشعب وممثليه.


aline.farah@annahar.com.lb