طلّاب لبنانيون يرفعون اسم وطنهم في الهند !

سلوى أبو شقرا

نجاح فردي جديد يحقّقه تلامذة لبنانيون يضاف إلى سجل النجاحات اللبنانية حول العالم، هذا البلد الذي يفتقر إلى كل المؤهلات الحياتية، تمكن قطاعه التعليمي من أن يكون ركيزة أساسيةً جعلت من أبنائه، وشغفهم للنهل من العلم والمعرفة وتحقيق الطموحات، سفراء ناجحين خارج حدود وطنٍ بات لا يتسع للخريجين والمتعلمين.


من لبنان إلى الهند


2016 Quanta فرصةٌ مكَّنت طلاباً لبنانيين من ثانويات رسمية من المشاركة في مسابقة دولية للعلوم، والرياضيات والذكاء والإلكترونيات وسباق القوارب. هذه المسابقة التي تقام للسنة 22 على التوالي في الهند، بدأ لبنان المشاركة فيها منذ العام 2014، ما يستدعي الفخر والتفاؤل بجيلٍ يتحدى الصعاب ويثبت جدارته. يخبر منسق المباراة الأستاذ ماهر مرعي، العضو في رابطة أساتذة التعليم الثانوي وفي جمعية logic التي ترأسها المربية رندة يحيى، في اتصال مع "النهار" أنَّ "التواصل مع مسؤولين في مسابقة Quanta بدأ منذ العام 2014، حيث ذهبنا وشاركنا بفريقٍ مؤلف من طلاب في مدرسة بيصور الرسمية فقط، وخضنا عدداً محدداً من المسابقات. هذا العام، اقترحتُ الذهاب إلى هذه المسابقة بعدد أكبر من الطلاب على أن يكونوا جميعهم من ثانويات رسمية، بغية تسليط الضوء على هذه المدارس ورفع مستواها. وعندما تلقينا الدعوة هذا العام وبما أنني عضو في الرابطة عرضت المشروع على الهئية الإدارية، التي يرأسها الأستاذ عبدو خاطر، فقبلته على الرغم من تحدياته. وأجرينا اتصالات بوزارة التربية حيث أخذنا موافقة معنوية لمشاركة طلاب المدارس في هذه المسابقة العالمية، كما طلبنا مساعدة مالية ولكننا لم نتلقّى جواباً. الخطوة الثانية كانت في إرسال الرابطة لكل مديري المدارس الرسمية طلباً للمشاركة في المسابقة، فتجاوبوا معنا وأرسلوا أفضل التلامذة لديهم. في ثانوية زاهية سلمان الرسمية خضع 150 طالباً من الأفضل في مدارسهم لامتحانات بغية معرفة مؤهلاتهم التي تخولهم السفر إلى الهند، وساعدنا عدد كبير من الأساتذة في وضع الأسئلة واختارت مجموعة من اللجان الأفضل، فكانت النتيجة 14 طالباً. الخطوة الثانية، تمثّلت في تأمين المبالغ المالية بغية الحصول على تأشيرات وفيزا وتذاكر سفر للطلاب، وعملنا كرابطة تعليم ثانوي على جمع هذه المبالغ، وقد ساعدنا في هذا الموضوع أناس خيّرون. فيما تكفّلت مدرسة city montessori school في مدينة لاكناو الهندية، التي استضافتنا بتأمين الإقامة والمأكل، وهذه المدرسة تضمُّ 53 ألف طالباً ومصنّفة في كتاب "غينيس" كأكبر مدرسة في العالم".


14 طالباً مثَّلوا لبنان خير تمثيل


دول كبرى شاركت في المسابقة العالمية أبرزها، ألمانيا، والبرازيل، وفنلندا، وروسيا، وتايلاند، والولايات المتحدة، ومن بين الدول العربية الأردن المشارك الدائم. يعدِّد مرعي الفرق اللبنانية مشيراً إلى أنَّه "في الرياضيات، شاركنا بفريقين الأول من ثانوية الكفير الرسمية ضمَّ كلاً من أمير الأحمدية وجهاد ريدان، وفريق من ثانوية بشامون مثَّله رغيد اسماعيل وحسام الجوهري. في الرياضيات وبالرغم من صعوبة المسابقة لأن البرنامج مختلف كلياً بين لبنان والهند اجتهد رغيد وحسام وتمكّنا من الوصول إلى المرحلة النصف نهائية من بين 72 فريقاً. في العلوم شاركنا أيضاً بفريقين، الفريق الأول ضمَّ كلاً من جنى بشنق وفيروز الغريب من ثانوية بيصور الرسمية، والفريق الثاني تألف من نور العريضي من ثانوية بيصور ولارا قليط من ثانوية الغبيري الثانية. الطالبتان قامتا بمجهود كبير جداً، ولكن هذه المسابقة التي كانت تتضمن أسئلة مرتبطة بالفيزياء والكيمياء والعلوم كانت صعبة جداً ومستواها جامعي فلم يحالفهنَّ الحظ".


ويضيف: "في مسابقة الذكاء شاركنا أيضاً بفريقين تألف كل فريق من شخص واحد فقط، وسيم علاء الدين من ثانوية الصرفند ولؤي أبو ابراهيم من ثانوية صوفر، وتمكن وسيم من الوصول إلى مرحلة النهائيات في مسابقة الذكاء. أما في مسابقة سباق القوارب فشاركنا بفريقين ضمَّ أيضاً كل واحد منهم مشتركاً واحداً، الأول فداء يحيى من ثانوية بيصور والثاني جان بول اسحاق من ثانوية زغرتا. فتألق فداء ووصل إلى المرحلة النهائية من قارب بتصميمه ولولا سوء الحظ لنال الجائزة الذهبية. أما مسكُ الختام فكان في مسابقة النقاش (debate) حيث شاركنا بفريقين، في الفريق الأول مثلتنا رنيم دياب من ثانوية الصرفند حيث كان موضوع النقاش: "هل تستطيع العلوم محاربة الإرهاب؟" فأبدعت رنيم ونالت رضا الحكام والجمهور، وحصدت المرتبة الثالثة من أصل 72 فريقاً. أما الفريق الثاني فضمَّ سلوى الخطيب من ثانوية العلايلي التي حصدت المرتبة الأولى ضمن مسابقة نقاش حول موضوع "هل يا ترى كان أجدادنا يعيشون حياةً أفضل منا؟". ففازت بجدارة وباستحقاق بالمركز الأول أمام 72 دولة منافسة. في الخلاصة، حصدنا المرتبة الأولى في النقاش، ووصلنا إلى النهائيات في مسابقتي الذكاء وسباق القوارب، وإلى المرحلة النصف نهائية في الرياضيات. ما يؤكد أنَّ الـ 14 طالباً مثلوا لبنان خير تمثيل، وبعد عودتهم جرى تكريمهم من قبل الرابطة. ونحن سنتبنى هذه المسابقة، ونسعى من خلال اتصالات مع الهند إلى إقامة مشروع (Semi Quanta) لتعزيز أداء الطلاب".


خسرنا لأن المنهج مختلف



الطالب رغيد اسماعيل يخبر "النهار" عن تفاصيل المشاركة في مسابقة 2016 Quanta مشيراً إلى أنَّ "المدرسة عرضت علينا فكرة المشاركة، فشاركنا أنا وصديقي حسام الجوهري من ثانوية بشامون، وتمكنا من بين 14 طالباً من التأهل والسفر إلى الهند، وصلنا إلى نصف النهائيات وخسرنا لأن المنهج في الهند مختلف، وفي لبنان لا ندرس نصف هذا المنهج. امتحان الرياضيات كان عبارة عن امتحان أول خطي أجرته 72 دولة يتضمن خيارات متنوعة، 24 فريقاً تمكنوا فقط من النجاح والتأهل كنا من بينهم، من ثمَّ وضع أمامنا جهاز محمول يتضمن 50 سؤالاً يجب الإجابة عليها في 50 دقيقة، وهنا أيضاً نجحنا وحققنا المرتبة الثامنة، ووصلنا إلى ما يسمى بالـ stage، وهي مرحلة الضغط على الزر (Buzzer) حيث يطرح على الطلاب سؤال له أربعة احتمالات، ومن يُجِب عليه بشكل أسرع يربح. في هذه المرحلة لم نتمكَّن من التأهل إلى النهائيات التي وصل إليها 6 فرق فقط، حيث حصدت ألمانيا المرتبة الأولى في مسابقة الرياضيات. أشكر الأستاذ ماهر مرعي وجمعية Logic التي ساعدتنا ومكّنتنا من السفر إلى الهند. واعتبر أنَّ وصولنا إلى نصف النهائيات معجزة بالنسبة إلينا، وهذه المرحلة هي فخرٌ لنا".


 صدارة في 2015 أيضاً!


روي عطالله خاض هذه المسابقة العام الماضي، كان طالباً في ثانوية ضهور الشوير الرسمية، فاز في المرتبة الأولى عن مسابقة النقاش التي تمحورت حول الـ "humanoid robots" حيث كان السؤال: "هل يجب استثمار المال والوقت في تصميم الروبوتات المؤنسنة؟" فتخطى 80 فريقاً مشاركاً من 60 دولة. يعتبر روي في حديث لـ"النهار" أنَّ "تجربته في العام الماضي كانت إيجابية جداً وأتاحت له الحصول على منحة جامعية كاملة. مشيراً إلى أنَّ سفره قبل عامين إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد حصوله أيضاً على منحة ضمن برنامج Yes (الممول من وزارة الخارجية الأميركية وبرعاية مكتب الشؤون التعليمية والثقافية لتوفير المنح الدراسية لطلاب المدارس الثانوية) ساعده في امتلاك الثقة والتكلم أمام الجماهير".



اجتهد روي خلال مشاركته في المسابقة حيث أعطي المتسابقون أسبوعاً فقط للتحضير، "عملت جيداً على النقاش، وبحثت عن كافة التفاصيل بغية امتلاك خلفية معرفية، إذ إنَّ الحكام يطرحون أسئلة فورية، ما يفرض على المشارك أن يكون جاهزاً لكل سؤال فجائي. وبعد عودتي إلى إلى لبنان كان أصدقائي في المدرسة والمديرة بانتظارنا في المطار، كما زرنا وزير التربية الياس بو صعب الذي كرمنا ودعاني لاحقاً إلى الوزارة حيث أجرى تكريماً لمن سافروا إلى خارج لبنان ورفعوا اسم لبنان". يلفت روي إلى أنَّ "هذه التجربة كانت جيدة جداً حيث تعرفنا إلى بلدان عدة ووضحنا صورة لبنان بأنه بلد سياحي وثقافي عكس ما يرونه فقط على شاشات التلفزة من حروب وانفجارات".


 


أظهر الطلاب اللبنانيون براعة كبيرة، والمميز أنَّ المشاركين كانوا من ثانويات رسمية أثبتت قدرتها على تحقيق إنجازات، ما يؤكد على أهمية رعاية الدولة للقطاع التعليمي الرسمي وتأمين الدعم الدائم له.


 salwa.abouchacra@annahar.com.lb


Twitter: @Salwabouchacra