محاولات "تحجيم" الثنائية المسيحية إلى تزايد والردّ بتفعيل التنسيق لاستعادة الشراكة ودعم العهد

ألين فرح

تعي الثنائية المسيحية المتمثلة بـ"التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" أن ثمة محاولة لضربها وتحجيمها منذ أن أنتجت وساهمت على المستوى الرئاسي وفي تشكيل الحكومة، إذ انها تحاول عبر التوزيع الحكومي استعادة الشراكة الميثاقية الى مكانها الصحيح.


لا شك في أن هذه الثنائية أزعجت كثيرين، و"استهدافها" يأتي ضمن استراتيجية للمستقبل في ما يمكنها أن تحققه في الانتخابات النيابية المقبلة والتمثيل الوازن، وفي محاولات تحجيمها حكومياً لفرض حقائب معينة وتمثيل مسيحي، تارة في وضع فيتوات على "القوات اللبنانية" وطوراً على حصة رئيس الجمهورية من طوائف أخرى.
ووفق مدافعين عن هذه الثنائية، أنها شكّلت صدمة إيجابية لدى من يرغب في تصحيح تطبيق اتفاق الطائف وفق الأصول. أما الصدمة السلبية فكانت لدى من استغلّ الغياب المسيحي عن السلطة، فأتت محاولات التحجيم هذه، عبر شنّ "حرب شعواء" عليها، وكأن ثمة محاولة لتحميل هذا الثنائي سبب العرقلة في تأليف الحكومة، لأنه لا يتنازل عن الحقوق الأساسية الميثاقية للمسيحيين. فمنذ بدء هذا الحراك المسيحي بين "القوات" و"التيار" في 2 حزيران 2015 مع "إعلان النيات"، وصولاً الى 18 كانون الثاني 2016 في تبني رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، مروراً بالتنسيق في ملفات كثيرة وجلسات مجلس النواب وقانون استعادة الجنسية، أثبتت هذه الثنائية أنها قادرة على الإنجاز واستقطاب قوى أساسية فاعلة والتفاف وطني حول طروحاتها، وهذا ما جعل بعض من يفكّر في السلطة أكثر من بقاء الدولة، يعارضها ويحاربها لأنها ستفقده مكاسب معينة.
وبعد، في الشق المسيحي – المسيحي، أثبت كل هذا الرفض الذي كان حاصلاً، أنه لم يوصل الى أي مكان، وخصوصاً بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً، إذ إن حركات الاعتراض بدأت بالتراجع والخفوت، وبدأت تأخذ أوجهاً أخرى من محاولات الدخول الى أحد الطرفين أو حصول بعض التقارب. علماً أنه منذ "إعلان النيات"، أعلن الطرفان ان اتفاقهما ليس على حساب أي طرف ولن يلغي أحداً، بل بالعكس، ولو ان محاولات التقارب جاءت متأخرة، لكنها أفضل من ألا تأتي، لأن هذه الثنائية أثبتت إيجابية وأنها لا تعيد فحسب تكوين التوازنات في السلطة، بل تساهم أيضا في تفعيل الوضعين المسيحي والوطني. وهذا ما جعل أحد السفراء الأوروبيين يشيد بالدينامية المسيحية المتمثلة بالثنائية، إذ لم يكن أحد يتوقع كرة الثلج هذه، متوقعاً أيضاً أن تحقق أكثر على المستوى الوطني. فثمة "انبهار" خارجي إقليمي ودولي بالخطوات والإنجازات الحاصلة في المدة الاخيرة، وخصوصاً أن كل الرهانات كانت أن هذا التقارب ظرفي ومرحلي، لكنها أثبتت للجميع ان الرهان خاطىء وأنه يجب التعاطي معها كأمر واقع موجود، وان النصيحة المعطاة للآخرين ضرورة التعاطي بإيجابية مع هذا الواقع الذي سيتطور، لأنها ستأخذ مداها وألا يتم الوقوف بوجهها. والنصيحة الأخرى أن ثمة قراراً بالحفاظ على الاستقرار الداخلي، وان الممر الالزامي للحفاظ على هذا الاستقرار هو انتخاب العماد عون رئيساً، لأنه أثبت أنه الورقة اللبنانية الداخلية وليس مرتبطاً بأي محور.
وفي هذا السياق، تفيد معلومات "النهار" أن الاتصالات بين "التيار" و"القوات" قائمة ومستمرة بوتيرة أقوى، وهناك تفكير بين القيادتين في المرحلة المقبلة، كما ورد في "إعلان النيات"، أن الثنائية المسيحية ستتحوّل قوة دفع في اتجاه الانجاز وتحقيق المشاريع الحيوية والوطنية التي يحتاج اليها المواطنون، وبالتالي سيفعّل التنسيق الحكومي والنيابي بينهما ويتّحد العمل دفاعاً عن موقع الرئاسة. كما أنها ستأخذ مكانها من خلال آلية تنسيق فاعلة كما كانت، وستتطور لتشمل الوضع الجديد حفاظاً على العهد ودعماً له، مع التنبيه أن موقع رئاسة الجمهورية له هيبته، فكيف بالحري اليوم مع وصول العماد عون الى بعبدا والالتفاف المسيحي والوطني حوله. وبالتالي لن يمر مرور الكرام أي تطاول على مقام رئاسة الجمهورية، وخصوصاً أن السياسيين لم يعتادوا عهدا مثل عهد العماد عون، فهو يدقق ويتابع كل شيء، وهو رئيس فعلي للمسيحيين والمسلمين على السواء، لتأتي مطالبته بحقيبة سنية وأخرى شيعية وكأنها أمر غريب، علماً أنه رئيس لجميع اللبنانيين.


aline.farah@annahar.com.lb
Twitter: @aline_farah