مأساة في الاغتراب... اليوم عادت إسراء وطفلها في نعشين

أبَت إسراء كحيل أن تكمل حياتها من غير أن تكحّل عينيها بـ"جمال" ابنها، الذي سلّم الروح على الفور بعدما صدمته وإياها سيارة في ساحل العاج، ففضّلت الموت على العيش بعيداً من ضحكته، هو مَن أحبّه قلبها قبل رؤيته، استصعبت العيش من دونه، لم تقاوم لتصحو من غيبوبتها، لتلحق به بعد ساعات من ابتعاده عنها، كي تطمئنّ عليه وتكون بجانبه.
عند الساعة السادسة من مساء الثلثاء الماضي وقعت الكارثة في مدينة ياموسكرو، كانت إسراء (21 سنة) وزوجها علي صباح وطفلهما جمال (6 شهور) في المتنزه المجاور لمنزلهما، "قررت العودة قبل ان ينهي علي ممارسة الرياضة، وضعت جمال في عربته، وانطلقت. وعند اجتيازها الشارع، مرّت سيارة مسرعة، اصطدمت بهما قبل أن تفر من المكان، فتوفي الطفل على الفور، فيما نقلت إسراء الى أحد مستشفيات أبيدجان، بسبب إصابة بالغة في الرأس والخصر، حاول الأطباء جلّ ما في وسعهم لإنقاذها لكنها لم تصمد، توفيت عند الساعة الثانية والنصف فجراً"، بحسب ما قاله شقيقها أحمد لـ"النهار".



عودة غير متوقعة
قبل أربعة أشهر سافرت إسراء الى افريقيا، لتكون الى جانب زوجها الذي أحبته وارتبطت به، وشرح أحمد "انتظرت كي تنهي دراستها في الحقوق من الجامعة اللبنانية في صيدا، عقدت قرانها، ليسافر بعدها زوجها الى ساحل العاج، حيث فتح محلاً لتجارة مواد البناء، وعندما استقر وضعه، جهزت حقائبها ودّعتنا على أمل اللقاء القريب، استقلت الطائرة ورحلت، لم نتوقع ان تعود الينا وطفلها بكفن، وأن اللقاء في المطار سيكون مع جثمانها وولدها بدلاً من أن تركض الينا وتغمرنا بحنانها".



قضاء الله وقدره
يومياً كانت تتصل إسراء بعائلتها، تطمئن عنهم وتخبرهم عن سعادتها، أمّن لها علي كل ما تحتاجه، كانوا اسرة جميلة، لا تفارق الضحكة وجههم"، قال أحمد، مضيفاً "للأسف يوم الثلثاء تلقينا اتصالاً من ساحل العاج هذه المرة لم يكن من إسراء بل عنها، اخبرنا من خلاله بوقوع الكارثة، ورغم عمق الجُرح إلا اننا نسلم بقضاء الله وقدره، وان لكل منا أجلاً، والى هنا فقط كتب لشقيقتي وطفلها الحياة. نقول للقاتل الذي لا يزال مجهولاً "الله يسامحه"، والداي يعضّان على مصابهما بصبرٍ، يحتسبانها شهيدة كما غيرها من الشهداء الذين دفعوا روحهم من أجل عزة وطنهم".


 


فراق صعب
الليلة تصل إسراء وابنها الى لبنان، لتوارى غداً في مسقط رأسها بمدينة النبطية، إذ يقول أحمد: "سيكون الفراق صعباً، كيف لنا ان ننسى انها كانت فراشة المنزل، لونّت حياتي وشقيقاتها الثلاث، أحبت الجميع، وتركت كل اثر جميل، مرّت كحلم في هذه الدنيا، لكنه انتهى كابوساً، اتمنى لو ان الخبر غير صحيح وأن تعود عقارب الساعة الى الوراء، تجلس وطفلها معنا، نتبادل أطراف الحديث".