وراثة أبو مازن مجدّدًا: ناصر القدوة بديلاً؟

أ . ق.

على ذمّة محلّل القناة الثانية الاسرائيلية للشؤون العربية يهود يعاري، بدأت بعض الدول العربية بالتحضير الفعلي لتعيين خليفة للرئيس الفلسطيني #محمود_عباس (أبو مازن)، وتتجه انظار هؤلا نحو وزير الخارجية الفلسطيني السابق ناصر القدوة لتولّي الزعامة الفلسطينية، وليس القيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان، كما أُشيع سابقا.


وترافقت هذه الانباء مع الحملة السياسية والاعلامية الشرسة التي يتعرض اليها عباس بعد مشاركته في تشييع الرئيس الاسرائيلي السابق شمعون بيريس. وتزامنت ايضا مع ادخال الرئيس الفلسطيني المستشفى التخصصي في رام الله.


و,tr ما قال المحلل على القناة الثانية فإن هذه الدول ارسلت مبعوثين الى أبو مازن تحضّه على اختيار خليفة له لتجنّب الفوضى في السلطة الفلسطينية، وترى هذه الدول بأن ناصر القدوة الذي شغل منصب ممثل منظمة التحرير في الامم المتحدة الرئيس المقبل للسلطة الفلسطينية، وقدم هؤلاء المبعوثين وعودا للرئيس الفلسطيني تتعلق بحماية أبنائه بعد تعيين خليفة له.


وأضاف يعاري بأن المشاركين في هذا التوجه، بتهيئة الاوضاع لتعيين ناصر القدوة ليكون خليفة الرئيس أبو مازن، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الاردني عبد الله الثاني بن الحسين وحاكم ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد وولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مضيفا بأن دور العاهل الاردني في هذا المسعى جزئي.


وأشار يعاري الى أن حاكم أبو ظبي رغم علاقته الوثيقة، بمحمد دحلان يدعم تعيين ناصر القدوة، لمعرفته بأن تعيين دحلان لن يجد قبولا في هذه الفترة، وتحديدًا لأنّه من قطاع غزّة، وليس من الضفة الغربية المحتلّة، صاحبة الوزن الاكبر في المعادلة الفلسطينية. ولكن سيكون لمحمد دحلان دور في القيادة تحت رئاسة القدوة. وقال إن بعض الدول العربية تعتبر القدوة المرشح الأنسب لخلافة الرئيس الفلسطيني في ظل حرب خلافة متوقعة، علما أنه يتمتع بجملة من العلاقات والاتصالات الدولية مع دول عربية وغربية عدة.


ماذا يقول الفلسطينيون؟
وأكدت مصادر فلسطينية أن بعض مندوبي الدول الغربية يفحصون خلال لقاءاتهم مع مسؤولين فلسطينيين وضع القدوة وثقله في الشارع الفلسطيني وفي وسط القاعدة الفتحاوية وقيادة السلطة وأجهزتها الأمنية. ونقلت عن الموفدين العرب، أن نقلًا سلسًا للسلطة من عبّاس إلى القدوة، هدفه الأساسي منع انتشار الفوضى العارمة في مناطق السلطة الفلسطينية، خصوصا إذا لم ينتخب الوريث، بشكلٍ ديموقراطي. لكنها اضافت أن مسألة الخلافة لا زالت بعيدة عن الحسم لا سيما أنه يوجد عدد ممن يعتبرون أنفسهم مرشحين لخلافة الرئيس، ومن بينهم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور صائب عريقات، القيادي الفتحاوي الأسير مروان البرغوثي، ودحلان، أضف أنه في خضم حرب الخلافة يتوقع أن ترغب المؤسسة الأمنية الفلسطينية في حضور قد يمثله أحد قادتها من أبرزهم مدير المخابرات العامة ماجد فرج، رغم أن علاقاته مع قادة الأجهزة وقادة "فتح" متفاوتة .وأشارت إلى أن علاقة قوية تربط بين القدوة وبين الأسير البرغوثي، وأن من شأن هذه العلاقة أن تدعم حظوظ ترشيحه أو أن تكون جزءًا من قيادة جماعية تدير شؤون المنظمة والسلطة وحركة "فتح".


غير ان مصادر اخرى استبعدت حصول هذا الامر حاليا وان عباس يرفض، وسيظل يرفض التنحّي عن منصبه. وأكّدت ان مشاركة عباس في جنازة بيريس، جاءت نتيجة لضغط مُكثف اميركي. لكنها قالت ان أطرافا عدة عربية ودولية وأبرزها إسرائيل والولايات المتحدة ستضطلع بدور وسيكون لها كلمة تتعلق بهوية الرئيس المقبل بعيدا عن الشعارات التي تتحدث عن أن الشعب الفلسطيني هو الذي سيختار قيادته.
وعلّق عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عباس ذكي على المعلومات المسرّبة حول اختيار القدوة مؤكدا أن الأمر غير وارد ولم يطرح، وأن هدفه الإساءة إلى الرئيس. وشدد على أن بديل ابو مازن في حال شغور الرئاسة سيكون رئيس المجلس التشريعي. واوضح أن مؤتمر "فتح" المقبل منوط به انتخاب رئيس ونائب له، معتبراً أن مشكلة "فتح" لا تحلّ إلا عبر المؤتمر العام للحركة وانتخاب قيادة جديدة. ويُفترض انعقاد المؤتمر بدورته السابعة في  تشرين الثاني المقبل.


ماذا يقول القدوة؟
ونقلت مصادر مقربة من القدوة انه ابلغ الى الاطراف العرب الذين استمزجوا رأيه بأنه لا يرغب بقصة خلافة الرئيس عباس، لكنه لا يمانعها إن طرحت في ظل إجماع فتحاوي وفلسطيني ودعم عربي. ونسب اليه قوله انه شخصيا مرتاح في الإقامة بأوروبا ولايطرح نفسه بديلا، لكن في حال البحث في هذا الموضوع فلن يكون الحديث بالموضوع من جهته ولن يشارك بأي نشاط علني او سياسي بالسياق ولن يدلي بأيّ بيان سياسي على ان "تنضج" الطبخة إذا كانت جدية بعيدا عنه ومن دونه اولا قبل الخوض بأيّ تفاصيل.


وقد يكون القدوة احد ابرز الشخصيات الفلسطينية المطروحة لتولي المنصب الرفيع، لكن تسميته الآن كخليفة يطرح شكوكا في فرضه كبديل محتمل ومقبول، أم رغبة في حرقه وإغلاق الطريق عليه، مع الاخذ في الاعتبار بأن منصب الرئيس من حق الشعب الفلسطيني وحده وعبر انتخابات ديموقراطية نزيهة ومن غير المقبول أن يفرض على الفلسطينيين.


من هو القدوة؟
ومن كان يحضر او يشارك في الحياة الديبلوماسية على المستويين العربي والدولي في العقد الماضي كان يلحظ حضورا لافتا للقدوة في لجان الصياغة المكلفة إيجاد حلول للاستعصاءات السياسية وتدوير الزوايا. فهذا الرجل الذي خرج من عباءة خاله الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات فُتحت له أوسع أبواب العمل الديبلوماسي منذ عام 1986، عندما عيّنته منظمة التحرير مساعدًا للممثل الدائم لمنظمة التحرير الفلسطينية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.


وأتيح للقدوة - المولود عام 1953- وقتها أن ينهل من خبرة الديبلوماسي الفلسطيني المخضرم زهدي الطرزي الذي كان يشغل منصب المراقب الدائم، ثم حلّ محله عام 1991. كما كان العمل في المنظمة الدولية ذاتها القابلة التي أهلته - كما في دول عربية عدّة أبرزها مصر- للترقّي لمنصب وزير الخارجية عام 2005.


وكان القدوة الذي تخرّج من جامعة القاهرة عام 1979 كطبيب أسنان، مر قبل ذلك في عدة اختبارات لصقل التجربة والتأهيل أبرزها العمل في الاتحاد العام لطلبة فلسطين، ومن ثم في الاتحاد الدولي للطلاب. وهذه الهيئة الفلسطينية كانت القابلة الحقيقية لصناعة الساسة الفلسطينيين الذين تقلّدوا مناصب ذات شأن في الهيئات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية أو في الفصائل عندما كانت "فتح" تحتكر، وعلى مدى نصف قرن تقريبا، الصفة التمثيلية للشعب الفلسطيني. ففي الاتحاد العام لطلبة فلسطين انضم القدوة إلى المجلس الإداري أولا، ثم إلى الهيئة التنفيذية عام 1978. واختتم مسيرته النقابية السياسية بترؤس الاتحاد اعتبارًا من عام 1982، خلفا للقيادي المخضرم وقتها صخر بسيسو.


خلال مسيرته في العمل الطلابي حصل القدوة عام 1975 وبحكم انتمائه إلى "فتح"، على عضوية المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان الفلسطينيين في المنفى) وألحقها بعضوية المجلس المركزي الفلسطيني، وهي الهيئة الوسيطة بين المركزي واللجنة التنفيذية.


وفي مؤتمر "فتح" السادس المنعقد في بيت لحم عام 2009 أهلته مسيرته في "فتح" والتوازنات الداخلية المعقدة في الحركة للوصول إلى أعلى الهيئات القيادية أي اللجنة المركزية. وكان تاليا في قلب المشهد السياسي الفلسطيني، بعد أن أدى الانقسام الفلسطيني 2007 بين "فتح" و"حماس" إلى خلط الأوراق وعزل الضفة عن #غزة سياسيا وتهميش التكنوقراط. واختار الرجل خلال تلك السنوات العجاف أن يبقى قريبا من ملف الموت الغامض لخاله في مقرّه برام الله عام 2004. فتولى رئاسة مجلس أمناء "مؤسسة عرفات" منذ تأسيسها وهي الهيئة التي يحضر فيها محمود عباس عبر منصب رئيسها الفخري. واستمر في هذا المكان إلى حين تكليفه بمهمة مساعدة كوفي انان كممثل خاص مشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا لإيجاد حلّ سياسي لأزمتها بعد عام 2011، الى حين استقالة الرجلين من هذه المهمة.


وسبق للقدوة ان طرح برنامجًا من نقاط عشر للخروج من المأزق الحالي الذي يعيشه المشروع الوطني.