هل تهمل الأمم المتحدة وأميركا حقاً اللاجئين المسيحيين؟

م. ف.

في آذار الماضي، صنفت واشنطن رسمياً جرائم القتل التي ارتكبها تنظيم #داعش ضد الأقليات المسيحية والإيزيدية في سوريا والعراق بأنها ترقى إلى جرائم إبادة، وهو اتهام رمزي لا يلزم واشنطن باتخاذ إجراء ضد الإرهابيين أمام القضاء الدولي.


ونظرياً، تقول وزارة الخارجية الاميركية إنها تساعد الأقليات الدينية التي هربت من سوريا والعراق مع ملايين المشردين الاخرين من هذين البلدين، وخصوصاً من خلال الامم المتحدة. وفعلاً، تشير الارقام إلى أن الولايات المتحدة أرسلت الى الامم المتحدة أكثر من نصف المبلغ البالغة قيمته 5,6 مليارات دولار والمخصص لمساعدات إنسانية للسوريين منذ 2012.


ومع ذلك، تقول نينا شيا مديرة مركز الحريات الدينية في معهد هاسون الاميركي في مقال نشر في صحيفة "الوول ستريت جورنال" الاميركية إن الوكالة الأساسية المكلفة شؤون اللاجئين في الامم المتحدة، وهي مكتب المفوضية العليا للاجئين تهمش المسيحيين وآخرين يستهدفهم "داعش" في برنامجين أساسيين، هما إيواء اللاجئين في المنطقة وإعادة توطين اللاجئين السوريين في الخارج.


وتورد شيا مثلاً على ذلك، قائلة إن برنامج اللاجئين الموسع للإدارة الاميركية لـ #سوريا يعتمد على إحالة اللاجئين من مكتب المفوضية العليا، إلا أن الناجين السوريين من الإبادة هم دائماً غير ممثلين في شكل صحيح. وتظهر ارقام وزارة الخارجية أنه من أصل 12,587 لاجئا سورياً حصلوا على موافقة للدخول الى الولايات المتحدة في السنة المالية التي انتهت في 30 أيلول، كان هناك 68 مسيحياً و24 أيزيدياً فقط، أي 0,5 من المسيحيين فقط، علماً أن المسيحيين يمثلون 10 في المئة من السوريين.


وعندما سئل عن هذه الأرقام في جلسة استماع في مجلس الشيوخ في 28 أيلول الماضي، قال نائب مساعد وزير الخارجية الاميركي سايمون هنشاو أن 1 في المئة من اللاجئين السوريين المسجلين هم مسيحيون.


وكان بطريرك الكاثوليك السريان مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان صرح في آب الماضي أن نصف مليون مسيحي سوريا، أي ربع مسيحيي سوريا، غادروا البلاد، إلا أن مسؤولي وزارة الخارجية الاميركية يفترضون أن المسيحيين لا يريدون تسجيل أسمائهم لإعادة توطينهم في الخارج، أو أنهم ينتظرون دورهم خلف مئات الاف المسلمين السنة الذين غادروا سوريا قبلهم.


ومع ذلك، تصر شيا على أن ثمة دليلاً على أن المشكلة تكمن داخل مكتب المفوضية العليا للاجئين، مشيرة الى تقرير صادر في كانون الثاني عن اللاجئين المسيحيين في لبنان وفيه أن "خيارات الخروج ميؤوس منها مع شكاوى لاجئين من أن أفراد طاقم مكتب المفوضية العليا للاجئين لا يتابعون حالاتهم بعد مقابلات أولية".


وفي مؤتمر صحافي عقد في كانون الاول الماضي في واشنطن، سألت شيا المفوض الأعلى للاجئين أنطونيو غوتيريس الذي صار أميناً عاماً للأمم المتحدة عن سبب العدد المخفوض نسبياً للمسيحيين السوريين الذين يعاد توطينهم في الخارج، فجاءت اجابته صادمة بالنسبة اليها، إذا أجابها أن المسيحيين السوريين عموماً لا يجب إعادة توطنيهم، لأنهم جزء من "الحمض الريبي النووي للشرق الأوسط". وأضاف أن الرئيس اللبناني المسيحي طلب منه عدم نقل اللاجئين المسيحيين.


واعتبرت شيا أن مثل هذا الكلام يرقى إلى سياسة تمييز ديني لأهداف سياسية.
وعن سبب العدد الضئيل جداً للمسيحيين والأيزيديين في مخيمات اللاجئين التابعة للمفوضية العليا، يقول بعض أفراد هاتين الطائفتين إنهم لا يشعرون بأمان هناك.
وقال ستيفن راش، مسؤول إعادة التوطين في مطرانية الكلدان الكاثوليك في إربيل للكونغرس في أيلول الماضي إن "المسيحيين لا يدخلون مخيمات الأمم المتحدة في إربيل خوفاً من تعرضهم للعنف".


وتقول جماعتا المعونة البابوية للكنيسة المحتاجة وبعثة المساعدة الاميركية المسيحية في رسائل إلكترونية لشيا إن لا مسيحياً يجرؤ على اللجوء الى مخيم الزعتري في الاردن الذي يؤوي 80 ألف لاجئ سوري. وفي 26 أيلول الماضي ، كتب سوري مسيحي استقر في الولايات المتحدة بعد فراره من حلب في "واشنطن إكزاماينر" أن عائلته كانت خائفة جداً من أن تصير "هدفاً للمتطرفين" إذا لجأت الى مخيمات لبنان.


وشكت أبرشية إربيل التي تشرف على 70 ـلف شخص هجرهم "داعش"، بينهم نصف مسيحيي نينوى، من أن مساعدات الامم المتحدة تتجاوزهم. وكان راش قال للكونغرس في الجلسة نفسها أنه "منذ آب 2014، لم يحصل مسيحيو #العراق بعد معدات أولية من الخيم والأقمشة، على أي مساعدات من وكالات الامم المتحدة أو الامم المتحدة"، محذرا من أن المسيحيين هناك يواجهون الانقراض من دون مساعدات اضافية.


كذلك، شكت شيا من أن الجماعات المضطهدة لم تحصل على أي مساعدة من لجنة التحقيق المستقلة التي أنشأتها الامم المتحدة في شأن سوريا، إذ ركز تقريرها الوحيد الصادر في حزيران على المضطهدين من الايزيديين. ورفضت اللجنة التي تعتبر مستشاراً مهماً لمكتب المفوضية العليا، في فقرة قصيرة أن يكون المسيحيون هدفاً للإبادة.


twitter: @monalisaf