من "محاسبة سوريا" الى "جاستا"

امين قمورية

من دون سابق إنذار، أقر الكونغرس الاميركي قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" (جاستا)، مُعطلاً بذلك "فيتو" الرئيس أوباما الذي سبق له أن رفض القانون لما يمكن أن يرتبه من سلبيات على الولايات المتحدة.


إقرار "جاستا" يمنح عائلات ضحايا الهجمات الإرهابية الحق في مقاضاة دول أجنبية. وهو رسميا لن يترك أي دولة أجنبية محصنة أمام السلطات القضائية الأميركية في أي قضية يتم فيها المطالبة بتعويضات مالية من دولة أجنبية لإصابات مادية تلحق بأفراد أو ممتلكات تنجم عن فعل إرهابي. ولكن عملياً يفهم منه انه يستهدف خصوصاً السعودية نظراً الى ان العدد الاكبر من منفذي هجمات 11 ايلول 2001 (اليوم الاكثر دموية في تاريخ أميركا) كانوا سعوديين، علما ان لجنة التحقيقات الخاصة بهذه الهجمات، كانت قد خلصت إلى عدم تورط المملكة كدولة في أي نشاط إرهابي داخل الولايات المتحدة . وبالفعل فان الدعوى الاولى التي سجلت في هذا المجال كانت من ذوي ضحايا الهجمات المشؤومة نفسها.
وبين "جاستا" والقانون الذي أقره الكونغرس عام 2003 باسم "القانون حول مسؤولية سوريا وحول سيادة لبنان" والمعروف باسم "قانون محاسبة سوريا"، قواسم مشتركة عدة على رغم الفارق الزمني واختلاف الموضوع. "جاستا" حمل الشيء ونقيضه ومفارقات عدة، مثله مثل "قانون محاسبة سوريا". الاول باسم محاربة الارهاب قد يرتد سلبا على أميركا نفسها وعلى علاقاتها الدولية لانه قد يتسبب بمقاضاة أميركيين في الجيش في أنحاء العالم، ويجعلهم عرضة للمساءلة القانونية، عملا بمبدأ المعاملة بالمثل. والثاني باسم محاربة الارهاب ربما كان اللبنة الاولى في ايصال سوريا الى الدرك والجحيم اللذين وصلت اليهما، وجعلها لاحقا اخطر معاقل الارهاب في العالم وقضى على أي فرصة ممكنة للسلام في الشرق الوسط بحمايته للارهاب الاسرائيلي وادانته لمقاومة الاحتلال.
واذا كان "قانون محاسبة سوريا" حظي في حينه برعاية من الادارة الاميركية، فان "جاستا" يحظى على ما يبدو بمزاج أميركي عارم ومؤيد وإلاّ فما معنى حصوله على تأييد 97 عضواً في مجلس الشيوخ من اصل مئة، في حين اكتفى القرار الآخر بـ71 صوتاً؟! ولذا فان اعتراض الرئيس لن يغير شيئاً في واقع الامر وكذلك التعديلات الممكنة على القانون والقراءات الجديدة له، وتالياً فان القانون الجديد في مضمونه لا يقل خطورة عن سابقه.
واشنطن لا تستهدف فقط بقوانينها الدولية وضع اليد على أموال الدول المستهدفة والمودعة لديها وتجاهل المنظمات الاعراف الدولية، بقدر ما تريد اضعاف الحصانة السيادية لهذه الدول وان تبقى الخصم والحكم في العلاقات الدولية وتفرض شريعتها الخاصة... وليس على المستهدفين الا الرجاء والتحسب للاسوأ.


amine.kamourieh@annahar.com.lb