هل تكون دورة تشرين العاديّة غير عاديّة فتقرّ قانوناً للانتخاب وتنتخب رئيساً للجمهوريّة؟

اميل خوري

نجحت إيران من خلال "حزب الله" في ابتزاز أحزاب في 14 آذار وفي اعتماد سياسة "خذ وطالب" بوضعها أمام الخيارات الصعبة. فلا انتخاب رئيس للجمهورية إلّا إذا انتخب العماد ميشال عون، ولا تمديد لمجلس النواب مرّة أخرى ولا انتخابات نيابيّة على أساس قانون الستين بل على أساس قانون جديد، ولا اتفاق حتى الآن على هذا القانون. ويرى "حزب الله" نفسه رابحاً في كل الحالات، فإذا استطاع فرض انتخاب عون رئيساً يكون رابحاً، وإذا لم يستطع فرضه يكون رابحاً بالفراغ الشامل. وإذا استطاع فرض قانون تجرى الانتخابات النيابيّة على أساسه فهو رابح، وإذا لم يستطع فهو رابح بالفراغ الشامل أيضاً، والذي لا خروج منه إلّا بالاتفاق على "طائف" جديد...


وفي دورة المجلس العادية في تشرين المقبل يعود الجدل بين من يريد انتخاب رئيس للجمهوريّة قبل أي أمر آخر تطبيقاً للدستور، ومن يريد تشريعاً تفرضه الضرورات الماليّة والاقتصاديّة، ومن يريد إقرار قانون جديد للانتخاب قبل الانتخابات الرئاسيّة إذا استمرّت أسباب تعطيلها، فيذكّر طرف بتوصية مجلس النواب التي تقول بانتخاب رئيس للجمهوريّة أولاً، ويذكّر طرف آخر بتوصية أخرى تدعو إلى درس قانون الانتخاب قبل أي مشروع آخر لأن هذا القانون يبقى أكثر ضرورة من سواه.
والسؤال المطروح هو: هل سيستدرج "حزب الله" ومن معه أحزاباً في 14 آذار للقبول بإقرار قانون الانتخاب ويكون قد حان موعد الانتخابات النيابية فتجرى عندئذ على أساسه لينتخب مجلس النواب المنبثق منها رئيساً للجمهورية، وهذا ما كان يطالب به "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" من قبل بذريعة أن مجلس النواب الحالي الممدّد له غير شرعي ولا يصلح لانتخاب رئيس للجمهورية يكون هو أيضاً غير شرعي، عدا أن الأكثرية فيه لا تنتخب العماد عون ولا أي مرشّح من خط "حزب الله"؟
الواقع أن "حزب الله" ومن معه سيظل يعمل على تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية إلى أن يحين موعد إجراء انتخابات نيابية في ربيع 2017، فتجد الأحزاب التي تصر على تقديم الانتخابات الرئاسيّة على أي موضوع آخر نفسها أمام واقع الخيارات الصعبة، فإمّا أن تقبل بإجراء انتخابات نيابية على أساس قانون جديد قبل الرئاسيّة، وإلّا تحمّلت مسؤوليّة تعريض لبنان لفراغ شامل لا خروج منها إلّا بالاتفاق على نظام جديد للبنان هيهات يتم التوصّل إليه بالتوافق والتراضي وليس بحرب جديدة ينتهي معها لبنان.
ثمّة أحزاب تصر على أن تبدأ دورة تشرين العاديّة بإقرار قانون للانتخاب ليصير في الإمكان إقرار مشاريع أخرى، وإلّا تعطّل حتى تشريع الضرورة. وثمّة أحزاب تصر على انتخاب رئيس للجمهورية أولاً، وإذا كان لا بد من إقرار قانون للانتخاب فليكن إقراره في يوم واحد مع انتخاب الرئيس. ولا معنى للقول إن مجلس النواب المُمدّد له غير شرعي لينتخب رئيساً للجمهوريّة، فكيف يكون شرعياً عندما يقر قانوناً للانتخاب، وهو لا يقل أهميّة عن انتخاب الرئيس؟
لذلك فإن القوى السياسية الأساسيّة في البلاد ستكون في تشرين أمام مواجهات جديدة، فمنها من يريد إجراء انتخابات نيابية على أساس قانون جديد قبل الانتخابات الرئاسيّة ظناً منها أنها ستفوز بأكثرية نيابية تنتخب رئيس الجمهوريّة ورئيس المجلس وتشكّل حكومة حتى لو كان القانون مختلطاً من أكثرية ونسبية، باعتبار أن التحالفات بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" قد تأتي بأكثرية المقاعد المسيحية، والتحالف بين "حزب الله" وحركة "أمل" يأتي بأكثرية المقاعد الشيعية، في حين أن "تيار المستقبل" يكون يعاني انقسامات تجعل المقاعد النيابيّة السنيّة تتوزّع على أكثر من كتلة وجبهة، ومن يريد إقرار قانون جديد للانتخابات على أن يليه انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تشرف على الانتخابات النيابية في ربيع 2017، لأن هذه الانتخابات إذا جرت قبل الانتخابات الرئاسيّة فلا أحد يستطيع ضمان صحّتها ونزاهتها إذا أشرفت عليها الحكومة الحالية التي لا انسجام ولا تجانس بين أعضائها، وقد تتعرّض للاستقالة إبّان الانتخابات النيابية لسبب من الأسباب فيعود لبنان ليدخل دائرة الفراغ الشامل. فأي من القوى السياسيّة الأساسيّة في البلاد سينتصر على الآخر؟ هل هو "حزب الله" ومن معه بالمراهنة على فوزه بأكثرية نيابية تأتي برئيس للجمهورية يكون من خطّه السياسي، أم الأحزاب المناهضة لخطّه والتي تريد إقرار قانون للانتخاب شرط عدم إجراء انتخابات نيابية على أساسه إلّا بعد انتخاب رئيس للجمهوريةّ؟


emile.khoury@annahar.com.lb