باسيل من نيويورك: إذا وقع لبنان لا سمح الله لن يبقى مكان تحت الشمس بمنأى عن الكراهية والإلغاء

أكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر الإقليمي الأول للطاقة الإغترابية اللبنانية الذي يعقد في نيويورك على مدى يومين، وحضرها عدد كبير من الشخصيات الأميركية والكندية المتحدرة من أصل لبناني، فضلا عن لبنانيين مقيمين من رسميين ورجال أعمال ومال وتربية وطب ودين وإعلام واقتصاد، "أن قدرة النجاح الفردية عجزنا عن تحويلها الى قدرة نجاح جماعية، وتعبير العجز فيها كان فشل دولتنا. إن ما نقوم به اليوم هو محاولة جديدة للعمل مع بعضنا البعض كلبنانيين، كل فرد متسلح منا بتجربته الخاصة الناجحة، بهدف أن ننجح سويا".


وشدد على "أن ما يميزنا في وطننا الصغير الذي نقول عنه دائما إنه النموذج لفرادة ليس العيش المشترك، فالناس يعيشون ذلك في كل بقاع العالم، إنما في أن يكون لدينا شراكة متناصفة، وهو أمر غير موجود في أي بلد في العالم. والفرادة الثانية هي قدرتنا على الربط والوصل ليس بين بعضنا كلبنانيين، إنما بين شرق وغرب متصادمين، وسيتصادمان أكثر مع الأسف، بين شرق وغرب وحضارات متناحرة باسم الدين والله، وتستعمل كل الوسائل البعيدة عن رسالتنا".


وقال باسيل: "إن اجتماعنا اليوم هو فعل إيمان بلبنان وبرسالتنا وإصرارنا على أن هذا البلد الذي ليس من سبب علمي أو منطقي أو تكويني يجعله واقفا أمام كل ما يحصل من حوله، ولا يزال واقفا بسبب القدرة الفردية لكل لبناني. آمل في أن يفتح هذا المؤتمر المجال لتحويل القدرة الفردية الى جماعية لننتصر فيها لرسالة لبنان التي هي رسالة قبول الآخر في الوقت الذي نجد كيف يحذف هذا الآخر جسديا وفكريا. كما آمل في أن توصلنا هذه التجربة الى مؤتمرات دورية يتناقلها رؤساء البعثات من سنة الى أخرى، بجهد شخصي، وواجباتنا تقضي بأن نساعد ونواكب. نستطيع كل عام أن نلتقي هنا، وفي أميركا الجنوبية، أفريقيا، أوروبا وأستراليا، ثم نلتقي سويا في لبنان. هذا الرابط اللبناني يكبر، والرابطة اللبنانية تتوسع، وهذا ما يجعلنا نكون شعبا مرتبطا ببعضه البعض، هذه هي تجارب الشعوب غير المرتبطة بأرضها فقط بل بشعبها، وهذا ما يكون الوطن، أي الأرض والشعب، وهذه هبة كبيرة أعطانا اياها الله، علينا المحافظة عليها".


ودعا وزير الخارجية اللبنانيين المنتشرين الى "أن يقفوا الى جانب وطنهم لبنان الذي أصبح ملجأ لملايين النازحين ويرزح تحت عبء كبير ما يهدد بانهيار نظامه المالي، الاقتصادي، التربوي، الإجتماعي، الأمني، السياسي والديموغرافي إذا ما وقع لبنان لا سمح الله، لن يبقى مكان تحت الشمس بمنأى عن الكراهية والإلغاء".


تابع: "بكل فرح وسرور أرحب بكم ترحيبا حارا وأشكر كل فرد منكم قد قبل دعوتنا لحضور المؤتمر الإقليمي الأول للطاقة الإغترابية اللبنانية لأميركا الشمالية في نيويورك. نجتمع اليوم في أورفليس في السنة الثالثة وفي السادس عشر من شهر أيلول شهر الحصاد". ثم انفتحت أبواب قلبي وطار فرحي فوق البحار، البحار التي نادت آباءكم ذات يوم، نادتني فأبحرت. كم مرة سافرتم في أحلامي، وأنتم اليوم في صحوتي التي هي حلمي الأعمق. تلك الكلمات الملهمة لجبران خليل جبران تدعني أفكر في الرمز الذي تحمله أورفليس، تلك الجزيرة التي تجسد كل مدينة في العالم جعل منها اللبنانيون وطنا لهم. إنها تجسد كل سفينة عبرت المحيط سعيا وراء شواطىء السلام، الأمل والحياة الأفضل. إنها ترمز الى لبنانيتنا، تلك المهد من الطاقة والقدرة الذي لا ينضب. لبنانيتنا التي تعانق التاريخ وتمثل كل صراع من أجل الحرية. هي الهدية التي أنارت العالم، حرفا، كلمة، أبجدية، مدينة، وحوارا كاملا بين الحضارات وشبكة تجارة عالمية أساسها المعرفة والتبادل، ووقودها الفقر والكرامة. لبنانيتنا جنسيتنا وأكثر إنها هويتنا. لبنانيتنا هي كل حلم أضحى حقيقة، هي قصة حياة من النجاح، من العمل الشاق الذي كرستم حياتكم له وكل التحديات التي واجهتموها عبر نبوءة ورثتموها، عبر حلم زرعه فيكم أجدادكم".


تابع وزير الخارجية: "إن اللبنانية هي كل فرد منا، هي في كل فرد منا، هي كل واحد منا، هي كلنا. هي الشرارة التي أعطت الحياة لمجتمعنا، هي المحرك الذي دفع أجدادكم للاستكشاف، هي الواحة التي تميز إبداعاتكم. إن برنامج المؤتمر يشمل مروحة واسعة من المواضيع المهمة المبنية على نجاح ثلاثة مؤتمرات. مركزية للطاقة الاغترابية عقدت في لبنان. كم هو مؤثر أن نرى ما يمكننا أن ننجز عندما نكون موحدين بالإرادة، وبغض النظر عما يمكن أن نفعله على الصعيد الوطني، أو عبر الحدود، بجهود فردية أو جماعية، على صعيد التربية والثقافة والاقتصاد والعلوم والمشاريع الإغترابية، كل ذلك لا يكفي. فبروح التعاون الحقيقي، في هذه المنطقة من العالم، وبناء على تأثيرنا في المجتمعات والحضارات، يجب علينا أن نتوحد لنصنع حلفا ما بين رجال الأعمال والجامعات والمؤسسات، ونعمل في تناغم لخلق بيئة من الإمكانات والفرص حيث تسمح لكم بالنمو في لبنان والولايات المتحدة وكندا".


واضاف: "إسمحوا لي أن أذكركم ببعض المحطات الفاصلة :
- لقد تمكن عدد من اللبنانيين من تأسيس "الرابطة القلمية" في العام 1920، والتي ترأسها جبران خليل جبران وعضوية ندرة حداد، إيليا أبو ماضي، ميخائيل نعيمة، وأمين الريحاني .
- كما استطاع عدد آخر، وبعضهم حاضر بيننا اليوم، من تأسيس "تاسك فورس" كجمعية من الأميركيين المتحدرين من أصل لبناني والتي تعمل من أجل مصلحة لبنان .
- وفي العام 2009، أسس عدد من رجال المال والأعمال "الجمعية الدولية المالية التنفيذية" (لايف)، وهي منظمة عالمية تضم رجال مال وتهدف الى التواصل عبر شبكة الإنترنت لتحفيز النمو الإقتصادي، وخلق فرص العمل. ونذكر أيضا على سبيل المثال "الجمعية الطبية الأميركية اللبنانية".
- في العام 1960، تاسست الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم لحفظ التراث اللبناني، والترويج للثقافة اللبنانية في العالم .


بناء على ما تقدم، كانت فكرة إطلاق الطاقة الإغترابية، وهي منصة تفتح لكم المجال للمشاركة بتجاربكم وبقصص نجاحاتكم. وبكل فخر لقد حققتم في السنوات الثلاث الماضية ما كان مستحيلاً، نذكر منها "البيت اللبناني الإغترابي، "أرزة المغترب"، "المتحف الإغترابي"، إستثمر لتبق"، و"الصندوق المالي الإغترابي". لقد وعدتم بتأسيس المدارس اللبنانية، كمشاريع خاصة لكم، كما أسستم في العام 2015، الجمعية الطبية اللبنانية العالمية وفي أيار 2016 أطلقتم مبادرة تأسيس "إتحاد الغرف التجارية" وغيرها من المشاريع. ومن أهم المواضيع التي سنناقشها هو موضوع "استعادة الجنسية" لكي نحفظ وطننا، هويتنا، ورسالتنا في العالم. أدعو كل فرد منكم ليكون جنديا للقضية اللبنانية لتعزيز إنتمائنا وتنوعنا الحضاري كمثال فريد حول العالم".


أضاف الوزير باسيل: "نجتمع اليوم مع نخبة منكم تميزت في مجال العلوم والقدرات بهدف إرساء التواصل، كما ندعوكم لكي تقفوا الى جانب وطنكم، والذي في أول مرة في تاريخه يواجه مجموعة كل المخاوف، تتمثل بالتهديد الإرهابي المتطرف الذي يُناقض كل ما قام عليه وطننا كواحة عاشت فيها الأقليات باحترام متبادل وبمساواة وشراكة كاملة في حضن التسامح والسلام. ندعوكم لتقفوا الى جانب وطن أصبح ملجأ لملايين النازحين والذي أصبح يرزح تحت عبء كبير مما يُهدد بانهيار نظامه المالي، الاقتصادي، التربوي، الإجتماعي، الأمني، السياسي والديموغرافي إذا ما وقع لبنان لا سمح الله، لن يبقى مكان تحت الشمس بمنأى عن الكراهية والإلغاء. أخيرا وليس آخرا، ما هو مؤكد أن قدرتنا على صنع مصيرنا ونجاحاتنا بأيدينا هو ما يميزنا وما يجعل منا لبنانيين، هي قدرتنا على مواجهة التحديات والتكيف مع المصاعب وعلى الإندماج مع الآخرين. هي قدرتنا، وبرغم كل اختلافاتنا، أن نصنع مستقبلا مشتركا. نلتقي وإياكم، إن شاء الله، في بيروت في مؤتمر الطاقة الإغترابية الرابع في أيار المقبل، واستغلها مناسبة لأوجه دعوة لكل واحد منكم، وأتمنى لكم مؤتمرا ناجحا ومثمرا".