لبنانيو الخليج أهم من خلافاتكم

أكد أمير قطر الجديد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن الوجود اللبناني في قطر "مصون وأن اللبنانيين في قطر هم بين أهلهم ويلتزمون قوانين دولة قطر ويحترمونها"، ونوّه بدورهم الإنمائي في قطر في كل المجالات.
لعله الخبر الأهم الذي سمعته أمس. ففيما سياسيّونا يستقوون بعضهم على البعض، في محاولات مستمرة لقضم كل منهم ما يمكنه من صلاحيات الآخر، ومما يسمى مكتسبات الطائفة والحزب، يعاني لبنانيون الأمرّين إن في موطنهم أم في دول أفريقية أو أوروبية، وينتاب آخرين قلق شديد على مستقبلهم في دول الخليج العربي.
ودول الخليج هي المقر الأبرز اليوم للانتشار اللبناني، لا للمال الذي يجنيه اللبنانيون هناك ويرفدون به أهلهم ووطنهم، وليس فقط للأمان الذي ينعمون به، وللغة الأم التي يحافظون عليها لأولادهم، بل لأن السفر الى دول الخليج، العربي طبعاً، ليس هجرة كتلك التي تولد من السفر إلى أوروبا أو أميركا أو أوستراليا، مع ما يعني ذلك من خسارة للبلد، على مستوى العائلات الفتية، والشباب خصوصاً، والكفايات التي يحضنها الغرب، ويحول دون إفادة مواطنها منها، وما يستتبع ذلك من إهمال للأرض هنا، بل التخلي عنها، بحثاً عن العيش بكرامة.
إن متابعة أمور اللبنانيين في دول الخليج أهم بكثير من الصراعات الداخلية، التافهة غالباً في نظر العالم، والبغيضة في نظر اللبنانيين في الخارج، والقاتلة لمن بقي في الداخل.
والعلاقة الجيدة بدول الخليج صبّت دائماً في مصلحة لبنان، ويكفي اليوم المرور في قرى الجنوب وبلداته، للتأكد مما فاضت به قطر بعد حرب تموز 2006، وهل ننسى عبارة "شكراً قطر" للرد على المملكة العربية السعودية آنذاك؟ وهل يمكن المرور عبر الاوتوستراد الدولي الى البقاع من دون ملاحظة اللافتات التي تشيد بالتقدمة الكويتية لإنجازه؟ وماذا عن المملكة التي دعمت اقتصاد لبنان وعمرانه على الدوام؟ كل هذا يقابل بنكران الجميل، ولا يبقى من البعض الا شكر سوريا التي احتلت البلد زمناً، وأذلّت قادته وزعماءه، والأهم شعبه العظيم الذي ما فتئ ينادي بالسيادة والاستقلال، ونهبت خيراته وشرّعت حدوده.
الالتفات الى اللبنانيين في الخليج ومحاولة معالجة أوضاعهم أولى الأولويات، لأن عودتهم راهناً الى لبنان، سيزيد الأزمة الداخلية والاقتصادية والاجتماعية تفاقماً، ولا أظن أن فريقاً يملك الحلول الناجعة لها، لذا من الأفضل تدارك المشكلة قبل استفحالها، ولتذهب حسابات بعض الأحزاب الى حيث يجب، لأن عيش الناس واستقرارهم وكرامتهم وأمنهم أغلى من هؤلاء الميليشيويين وحساباتهم.
nayla.tueni@annahar.com.lb
twitter:@naylatueni