شاشة - ملحم بركات حين هَسْتَر وفَقَد التوازن!

ضَرَب الموسيقار مزاجُ الإذعان إلى سذاجات الجوّ اللبناني، فشتم وأضحك الناس عليه. مسكينٌ على أيّ حال، حوَّل نفسه أضحوكة. ملحم بركات مسلَّحٌ حيناً وشتّامٌ أحياناً. يا للهول، مسّته لوثة السياسة وحجَّمه زاروبها. وعوض الحفاظ على هيبة المسيرة والعُمر، استسلم للهستيريا.


أمام الجمهور، عرَّج بركات من دوره كفنان إلى دور المهرّج. ولعلّ الضاحكين على شتائمه ضدّ كلّ مَن لا يريد النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية راقهم أنّ ثمن بطاقة السهرة شمل أيضاً وقفة استثنائية مع عالم السيرك. عصفوران بحجر: غناء وبهلوانيات. مسكينٌ الموسيقار وهو يؤدّي الدور باتقان. تنقصه، إلى الطابات، موسيقى "تاراراتاتا جنرال"، وعَصْبُ الرأس باللون البرتقالي. لكنّه اختار السُباب لتمجيد الظاهرة العونية وإضحاك جماهيرها. يُقال إنّ السنوات تمنح صاحبها إمكان النضوج، فلا يُجرّ إلى السخرية. ما حال بركات وهو يُراهِق كالصِبية ويسيء إلى الذات بلا اكتراث، ويشاء بالزلّات المُكلفة استمالة المصفّقين، وبالانتقاص من شأنه تسجيل موقف هزلي؟
مؤسف ماذا حلّ بالموسيقار من أجل نزوة. هستر وفَقَد توازن الفنان الرصين على المسرح. "عون أو لا أحد"، ليست بدعة جديدة في لبنان. شكراً، حفظنا الدرس غيباً. إنما الجديد ابتداع بركات الشتيمة لمغازلة البرتقالية وكسب رضاها. المسألة أبعد من كون الحفل خاصاً (لا تلفزيونياً) يقتصر على جمهور الفئة الواحدة، ومن الرأي الجاهز القائل إنّ الموسيقار عفويّ. شَتْم الطبقة السياسية رفضاً لأوجاع المواطن المقهور شيء، وشَتْم مَن لا يريد عون (أو أيّ زعيم) رئيساً شيء آخر مختلف، رغم أفضلية بقاء الفنان خارج زقاق المفردات واللفظ.
ليس القصد إدانة الشتيمة من منطلق الرقابة الأخلاقية. كلّنا يشتم ويفقد أعصابه. القصد أنّ بركات وسواه من فنّاني الرسائل السياسية يكرّس الشرذمة، وليس ثمة فارق بين مُقبِّل يدٍ أو حذاء وشتّام لأنّ الآخرين لا يريدون زعيمه رئيساً دون سائر البشرية. ظنّ الموسيقار أنّ اسمه يُبرّر هفواته. التاريخ لا يرحم يا رجل.


fatima.abdallah@annahar.com.lb
Twitter:@abdallah_fatima