مع خطوة الكتائب أو ضدها

يعتصم شبان كتائبيون منذ أكثر من أسبوع عند مدخل "مكب" برج حمود، مانعين دخول الشاحنات المحملة نفايات الى الموقع خوفاً من تحول ما يسمى "المطمر الصحي" مكباً عشوائياً تتراكم فيه النفايات لترسم جبلاً جديداً يتمدد شيئاً فشيئاً عند ساحل المتن الشمالي، محولاً تلك الواجهة البحرية مزبلة بعدما تمركزت فيها شركات النفط وحالت دون تحولها وجهة سياحية كما هي حال معظم الشواطئ اللبنانية. ومشهد جبل النفايات ليس بعيداً من الموقع، إذ لم تتم بعد معالجة جبل النفايات المنتصب منذ زمن.


يرى مؤيدون للخطوة أن حزب الكتائب يحقق خطوة متقدمة في الدفاع عن مصالح الناس، وإن كانت مصالح اهالي المتن الشمالي تتقدم لغايات وحسابات انتخابية، وانه يعبر عن المواطنين المتخوفين من عدم مضي الحكومة في خطتها، وان وعود المعالجة من المنشأ بعد أربع سنوات غير مضمونة النتائج، إذ إن استمرار الموقت وتحوله دائماً هو الواقع الذي اعتدناه في لبنان، وآخر تجلياته أمس التمديد لشركات مقدمي الخدمات في الكهرباء رغم الفشل الذريع في أدائها وعدم تمكنها من تحقيق أي من الأهداف التي رسمت لها.
ويحمل آخرون "فتى الكتائب" النائب سامي الجميل مسؤولية عودة تراكم النفايات في الشارع في عز الصيف، وتأثيرها السيئ على الصحة العامة والبيئة، كما على حركة الاصطياف والسياحة التي تقترب من خواتيمها مع اقتراب إعادة فتح المدارس والجامعات أبوابها، ويتهمونه بخطوة متسرعة في ظل عدم توافر خطة بديلة.
وإذا كان حزب الكتائب محقاً في مطالبه، أو غير محق، فيجب إظهار الحقيقة للناس، وقد ردد نواب أنهم سيكشفون حقائق. لكننا لم نعرف ما هي تلك الحقائق؟. النائب الجميل عقد مؤتمراً صحافياً عرض فيه الأخطار المحدقة بالمواطنين من جراء قيام مكب غير صحي، وعدم توفير المعالجة الصحية، وأدلى بدلوه في هذا المجال، واتهم الحكومة بالتقصير، ولم تقابله ردود واضحة إلا لناحية تمسك الحكومة بخطتها، وهو أمر أساسي في انتظام عمل المؤسسات، لكن مع الإصرار على تطبيق الخطة بحذافيرها، من دون اجتزاء وتلاعب وزعبرة وخطط موقتة.
أما بعد، فإن غياب الموقف الشعبي ينذر بما هو اخطر من النفايات، لانه يمثل الاستسلام امام النفايات السياسية، وخضوعاً لواقع مؤلم ما بعده خضوع. اهالي المتن وكسروان والمقيمون في هذين القضاءين معنيون مباشرة بما يجري، وعليهم اتخاذ موقف جريء، فإما انهم معترضون على خطوة الكتائب ويفضلون فتح "مكب برج حمود" بأي ثمن، والتعبير عن هذا الاستياء ضروري وملحّ، وإما ان يؤيدوا الاعتراض الكتائبي فينزلوا بأعداد كبيرة الى الشارع دعماً للحراك ويلزموا الحكومة واللجان النيابية إعادة النظر في الخطة وتعديلها وتطويرها ومراقبة حسن تنفيذها، لا الاكتفاء بالتفرج على ما يجري من حولهم كأنهم غير معنيين تماماً.


ghassan.hajjar@annahar.com.lb / Twitter: @ghassanhajjar