المطلوب قرار يُعيد لـ"المستقبل" قوة موقعه ودوره

على رغم أن الكلام الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله المنفتح "على رئاسة الحكومة بعد انتخاب رئيس للجمهورية"، لم يرق إلى مستوى المبادرة التي تستحق المناقشة او إلى مستوى العرض الذي يستدعي الدرس، فإن نقاشا جدياً بدأ داخل "تيار المستقبل"، حول هذين الاستحقاقين.


لم يكن الدافع الأساسي لهذا النقاش كلام نصرالله، بما أنه بدأ في الواقع قبله، وتحديداً عشية ثلاثية الحوار الوطني. بل كان دافعه حاجة فعلية داخل التيار "المستقبلي" إلى فتح الحوار حول الاستحقاقات المطروحة، انطلاقا من هواجس يعيشها الجمهور الأزرق حول تهميش يتعرض له في السلطة كما في الواقع، فرضه الاستهداف الذي يتعرض له زعيم "المستقبل" في الشأنين العام والمهني، والذي أدى إلى تراجع حضوره السياسي على الساحة الداخلية لقاء بروز أكبر لصقور التيار، نتجت منه تعددية أوسع في الطروحات، منها ما خرج عن سقف التيار فخرج منه، ومنها ما عارضه طارحا الكثير من الاسئلة عن الدور المستقبلي للتيار في المعادلة السياسية الداخلية.
يدرك كثر من قيادات "المستقبل" أن اللعب في الوقت الضائع الفاصل عن زمن التسويات ليس إلا لكسب النقاط وتحسين شروط التفاوض، مسلّمين الملف السياسي والامني اللبناني للاعتبارات الاقليمية والدولية التي تتحكم بقوة في مستقبل الوضع الداخلي.
يعي بعض هؤلاء أن ثمة فريقا سلّم أمره لإيران، اللاعب الاساسي في المنطقة، ولكن أكثر ما يقلق هذا البعض أن الفريق الذي سلّم أوراقه الى المملكة العربية السعودية، اللاعب الأبرز على الضفة الاخرى، يشعر بأنه يتيم الاب في ظل الانشغال السعودي الكامل عن الملف اللبناني. ويعلم هؤلاء أن "حزب الله" يدرك هذا الواقع، ويستغله في سبيل الضغط والنفخ بين أركان الصف الواحد من أجل شرذمته وإضعافه.
لذا تأتي طروحاته على شاكلة كلامه الاخير المنفتح على رئاسة الحكومة، بحيث يمدّ صنارة من دون أن يخشى إمكان التقاطها، لأن الكلام في الاساس ليس لفتح النقاش مع الحريري حول إمكان عودته إلى رئاسة الحكومة إذا وافق على انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، بقدر ما هو لطمأنة الجنرال الى أن الحزب متمسك به حتى لو كلفه ذلك عودة الحريري الى الحكم.
بالنسبة الى "تيار المستقبل"، ليس من عرض قدمه نصرالله لكي يصار إلى درسه، وكلامه لا يرتقي الى مستوى المبادرة، بل هو مخالف للدستور وغير مقبول، كما تقول مصادر "المستقبل"، مضيفة أنه ليس على السيد انتظار أي رد على شيء لم يطرح، مشيرة الى ان موقف التيار في هذا الشأن كان واضحا وقد عبّرت عنه الكتلة، ولو كان لدى الرئيس الحريري رأي مخالف لرأي الكتلة لكان عبر عنه وما كان للكتلة أن تبدي رأياً.
أما عن جدوى النقاش الداخلي، فترى المصادر أنه مهم ويتيح الاستماع الى كل الآراء والمواقف داخل التيار، تمهيدا للوصول الى قواسم مشتركة تساعد على بلورة الموقف الأخير، كما حصل في موضوع رئاسة الجمهورية والمواقف من دعم ترشيح النائب سليمان فرنجية.
لكن كل ذلك يبقى غير كاف في رأي المصادر إذا لم يتوج بقرار على مستوى القيادة من أجل استرجاع الممارسات الصحيحة التي ينتظرها الجمهور "المستقبلي".
نتائج الانتخابات البلدية في بيروت لا تزال حاضرة في النقاشات الداخلية، تماما كما تجربة اللواء أشرف ريفي في طرابلس. والأمران يشكلان دليلا على الحاجة إلى محفزات لاتخاذ القرار المطلوب الذي يستعيد فيه "المستقبل" موقعه والحريري جمهوره.


sabine.oueiss@annahar.com.lb