الراعي من عين موفق: مفتاح ازمتنا انتخاب رئيس وعودة الحياة للمؤسسات

اختتم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي زيارته الى بلدة عين موفق. وبعد الاستقبال الرسمي والشعبي الحاشد الذي تميز بالحضور الكثيف من المؤمنين، عزفت فرقة الكشاف الموسيقية التكريمية، ثم توجه مجتازا أقواس النصر التي رفعت بالمناسبة الى كنيسة مار شربل الجديدة حيث باركها وكرسها ليترأس بعدها الذبيحة الالهية، عاونه فيها المطران كميل زيدان، في حضور وزراء ونواب حاليين وسابقين وفاعليات سياسية ودبلوماسية وعسكرية وقضائية. وختمت القداس جوقة دير سيدة طاميش.


العظة


وبعد قراءة الانجيل، ألقى الراعي عظة بعنوان: "كان زكا يتشوق أن يرى يسوع"، ومما جاء فيها: "زكا العشار الغارق في شؤونه المالية والذي اعتبره الناس خاطئا، أزكى الله في قلبه الرغبة ليرى يسوع المسيح، والقديس شربل الذي نحتفل بتكريس كنيسته ومذبحه أزكى الله في قلبه رغبة رؤيته فرآه وأصبح من أعظم القديسين على وجه الارض، كل واحد منا أزكى الله في قلبه الرغبة لكي يراها ونحن نأمل أن نلتقي يسوع ليبدل حياتنا على المستويات كافة".


أضاف: "يسعدنا اليوم في عين موفق أن نلتقي وجوها محبة فيها رغبة لبنانية لمحبة الله ورغبة الخروج من مأزقنا السياسي. عين موفق بلدة صغيرة ولكن ايمانها وتطلعاتها كبيرة، انه زكا الشعار الخاطىء بحسب الشريعة اليهودية، ولكنه ليس كذلك بحسب تصنيف الله الذي يكلم قلب البشر، وهو أزكى في قلب زكا رؤية يسوع الانسان من داخله، زرع الله فيه التوق اليه. نأمل ألا يضيع منا هذا التوق. لقد نسي زكا نفسه وتسلق الشجرة لانه أخرج من حساباته ورؤيته ومشاريعه وانفتح ليرى يسوع المسيح فهو من يعنيه. المسيح يعرف كل واحد منا ويقرأ أفكارنا. لذلك علينا أن نكون تواقين لمعرفة الله أحسن".


وتابع: "مشكلتنا اليوم نود أن نعرف كل شيء ما عدا الله، هذا هو خطرنا في لبنان. يسوع لم يأت ليدين الناس بل ليحميهم ويحبهم، لذلك قال لزكا:" سأكون في بيتك اليوم"، فيسوع هو النور والاشعة التي تكشف كل ما هو في داخلنا، ونحن يجب أن نتمتع بالجرأة لنقف أمامه. لا من أحد يعترف بالغلط، لا الظلم ولا الاساءة ولا السرقة هي غلط، وهذا كله لاننا لا نريد أن نعترف بالخطأ، دعاؤنا اليوم أن نلتقي الرب على غرار مار شربل الذي التقاه، فالرب يتولى حياتنا ويمنحنا النعم . نصلي لكي نلتقي جميعنا بالرب، لنجد ذاتنا الحقيقية، وهذا هو المفتاح للخروج من أزمتنا انتخاب رئيس للجمهورية وعودة الحياة للمؤسسات الدستورية، لا يمكنني بناء حياة وطنية وأنا متمسك بموقفي، فالحقيقة العظمى هي عند الله وحده، وليست عند أي واحد منا".


وبعدها أكمل الراعي رتبة تكريس مذبح الكنيسة.


الهاشم


وفي ختام القداس، ألقى كاهن الرعية الاب اوغسطين الهاشم كلمة قال فيها:" تتشرف بلدة عين موفق بوجودكم يا صاحب الغبطة الذي يزهر فيها الأمل ولفتتكم الكريمة لهذه المنطقة وأهلها، ما هي إلا بركة ونعمة لرعاياها. لقد كان حلم بالنسبة الينا بناء كنيسة مار شربل، وتكريسها اليوم هو ترسيخ للبقاء وشهادة للعيش المشترك، أدامكم الله لنا حاميا جريئا عن الحق والقيم".


وقد قدمت رعيتا بعلشميه وعين موفق هدية تذكارية لغبطته.


شويت


وكان الراعي زار بلدة شويت المحطة الثانية من زيارته الراعوية، وزار كنيسة الام الحزينة في البلدة حيث استقبله الاهالي ورئيس البلدية والاعضاء والمختار، وبعد رفع الصلاة داخل الكنيسة، ألقى كاهن الرعية موريس شمعون كلمة ترحيبية نوه فيها بشعار "شركة ومحبة"، مؤكدا ان "شويت تعيش هذه الشركة مع الاخوة الدروز، وان هذه الزيارة جاءت لتعزز اللحمة بينهم".


ثم كانت كلمة نائب رئيس البلدية لويس النوار، قال فيها: "نعتز بزيارتكم ومحبتكم وحرصكم على الشراكة الوطنية وبخاصة في هذه القرية التي نحب، وتلتقي فيها الحدود بين درزي ومسيحي، نعتز بشعاركم شراكة ومحبة، ونحن اليوم أحوج ما نكون الى هذه المحبة".


الراعي


بدوره، شكر الراعي لأصحاب الكلمات، وقال: نحن مقيمون في هذه البلدة الأخوة الدروز والأخوة المسيحيون، الشعار الذي قدمتموه لي معبر جدا لانه يجسد اليدين الدرزية والمسيحية المرفوعتين فوق الأرزة".


وجدد دعوته الى "تكاتف اللبنانيين بمختلف مكوناتهم والتمسك بكيان لبنان"، داعيا الى الجهوزية التامة للقوى السياسية "لاتخاذ مبادرات وقرارات جديدة تكون لخير الوطن والأمة".


قاعة آل أبو سعيد الخيرية


بعدها، توجه الراعي والوفد المرافق الى قاعة "آل ابو سعيد الخيرية" في شويت، حيث كان في استقباله مشايخ البلدة والمنطقة ورئيس البلدية وسيم ابو سعيد وأعضاء المجلس البلدي والمختار جوزف النوار وجمعية سيدات "آل ابو سعيد" وأبناء البلدة.


بداية، ألقى الشيخ شوقي ابو سعيد كلمة رحب فيها بالراعي، متمنيا أن "تشكل حافزا لعودة أهل البلدة الى أرضهم".


ثم كانت كلمة رئيس الجمعية نديم ابو سعيد وصف فيها شويت بالبلدة النموذجية من حيث مناصفتها، آملا في ان "تدعم زيارة البطريرك وتعزز كل المشاريع التنموية في المنطقة، لانها ضرورة للمسيحيين والدروز لترسيخ العيش المشترك".


بعدها، ألقى كلمة الهيئة التوحيدية الشيخ عادل أبو سعيد، قال فيها: "مهما علت الأصوات وتنوعت المذاهب لا بد من اللقاء حول كلمة الاخلاص، وجودكم بيننا اليوم هو تكريس للمحبة وعنوان للايمان والفكر والموقف الشجاع، انه يحمل بشارة الخير والحوار والانفتاح والسلام، وما أنتم إلا لتتمموا هذه السيرة والتعاليم، رافضين أن نكون أبناء الظلمة، وجودكم هو منارة يا صاحب الغبطة في هذا الوطن، بوركتم وتعافت همتكم وتعالت كلمتكم، باسم الهيئة الروحية نشكر زيارتكم للدار، داركم وتشريفكم هو تأكيد على الوحدة الوطنية والعيش المشترك الذي تجسده شويت".


ثم ألقى الشاعر منير ابو سعيد قصيدة ترحيبية.


رد الراعي


بدوره، رد الراعي بكلمة مرحبا بالحضور، وقال: "إن شويت بأهلها الموحدين والمسيحيين نزورها في إطار الاحتفال بذكرى مرور 15 عاما على مصالحة الجبل، من الجميل أننا أتينا من الكنيسة الى دار الاخوة لنقول إننا أخوة منذ زمن بعيد، لذلك نحن نشدد على مسؤوليتنا المشتركة من خلال جهودنا مع بعضنا البعض وتاريخنا يشهد على ذلك. العودة الى الجبل لم تكتمل بوجود الصعوبات الاقتصادية والإنمائية، لذلك يجب أن نعمل معا لإكمال هذه العودة".


أضاف: "إن المصالحة من أعظم الامور في الحياة، وقداسة البابا فرنسيس جعل من هذه السنة سنة الرحمة"، وقال: "إنه أمام ما يشهده العالم من حروب ودمار فإن الانسان عليه أن يتذكر الرحمة. إن المصالحة الأساسية هي المصالحة مع الله، ومن ثم المصالحة مع الآخر، فلنتصالح أولا مع الله ونعيش بحسب شريعته، عندها تكون المصالحة بيني وبين المجتمع وأبناء بيتي، ومن ثم المجتمع السياسي وهذا ما نحن بحاجة اليه".


وختم الراعي: "علينا أن نتابع مصالحة الجبل على كل المستويات الروحي، العائلي، السياسي، الاجتماعي والوطني، التجارب والصعوبات تصدمنا لننضج ونتابع الى الأمام، لا تخافوا من هذه الصعوبات، بل بإحترام بعضنا البعض نتخطاها ونحافظ على بعضنا وعلى وطننا".


عين موفق


وفي طريقه الى بلدة عين موفق، كانت محطة من خارج برنامج الزيارة نظمها فرع الحزب التقدمي الاشتراكي عند مداخل رويسات - البلوط بالتعاون مع المجلس البلدي، حيث توقف موكب البطريرك، وكانت وقفة للراعي مع أهالي البلدة.


عاريا


وكان الراعي زار بلدة عاريا ايضا في اطار زيارته الراعوية الى عدد من بلدات أبرشية مار الياس المارونية، يرافقه راعي الابرشية المطران سمير زيدان وأمين سر البطريرك الخوري ايلي الخوري، وكان في استقباله النائبان حكمت ديب وناجي غاريوس وفعاليات البلدة.


ورفع قوس النصر على مدخل البلدة، وزينت الشوارع بالاعلام البطريركية واللبنانية، ورفعت اللافتات والصور المرحبة به.


وتوجه الراعي سيرا على الاقدام الى كنيسة سيدة النجاة في البلدة، حيث استقبله كاهن الرعية موريس شمعون وحشد من المؤمنين، تقدمهم فرقة موسيقية عزفت الاناشيد وحملة الرايات من أخوية وحركات كشفية ورسمية وفرسان وطلائع وسط حضور أمني كثيف.


وبعد منحه البركة للمؤمنين من داخل الكنيسة، توجه الى صالون الكنيسة حيث
ألقيت الكلمات الترحيبية بحضور نواب المنطقة ناجي غاريوس وحكمت ديب ووفد من أهالي الكحالة تقدمهم نائب رئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي ومختار البلدة جان انطون.


شمعون


وألقى الكاهن موريس شمعون كلمة اعتبر فيها "إن زيارة غبطته هي بركة للبلدة وللكنيسة التي كانت الملجأ الاول زمن الحرب"، لافتا الى ان " الكثير من الصعاب مر على البلدة، ولكن أبناؤها لم يتخلوا عن إيمانهم بكنيستهم المعروفة بسيدة النجاة العجائبية ووطنهم الغالي لبنان".


بجاني


ثم أشار رئيس البلدية بيار بجاني في كلمته، الى أن الزيارة "باركت الارض والرعية"، وقال:" تفتخر عاريا باستقبالكم رسول محبة وسلام وداعية صمود وبقاء ومؤتمنا عن كيان صنعه البطريرك الحويك وأتى باستقلاله البطريرك عريضة وصانه البطريرك صفير. عاريا تؤكد انها بوابة الحوار والعيش الواحد في زمن السلم، كما كانت السد المنيع دفاعا عن الجبل في زمن الحرب، فقد رفضت الاستسلام والخنوع في أحلك الظروف، وتعدكم بانها ستبقى أمينة على خط بكركي والبطاركة، القيامة لا بد آتية بعد الجلجلة التي يجتازها لبنان ودول المنطقة، كذلك الموارنة الذين لن يركعوا في هذا الشرق أثبتوا على مر التاريخ انهم لا يهابون الآخر ولا يخافون التنوع لانهم رواد العيش بسلام مع الآخر.انهم لا يعرفون الإحباط لانهم تلاميذ من غلب الموت بالموت".


وفي ختام كلمته، قدم رئيس البلدية مفتاح البلدة لصاحب الغبطة، قائلا: "نقدم لكم مفتاح بلدتنا ونودعه بين أيديكم أمانة ضامنة للوجود الحر، وعربون إيمان راسخ بالخط التاريخي لبطريركية انطاكيا وسائر الشرق من يوحنا مارون الى بشارة الراعي".


الراعي


بدوره، ألقى الراعي كلمة شكر فيها لأبناء البلدة حفاوة الاستقبال وترتيب الزيارة التي اهتم فيها راعي الابرشية كميل زيدان، شاكرا له "إتاحة المجال للقاء هذا الشعب الطيب".


وقال:" نشكر لكم مفتاح البلدة، ونعتبر اننا تسلمناه البارحة، إذ من دونه لما كان بإمكاننا دخول البلدات التي زرناها، فعاريا بوابة الدخول من أبرشية بيروت الى أبرشية انطلياس، ونقول لكم إبقوا باب الصمود والتضحية للحفاظ على وطننا، كما نحيي أرواح الشهداء الذين سقطوا، وكلنا نعلم أن دماءهم أعطت حياة جديدة للبلدة، ووسط الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها بنيتم دور العبادة وهذه علامة إيمان كبيرة للبنان، نحيي جارتكم التوأم الكحالة. نعم لقد مررتم بظروف صعبة في الماضي ولكن آباؤنا وأجدادنا تمكنوا من الصمود وحافظوا على الوحدة حتى وصلوا مع البطريرك الحويك وكل الارادات الطيبة الى لبنان الكبير التي هو تحفة الشرق الاوسط".


أضاف: "لنتكاتف اليوم من مجتمع سياسي وجماعة أهلية واجتماعية وكنسية للحفاظ على هذا البلد، هذا هو التحدي، ومن جديد نطالب الجماعة السياسية الممثلة معنا اليوم بحضور النائبين وممثلين عن الاحزاب والتيارات السياسية، بأن يكون للدولة رئيس للجمهورية".


وقال: "هناك فساد كبير وجمود كبير نوابنا الأحبة، بلدنا لم يعد يحتمل، ومهما كلف الامر يجب على المجتمع السياسي أن يجد التسوية اللازمة لإيجاد مدخل لانتخاب الرئيس، ونحن نساندكم بصلواتنا. كذلك يجب أن نضع سدا بوجه الهجرة، وهذا ما نطالب به المجتمع الدولي بأن يفصل مشكلة الرئاسة عما يدور في المنطقة، ولكن في المقابل علينا نحن كلبنانيين ان نتخذ قرارا شجاعا حازما وطنيا داخليا لحل مشكلتنا".