المدير الفني لفريق الصفاء لـ"النهار": فريقنا استحق اللقب ونهضة الكرة اللبنانية بتطبيق شعار "كرة القدم لأبنائها"

نمر جبر

 


لم يكن أكثر المتفائلين في نادي الصفاء يتوقع ان تتكلّل مشاركة الفريق في بطولة الدوري بإحراز اللقب للمرة الثالثة في تاريخه، بعد موسمي 2011 – 2012 و2012 – 2013 بقيادة المدرب العراقي اكرم سلمان، في ظل ازمة مالية حادة عانى منها النادي منذ نهاية الموسم الماضي وادت الى تعذر تسديد مستحقات اللاعبين ودفعت الادارة للاستغناء عن احدهم لسد العجز والوفاء بالتعهدات.


كما أن البعض اعتبر مهمة المدير الفني للفريق المدرب الوطني الكابتن اميل رستم بقيادة الفريق بالصعبة لا بل بالمستحيلة. لكن الاخير اثبت انه رجل المهمات غير السهلة بعدما اعاده الى سكة الالقاب من خلال تشكيلة متوازنة ومتجانسة في مختلف الخطوط تمكنت من تصدر الدوري 20 مرحلة متتالية.


"النهار" زارت رستم، الذي اصبح أول مدرب محلي يحرز اللقب مرتين مع فريقين مختلفين، في مكتبه في وزارة الشباب والرياضة وكان حديث عن فريق الصفاء وجولة افق حول واقع كرة القدم وحاضر ومستقبل فريق الصفاء.


* كيف تقوّم مستوى دوري الموسم الماضي؟
- افضل من الموسم الذي سبقه وفق ما اجمع عليه جميع المراقبين، والامر يعود الى المنافسة الشديدة التي استمرت حتى المرحلة الاخيرة. وهذا التنافس يعزز قيمة الدوري مع الامل بانضمام فرق اخرى الى حلقة المنافسة ما يرفع من وتيرة الدوري. اما الامر السلبي فهو فترة الراحة الطويلة التي تلحق ضرراً باللاعبين ويصبح من الصعب تعويضها بسهولة. والغياب شهرين عن اللعب يستدعي شهرين من التحضير ليعود الى مستواه الذي كان عليه قبل توقف الدوري. وتحديد موعد 9 ايلول لانطلاق الموسم المقبل مؤشر جيد على أمل ان يكون اطول من الموسم السابق.


* مقارنة بالمواسم السابقة، هل المستوى الفني في تقدم او تراجع؟ ولماذا؟
- هناك عدة عوامل لتطور المستوى الفني للاعب، وهذا التطور يبدأ من الفئات العمرية. وهناك الكثير من الفرق التي تعتمد مدرباً للفئات العمرية اشبه بناظر يراقب لا يعلم ولا يتدخل. فمدرب الفئات العمرية يجب ان يكون لديه خبرة فنية وتدريبية وان لا يكتفي بملاحظات شفهية بل ان يعمد الى التطبيق العملي امام اللاعبين.


* كيف تقوم مستوى اللاعب الاجنبي في الدوري؟
- غير مرضٍ، فغالبية النوادي تستقدم لاعبين اجانب لاستكمال التشكيلة. والمضحك المبكي ان بعض ادارات الاندية تعد بلاعب اجنبي "سوبر". والسؤال الذي يطرح نفسه اين هو اللاعب الاجنبي السوبر الذي يريد او يرغب ان يلعب في الدوري اللبناني. علينا التواضع والبحث عن لاعب اجنبي اعلى مستوى بعشرين في المئة على الاقل من اللاعب اللبناني ليتمكن من اضافة شئ على الفريق. فاللاعب اللبناني يستحق اكثر مما هو حاصل عليه وهو مظلوم من جميع النواحي.


* ما هي الوسيلة الافضل لرفع المستوى؟
- الوسيلة الانجع هي بتفعيل الفئات العمرية في كافة الاندية واختيار مدربين مختصين لرعايتهم وتدريبهم. فالبناء القوي يرتكز على اساسات متينة وصلبة للصمود في وجه العواصف، وفي كرة القدم الفئات العمرية هي الاساس لبناء صلب للعبة، ويجب على الاتحاد ايلاؤها العناية اللازمة والزام الاندية بتشكيل فرق للفئات العمرية غير وهمية وبدل صرف الاموال على الاجانب صرفها على الفئات العمرية لتحسين اللعبة وتطويرها.


* لماذا اميل رستم وافق على تدريب الصفاء بعد ابتعاد عن الملاعب دام سنوات؟
- الصداقة لعبت دورها مع غسان ابو دياب وجهاد محجوب، والاجتماع مع الادارة لم ياخذ اكثر من ربع ساعة لنتفق ونمضي قدماً.


* ما هي الصعوبات التي واجهتها في مهمتك؟
- دخلت الى نادٍ مضروب بزلزال من الموسم الاسبق. اللاعبون في وضع لا يحسدون عليه ومن دون اي مورد منذ اكثر من سبعة اشهر. كان لدي مطلب واحد من الادارة بعدم التخلي عن اي لاعب قبل ان التقي بهم. كان هناك شبه مجموعات جاهزة للانتقال الى فرق اخرى. بعد اول حصة تدريبية رفعت لائحة بـ25 لاعباً من اصل 35 للاحتفاظ بهم مع الموافقة على التخلي عن الاخرين. وما ساهم في تسهيل مهمتنا ان الادارة اكدت على دفع المستحقات فور دخول مبالغ كانت منتظرة وحددت مهلة شهر كانون الثاني حداً اقصى لتسديدها مع تعهد بدفع الرواتب شهرياً من دون تاخير. انطلاقاً من هذه المعطيات باشرنا العمل وسط اطمئنان اللاعبين خصوصاً ان الادارة وفت بوعودها عندما اضطرت للتخلي عن احد اللاعبين لمصلحة نادٍ شقيق حتى لا يقال انها اخلت بوعودها.


* هل كان لديك مطالب لم تنفذ او تجاهلتها الادارة؟
- لم يكن لدي اي مطلب شخصي، كل ما اردته هو الاحتفاظ باللاعبين وتأمين الرواتب ودفع المتأخرات وقد نفذتها الادارة مشكورة.


* ما هي الاستراتيجية التي وضعتها وادت الى احراز اللقب؟
- لدي مجموعة من اللاعبين لديها مستوى متميز وقد أعطوا ما لديهم من خلال صدق العلاقة التي تربطني بهم والثقة المتبادلة. وقد اعطوا ما لديهم من كفاءة وقدرة ولم يبخلوا بأي مجهود ما ساعد على التفوق واظهار امكاناتهم لاحراز اللقب الذي يستحقونه. لقد تصدر الفريق ترتيب الدوري 20 مرحلة متتالية وخسرها مرحلة واحدة من اصل 22 قبل ان يستعيدها. لذا الفوز باللقب كان منطقياً وفيه شيء من العدالة.


* هل قدمت وعداً للادارة باحراز اللقب قبل تولي المهمة؟
- لم اعد الادارة بشيء، وهي بدورها لم تطلب مني اي شيء. جئت لترتيب الوضع وكان هناك ثقة متبادلة بين الادارة والجهاز الفني واللاعبين ما ساعد على سير الامور بطريقة صحيحة وسليمة. هناك الكثير من اللاعبين اعترفوا بان الموسم الماضي كان افضل موسم لهم من الناحية الفنية وهذا الامر يسعدني ويفرحني لانني تمكنت من اخراج كل الطاقة والقدرة التي يملكونها، وهذه الفرحة توازي الفرحة بالفوز باللقب.


* ما الفارق بين لقب موسم 2008 – 2009 مع فريق النجمة، ولقب موسم 2015 – 2016 مع الصفاء؟
- كل انتصار له طعمه الخاص وفرحته ووهجه ويولد شعوراً خاصاً. وكل انتصار جديد هو تاكيد على تتويج لقدرات تملكها وتتمكن من ابرازها عندما يكون بين يديك وسائل قادرة على ترجمة هذه الامكانات. ووجود اشخاص الى جانبي مثل ابو غسان ابو ذياب وجهاد محجوب وعبد الحكيم حرب وقبله ناصر بختي وصبحي الشيخ في الجهاز الفني تجعل هذه الامور سهلة للغاية. حلاوة اللقب مع الصفاء انه جاء بعد معاناة وصعوبات تم تخطيها، بينما مع النجمة موسم 2008 – 2009 كان النادي في حالة استقرار.


* من هو الفريق الذي كنت تخشى مواجهته؟
- كل الفرق من دون استثناء. لا يوجد في الدوري مباراة سهلة او خصم سهل. في كرة القدم كل مباراة هي نهائي، وكل مباراة فيها ثلاث نقاط، واذا كان لدينا طموح للمنافسة يجب ان نحصل على النقاط كاملة ونلعب بجدية ودون استخفاف او استهتار.


* هل تعتبر ان المدرب اللبناني تفوق على المدرب الاجنبي؟ ولماذا؟
- انا دائما متعصب للبنان. واقف الى جانب اللاعب والمدرب والحكم اللبناني، واعتبر ان مدربين مثل الحاج محمد حمود ووارطان غازاريان وموسى حجيج وجمال طه وفؤاد ليلا وفؤاد حجازي ومحمد الدقة ومالك حسون وفادي العمري وسهاد زهران ومحمد زهير هم طليعة جيل من المدربين الذين يجب ان يثبتوا قدراتهم ووجودهم ويكونوا قدوة لمن سيلحق بهم لان لديهم تاريخاً واسماً وامكانات والمستقبل لهم.


* لقد تراجع اداء الفريق في المراحل الاخيرة بعدما مني بخسارتين امام شباب الساحل والانصار وكاد يخسر فرصته باحراز اللقب في الامتار الاخيرة، لماذا؟
- تراجع المستوى عائد لغياب خمسة لاعبين من التشكيلة الاساسية التي ساهمت بتصدر الفريق لمرحلة الذهاب، وهم نور منصور التي اضطرت الادارة للتخلي عنه لسد العجز والايفاء بالوعود، وحمزة سلامة الذي غادر لاسباب بقيت غير معروفة، والحارس مهدي خليل وحسن هزيمة اللذان خضعا لعملية جراحية، ومحمد حمود الذي عانى اصابة حرمته من المشاركة. وفي المباراة امام شباب الساحل انضم اليهم كل من علي السعدي ومحمد حيدر اللذين هما قلب الفريق وروحه. فهل هناك فريق تغيب عنه كل هذه العناصر وقادر على الصمود؟ لقد كان الامر مزعجا وتمكنا من تخطيه، لقد كانت مباراة شباب الساحل مفصلاً، وبعد انتهائها دخلت غرفة الملابس وخاطبت اللاعبين "خسرتم المباراة التي مسموح لكم خسارتها، والمباراة القادمة امام العهد ممنوع ان تكون نتيجتها سوى الفوز". ودعوتهم في اليوم التالي الى حصة تدريبية وخلالها تأكدت اننا سنفوز في الدوري بعدما لمست ردة فعل اللاعبين التي بلغت حماستهم درجة مطالبتهم بحصة تدريبية يوم الاحد.


* الا تعتقد ان الاستغناء عن محمد حيدر والحارس مهدي خليل يضعف تشكيلة الصفاء؟
- ادارة الصفاء لا تقف في وجه اي فرصة للاحتراف في الخارج تسنح للاعبيها. خسارة محمد حيدر والحارس مهدي خليل كبيرة في حال احترفا في الخارج. ولكن ليس في اليد حيلة ولا يمكن الوقوف في وجه مستقبلهما.


* اين اصبحت الازمة المالية؟ وهل يقلقك الامر؟
- من الخطا اعتبار الازمة المالية غير مقلقة، ولكن ما يبدد هذا القلق انها اصبحت في مراحلها الاخيرة.


* باق مع الصفاء في الموسم المقبل؟
- هذا القرار يعود اولاً للادارة، ولكن لكي ابقى يجب على المسؤولين في النادي ان يظهروا ويبرهنوا انهم يرغبون في العمل لتطوير مستوى الفريق.


* لماذا لا ترتبط بعقد رسمي وتتقاضى راتباً شهرياً أسوة ببقية المدربين؟
- الارتباط الشفهي اهم من اي توقيع. وانا التزم بما اتعهد به.


* هل تلقيت عروضاً من فرق اخرى؟
- دائما هناك عروض. في المرحلة السابقة لم يكن لدي الرغبة في العودة الى التدريب. لان كرة القدم تبقى بالنسبة إلي شغف وليس وظيفة او مهنة.


* هل تؤيد نظام احتراف يضمن الحقوق ويرفع من شأن اللعبة؟
- طبعا بدءاً من الادارة وصولاً الى اللاعبين مروراً بالمدربين والحكام. في لبنان العادة ان المسؤولين في اي قطاع وليس فقط قطاع الرياضة يستدعون ازلامهم واقاربهم الى اللجان ويكلفونهم بمهام ولا يستعينون باصحاب الخبرة والكفاية، والامور لن تصطلح في كل القطاعات وقطاع الرياضة في شكل خاص الا عندما يتغير هذا السلوك ويطبق مبدأ "الرجل المناسب في المكان المناسب".


* هل تعتقد ان آفة التلاعب والمراهنات منتشرة في الدوري ام هي مجرد شائعات مضخمة؟
- افة تدمر الرياضة وليس كرة القدم. وعلى الدولة ان تتعاطى بجدية لمنع ضرب المجتمع. فالرياضة تعكس حضارة ورقي المجتمع. والتلاعب والرشى آفة تضرب المجتمع كمرض عضال. واعتقد انه يجب استعمال وسائل اقوى في ردع هذه الآفة كتسليم المشتبه فيهم او المتورطين الى دوائر الشرطة.


* خائف على مستقبل اللعبة؟
- لست وحيدا لديه هذا القلق. كرة القدم يجب ان تدار من اصحاب الاختصاص. فنهضة فرنسا الكروية جاءت تطبيقاً لشعار "كرة القدم لابنائها"، وادعو لاعتماد هذا الشعار في لبنان واسناد مسؤولية ادارة اللعبة في كافة المجالات الى مختصين من اصحاب الكفاءة.


* الى متى ستستمر في عالم التدريب؟
- طالما لدي الرغبة وعندي "لذة" واستمتع في هذا العمل الذي يستهويني منذ سنوات طويلة.


* هل يمكن ان نراك مجددا في منصب المدير الفني للمنتخب الوطني او في منصب اداري في الاتحاد؟
- الموضوع غير مطروح حالياً. لدي شعور لا بل كل الحماس بانني قادر على خدمة كرة القدم اللبنانية. واطمح لابعد من المدير الفني للمنتخب الوطني، ولا اخفي رغبتي في منصب المدير الفني للاتحاد الذي من مهامه الاساسية وضع الاسس والثوابت لنهضة كرة القدم.